عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    03-Oct-2019

كيف يستقبل الأردنيون فصل الخريف؟

 

عمان-الدستور - ديمة جعفر الدقس - في كل عام نستقبل فصل الخريف باحتفاء واشتياق بعد أشهر من وطأة لهيب أشعة الشمس الحارقة، فهو فصل الهدوء والراحة حيث تغيب الشمس خلف الغيوم في معظم أوقات النهار، فيسود اللون السكني الغامق في بداية اليوم ونهايته واللون السكني الفاتح في وقت ما بعد الظهيرة، وبرودة الجو أول الفجر وآخر الليل ويصبح الليل أطول والنهار أقصر وتمتص الطبيعة ألوان الصيف فيغيب اللون الأخضر لتتحول ألوان أوراق الأشجار للبني المحروق والأصفر؛ ما يعطي شعورا بنهاية الأشياء وسحب الطاقة ورغبة حثيثة بالبقاء في المنزل وعدم وجود قابلية للدراسة وفهم المعادلات وتخزين المعلومات لطلبة المدارس والجامعات، وتوجه غالبية السكان نحو الألوان الغامقة التي تعطينا شعورا بالدفء والراحة.
وللأمهات طريقة استقبال خاصة، فتبدأ سيدات وطني الجميل بتجهيز مونة الشتاء من مخللات تشمل الخيار والزيتون-باختلاف أنواعه وطرق تحضيره- وكرات اللبنة والباذنجان (المقدوس) واللفت ولكلٍ طريقته الخاصة في إعدادها كما توارثنا من الجدات، وتفريز أوراق العنب وأنواع مختلفة من البقوليات الخضراء كالفول الأخضر واللوبياء والملوخية، أما الأعشاب كالبابونج والميرمية والزعتر فيقمن بتجفيفها وتخزينها للشتاء، وتحضير أنواع مختلفة من المُربى كمُربى المشمش والتوت وأنواع مختلفة من الفاكهة التي لا تثمر في الشتاء، وتجفيف الفاكهة التي تشتهر فيها بلاد الشام كالتين والعنب (الزبيب).
أما الفلاحون فيبدأون في حراثة الأرض وتجهيزها لموسم البذار، ويبدأ المزارعون في حفر القنوات لتوجيه مياه الأمطار نحو جذوع الأشجار، وتبدأ الطيور بالهجرة للبحث عن المناطق الأكثر دفئا، ويحين موعد حصاد الكثير من الفواكه مثل: الإجاص والتفاح والبلوط والفواكه الجافة والجوز وبذور دوار الشمس والذرة والكستناء ذات الشعبية الكبيرة في فصل الشتاء.
وتفرض أجواء الصيف علينا عيش حياة صاخبة وفوضى، وخلال الخريف تنتظم الحياة أكثر؛ فيعدّل الأطفال ساعات نومهم وطعامهم بما يتفق مع ساعات المدرسة التي تفتح أبوابها في الخريف، وتنتظم حياة الكبار تبعاً لانتظام حياة صغارهم، وكذلك نتيجة غياب المناسبات الاجتماعية والسهرات التي غالباً ما تتم خلال الصيف.
وكما يقول المثل « أيلول ذيله مبلول » فيرزقنا الله المطر لتصفية الجو وغسل أشجار الزيتون من الغبار والأتربة للاستعداد لموسم قطاف الزيتون، حيث تجتمع العائلة لتتعاون على قطفه وجمعه قبل أن يحل فصل الشتاء، يقول الفلاح أبو باسل وهو شيخ كبير :«في نهاية أيلول من كل عام أجمع أبنائي السبعة وبناتي الأربعة وكل أحفادي من الأبناء والبنات لقطف الزيتون، ويأخذ كلٌ حصته من الزيت وتقوم أم باسل -أطال الله في عمرها- في كبس الزيتون ووضعه في عبوات وتقسيمه ليأخذ الجميع نصيبه ».
ولعادات الخريف جماليات لا تقدر بثمن، إذ يجمع العائلة ويقوي روابط الوفق والمحبة بين أفراد الأسرة الواحدة، ويعزز لدينا بعض المزاجات التي قلما نرغب بها في الفصول الأخرى، فتقول عبير عبدالإله وهي مهندسة معمارية :«في الخريف تراودني الرغبة لتناول الشوكلاطة التي نادرا وربما مستحيل أن أتناولها في الصيف »، وتفسر ذلك بأن طبيعة الجو البارد وغياب الشمس تجعلنا نرغب بتناول الشوكلاطه لنشعر بالدفء والحرارة.
وللخريف جاذبية خاصة، فهو كقيلولة ما بعد الظهر بين الفصول، حيث السكون والراحة، تقول ريم نادر وهي مدربة رياضية :« تتجه بعض السيدات لممارسة اليوغا في فصل الخريف بشكل خاص، وأعزي الأسباب لرغبة السيدات في الحفاظ على طاقتهن بعيدا عن تأثير الجو الذي يحث على الخمول وزيادة الوزن »، وأكدت على ضرورة ممارسة الرياضة والترفيه عن النفس.