نصائح العلاقات العاطفية على «السوشيال ميديا»... نشطاء كُثر وكلٌ يُدلي بدلوه
بعض النشطاء يستمدون القوة من تخصصهم في علم النفس فيما الغالبية يستندون إلى آرائهم الشخصية
هديل عطا الله
غزة -الشرق الاوسط- أسئلة ونصائح لا حصر لها تعجّ بها مواقع التواصل، ينشرها نشطاء ومدونون؛ وقد بات من المألوف أن يتابعهم الجيل الجديد بِنهم، وكلهم أمل أن يجدوا ضالتهم في حلول لمشكلاتهم المستعصية. بعض من هؤلاء النشطاء يستمدون القوة من تخصصهم في علم النفس والاجتماع، فيما الغالبية منهم يستندون إلى تجاربهم وآرائهم الشخصية وبعض من معايشات الآخرين. أما الضليع في الحياة فمن المؤكد أنه سيرمي إليك بسترة الإنقاذ.
وفي أكثر العلاقات الإنسانية حساسية، تسعى العناوين البراقة عبر هذه المنصات إلى تبديد الحيرة؛ ويبقى التساؤل إذا ما كانت حقاً تأخذ بيد من يتعلقون بقشة إلى الاستقرار العاطفي، أم أنها لا تعدو عن تسويقٍ لجذب أكبر عدد من المتابعين.
د. لميس شعبان، متخصصة في علم النفس العيادي، وحاصلة على الدكتوراه في التنمية البشرية؛ كما أنها درست الإعلام، لتصنع من ذلك كله مزيجاً ساعدها في الجمع بين التجربة العلمية والشخصية، لتتناول الأفكار المشوشة في عقول الفتيات والشباب على حد سواء، باحثة عن مَخرج مناسب لها.
تقول د. شعبان لـ«الشرق الأوسط»: «قررت تطوير عملي بالاتجاه نحو (السوشيال ميديا) بعد أن وجدتُ وسائل التواصل متاحة، وكوني أمتلك الخبرات التقنية بحكم اختصاصي في الإعلام، فإنني تمكنت من فتح أكثر من موقع عبرها مثل (يوتيوب) و(فيسبوك)؛ ولاحظتُ تعطش الناس لخبرات ونصائح تتصل بالثقافة النفسية، وقلما نجدها في وسائل الإعلام العربية التي تقتصر عادة على البرامج السياسية أو الفنية».
وبحسب ما تخبرنا به د. شعبان، فإن السواد الأعظم من المتابعين يستخدمون الهواتف الذكية من مختلف الأعمار؛ ليتسنى لهم اختيار المحتوى الذي يرغبونه. وتتحدث عن الدور الذي تقوم به في هذا الصدد: «بحسب تجربتي، فإن علم النفس والإعلام ليس بعيداً بعضهما عن بعض، فمن صميم أدوار الإعلام أن يكون توعوياً، وليس ترفيهياً فحسب؛ وهذا ما أحاول فعله (التوعية)، ولا سيما أن علم النفس يعتمد على إدراك السلوك والتنبه لأسبابه ونتائجه، وحينها يتعدل السلوك بطريقة أو بأخرى، وعندئذٍ يمكن حل غالبية المشكلات العلائقية والنفسية والاجتماعية».
لا يختلف اثنان أن وسائل التواصل تركت الحبل على الغارب؛ والكلام لـد. لميس شعبان، التي تشرح مقصدها: «لا شك أن وسائل التواصل تطلق العنان لإظهار القدرات، وتتيح للمتابعين اختيار ما يلبي اهتماماتهم؛ وفي الكفة الأخرى من الميزان هناك أشخاص غير مؤهلين ليسوا من أصحاب الاختصاص، أتاح لهم الموبايل التعبير عن أفكارهم بالصوت والصورة؛ قد يقدمون معلومة خاطئة تقود إلى مآلات لا يُحمد عقباها؛ ولكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح؛ لأن المتابع لديه القدرة على وزن الأمور بالشكل السليم؛ فإذا ما تلقّى نصيحة من شخص غير كفء، وطبقّها ولم ينتفع بها، فإنه ستهتز ثقته به وسيتوقف عن متابعته. أما إن أخذها من متمكن فإن عقدة حياته قد تُحل وستزيد ثقته بهذا الخبير، وعلاوة على ذلك سيدعو أصدقاءه لمتابعته».
«لا تندفعي بكل ما فيكِ... فإنّ بعض الرجال إذا ملكوا قلوب النساء أفسدوها»، «الحب رحمة، ولو أدرك كل شخص ذلك قبل أن يدخل أي علاقة، لما تجرأ على إهانة من يحب ولا أن يُؤذيه ولا أن يُبكيه»، «لا تكن صعباً على امرأة، وهي تحارب الصعاب كلها من أجلك»، «إيّاك أن تخسر امرأة رأت كُلَ عيوبك، وما زالت تحبك»... هذا بعض ما ينشره الكاتب الكويتي سعد الرفاعي على مواقع التواصل، فيما تلقى فيديوهاته ومنشوراته المُتزنة متابعة عالية.
يعرّف الرفاعي نفسه، بالقول: «لا أملك أي شهادة علمية؛ لديّ فقط شهادة تخصص بالمحاضرات لأقدمها بشكل مشروع»... إذن هو أنموذج آخر في هذا العالم الفسيح، صدر له عدة كتب، منها «الحب وما حوى»، و«خذ بيدي».
يستهل حديثه مع «الشرق الأوسط» بالقول: «بدأت بطريقة تقليدية؛ كنت أُوثّق كل ما أتعلّمه من خلال استنتاجاتي، ووجهة نظري الخاصة، التي ترتبط دائماً بالعقل والمنطق وفهم ما يجري حولي، دون أن أشطح بعيداً عن المألوف، ورغبت في المساهمة بما أرى فيه فائدة للجميع من خلال النشر على مواقع التواصل، لما رأيت فيها من سهولة الوصول».
أكثر المشكلات التي تردِه تتعلق بالعلاقات الزوجية وعدم فهم كل طرف للآخر؛ مؤكداً أن مواقع التواصل الاجتماعي بما تنقله من معلومات بيسر ساهمت في تغيير كثير من الناس نحو الأفضل؛ محذراً من أن يأخذ المتابعون المعلومة دون تفكير وتمحيص.
ويبدي سعادته ورضاه إزاء متابعة كثيرين له في أوساط الوطن العربي وتداول مقاطعه بشكل يفوق توقعاته.
«هناك من يرى أن التسلح بالاختصاص العلمي لا غنى عنه في طرح هذه القضايا الحساسة... ماذا عنك؟»؛ يجيب بثقة: «الشهادات العلمية حسب القوانين الوضعية مهمة وضرورية من أجل الوظيفة وإثبات المهارة العلمية، ولا أحد يستطيع التقليل من شأنها، لكن بعض الأمور لا نتعلمها إلا بالتجارب والتعمق فيها لاكتساب خبرة. ولا أرى أي عائق لنقلها للآخرين من دون شهادة».
حديث ممتع لم يبخل فيه الرفاعي بالنصيحة على أي شخص يتطلع إلى أن يكون خبيراً في هذا المجال، ليتخذ من الإعلام الجديد منصة له، قائلاً: «بادر بفهم الأمور جيداً قبل الانطلاق، وآمل ألا تندفع، وعوّد نفسك على تقبّل الاختلاف، ولا تركن دائماً إلى رأيك وكأنّه قول مقدّس لا جدال فيه. حاول أن تفهم طبيعة المجتمع وأحواله وعاداته وتقاليده، ليتسنى لك أخذ الأمور، خطوة خطوة نحو الإصلاح».