Friday 19th of April 2024
 

عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 

مواقع التواصل الاجتماعي

 
 
  • التاريخ
    27-Mar-2011

مثقفون يدعون إلى إصلاح حقيقي لخطاب الثقافة ومؤسستها

الدستور -

عمان ـ الدستور ـ

هبت رياح الإصلاح والتغيير على الأردن والمنطقة، وإذا كانت هذه الرياح تتحدث في المجمل عن ضرورة الإصلاح السياسي، فإن عددا من الأدباء والمثقفين في الأردن بدأوا ينادون بضرورة إجراء إصلاح ثقافي أيضا، بحيث يشمل هذا الإصلاح الخطاب الثقافي نفسه، وكذلك المؤسسات الثقافية المعنية بالشأن الثقافي ومشاريعها، وفي مقدمة ذلك وزارة الثقافة، التي يعتقد كثير من المثقفين أنها بحاجة إلى إصلاح حقيقي، انطلاقا من مجموعة الأسئلة التي تواجه الوزارة ومؤسساتها وخطابها ومشاريعها في علاقتها المباشرة مع جمهور المثقفين.

«الدستور» تقدم في هذا الاستطلاع رؤية عدد من المثقفين الأردنيين، لما يمكن تسميته بالإصلاح الثقافي الذي يتطلعون إليه، انطلاقا من كون الثقافة هي الحاضن الأكبر للحوار الذي يمكن أن يؤسس لوعي إصلاحي جاد في العناوين السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

مواجهة سؤال الثقافة بشيء من الصراحة

الباحث والكاتب نايف النوايسة يقول إن الحياة بمجملها مشروع ثقافي، لكن إشكالات الحياة والغرق في المشاكل اليومية تبعد الإنسان عن التعبير بالحلم الثقافي الجميل، وهذا ما حصل في الأردن في الآونة الأخيرة حين خلت كثير من الخطابات الحكومية من الإلماح للشأن الثقافي، الذي أعده شأنا مهما لإعادة إنتاج الإنسان السوي، حتى يكون لائقا لمواجهة أعباء المستقبل.

ويضيف النوايسة انه أمام ما يجري في العالم الآن، نحن جميعا مدعوون، في الأردن والمنطقة، للنظر بعمق، من دون التغني بالتاريخ، إلى مستقبلنا الثقافي، وهذا يحتاج إلى وقفة فيها حكمة وجرأة، في وقت علينا فيه أن نواجه سؤال الثقافة بشيء من الصراحة، من دون أن نجنح إلى تكديس الأسئلة الكثيرة والقضايا المتعددة، مؤكدا انه علينا أن نواجه هذه القضية، المقصود بها الإصلاح الثقافي، مواجهة صادقة، وان نبدأ بالإصلاح الذي يبدأ من الإنسان نفسه، وأن نتساءل في الوقت ذاته، هل إنساننا في الأردن مستعد لمواجهة الإصلاحات الثقافية؟ لننتقل بعد ذلك إلى مساءلة الكثير من القضايا الثقافية المرتبطة بشكل لا يمكن فصله عن القضايا الأخرى، وفي مقدمتها قضيتنا المركزية «فلسطين»، وهي كما أراها قضية ثقافية متعلقة بروح الإنسان وأخلاقه ووجوده في المنطقة.

ويرى النوايسة أن الخطوة الأهم في الإصلاح الثقافي تكمن في التوجه إلى من يمتلك الوسائل، بما فيها الوسائل القمعية، لأن فضاء الثقافة هو من أهم الفضاءات الذي يمتلك قدرة استيعاب الآخر، وكأننا في مرحلة نشوة جديدة، لذلك علينا أن نستعد لتقديم التضحيات، لان التغيير والإصلاح يحتاجان إلى شهداء، ويحتاجان أيضا إلى مغامرين جدد، وهذا ما يشبه الفترة التي تسبق شروق الشمس أو تلي شروقها.

ويرى النوايسة أيضا انه علينا الخروج من حالة السديم، التي لا نعرف إن كنا فيها في ظلام أو نور، وتظل عملية تفتيح القلوب والعقول مثل عملية تفتيح العيون، وهو ما اعنيه من ضرورة رجحان كفة الخطاب العقلي على أي خطاب آخر.

غول السلطة على الثقافة حالة ملموسة

من جهته يرى القاص والروائي عدي مدانات أن التغيير على الأصعدة كافة هو عنوان المرحلة، فإذا كان الإصلاح السياسي مطلبا ملحا فإن الإصلاح الثقافي لا يقل إلحاحا عنه، ثمة تلازم بالضرورة، كما يقول مدانات، بين الإصلاح السياسي والثقافي، فإذا استحوذ الإصلاح السياسي على اهتمام الجماهير الواسعة فإن التغيير الذي سينجم عن ذلك سيؤدي إلى تغيير في البنية الثقافية وفي الخطاب الثقافي أيضا، وهذا من شأنه أن يدفع إلى تغيير في المؤسسات الثقافية القائمة، رسمية كانت أم شعبية، لأنه من غير المعقول أن تنفجر الثورة السياسية وتحقق أغراضها مع بقاء المؤسسات المنحازة للنظام السابق على هياكلها الصماء والمتخلفة، ومن ضمنها المؤسسات الثقافية.

ويرى مدانات أن تغول السلطة على الثقافة ومصادرة دورها، أنه حالة ملموسة ومعروفة، وهذا يملي على المثقفين ضرورة المشاركة الواسعة في حركة التغيير والإصلاح بأدواتهم الثقافية حتى تتكامل المطالبة بالتغيير، لتشمل تغيير النظام السلطوي القمعي، وكافة المؤسسات المنبثقة عنه، بانهيار هذا النظام السلطوي القمعي، ليتقدم الشأن الثقافي إلى الأمام، ويتحرر، فالأمر منوط بقوة الدفع وبمشاركة كل الفعاليات في العمل من أجل الإصلاح والتغيير، الهدم والبناء، وهذا يملي على المثقفين أن يسهموا بكل ما لديهم من طاقة في هذه العملية الثورية.

ويؤكد مدانات أن الثقافة التي تنزوي وتنفصل عن حركة الجماهير هي ثقافة بائسة، أو هي ضد الثقافة أصلا، فلا يمكن عزل الثقافة عن الناس، ولا يمكن لها أن تقيم لنفسها كيانا سلبيا خاصا، وإلا أصابها الذبول والموت.

وحول دور المثقف في آلية التغيير يقول مدانات أن التاريخ أكد أن المثقفين كانوا على الدوام في طليعة الثورات الجماهيرية، وأن منهم من ربط نفسه بالأنظمة الرجعية ومثل هؤلاء سيكون مصيرهم مرتبطا بمصير هذه الأنظمة وبسقوطها يسقطون.

التاريخ : 27-03-2011