عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Jan-2020

الهجوم الأميركي بالعراق لن يغير سياستها تجاه إيران - عاموس هرئيل

 

هآرتس
 
على مدى سبعة أشهر اتبعت الولايات المتحدة سياسة ضبط النفس الزائدة في الرد على هجمات إيران في الخليج. أميركا ضبطت نفسها عندما قام حرس الثورة الإيراني بتخريب السفن وناقلات النفط المرتبطة بصناعة النفط في الخليج في شهر أيار الماضي، وعادت إلى الروتين اليومي عندما دمروا منشآت نفط سعودية في شهر أيلول الماضي (الرئيس ترامب قال في حينه إن هذه مشكلة سعودية) وامتنعت عن الرد حتى عندما اسقطت إيران طائرة أميركية بدون طيار (الرئيس اوضح بمنطق أن أحدا لم يكن على متن الطائرة).
ولكن كان للأميركيين خط احمر واضح، كرروه عدة مرات. فقد هددوا بأنهم سيردون مباشرة إذا أضر الإيرانيون برجالهم. وفي نهاية الأسبوع الماضي حدث ذلك عندما قامت مليشيا شيعية مدعومة من إيران باطلاق 30 قذيفة تقريبا على قاعدة في مدينة كركوك في شمال العراق وقتل مواطن أميركي كان يعمل في المكان. الرد الأميركي المدوي سجل في يوم الأحد. خمسة أهداف للمليشيات الشيعية قصفت، ثلاثة في العراق واثنان في سورية. وعلى الاقل قتل 25 شخصا في هذا الهجوم.
العملية الأميركية استهدفت إعادة إصلاح الردع أمام إيران والتأكيد من جديد على الخط الأحمر. ولكن رغم الآمال في إسرائيل، هناك شك كبير إذا كانت هذه العملية ستؤدي إلى تغيير السياسة الأميركية تجاه إيران. الإدارة الأميركية تؤمن بنظرية “الحد الأقصى من الضغط الاقتصادي” على طهران. وحتى الآن لم يظهر الرئيس أي دلائل على أنه مستعد لاستبدال العقوبات الاقتصادية بخطوات عسكرية، رغم الخطوات الواضحة التي قام بها الإيرانيون. التجربة المتراكمة مع ترامب تدل على أن عملية عسكرية حاسمة لا تعبر بالضرورة عن تغيير السياسة.
في ربيع العام 2017 بعد ضبط نظام الاسد وهو يستخدم بشكل فظ السلاح الكيميائي ضد المدنيين، أمر ترامب بالقيام بهجوم عقابي بواسطة اطلاق صواريخ كروز على سورية. هذه العملية التي تم اعدادها بشكل متعمد كنقيض لضبط النفس الزائد الذي اتبعته إدارة اوباما في ظروف مشابهة، حظيت بالمديح والثناء في إسرائيل وفي دول الخليج. ولكنها لم تستمر. وترامب اكتفى بذلك. ومنذ ذلك الحين لم يتوقف عن التأرجح حول التواجد الأميركي في سورية. وفي مناسبتين في هذه السنة حسم الأمر كليا إلى أن استجاب لضغط جنرالاته وقام بتقليص عدد القوات التي انسحبت.
في العراق الأميركيون والإيرانيون يواجهون معارضة بسبب استمرار تواجدهم العسكري. وفي البرلمان العراقي استمرت الجهود لتمرير قرار اخلاء 5 آلاف جندي أميركي من العراق، وهذه الجهود حظيت بزخم ما بعد القصف الجوي الذي نسب لإسرائيل ضد أهداف إيرانية في العراق في الصيف الماضي. الإيرانيون يواجهون موجة مظاهرات عنيفة ضد الحكومة في بغداد، والتي رافقتها مشاعر صارخة مناهضة لإيران. ومنذ بدء المظاهرات في شهر تشرين الأول الماضي قتل أكثر من 300 شخص في العراق، معظمهم من المتظاهرين. وفي هذه الاثناء حدثت اضطرابات مناهضة لإيران في جزء منها. ايضا في لبنان وفي إيران نفسها اندلعت موجة احتجاج شديدة ضد النظام الإيراني.
السؤال هو من هو الطرف المصمم أكثر على الحفاظ على السيطرة في العراق، الذي تصفه اجهزة الاستخبارات الغربية كلبنة أولى للمحور الذي تحاول إيران ايجاده في المنطقة. العراق يوجد في مركز الممر البري الذي يصل بين إيران وسورية ولبنان الذي بدأت إيران باستغلاله بشكل أكبر لنقل القوات والوسائل القتالية غربا منذ قام التحالف الدولي برئاسة الولايات المتحدة بطرد قوات داعش من المناطق الحدودية بين سورية والعراق.
المليشيات الشيعية في العراق هددت بالرد الشديد على قتل رجالها في هجوم أميركا العقابي. وإيران يمكنها الآن تفعيل المليشيات لتنفيذ هجمات اخرى ضد القوات الأميركية في العراق وتجديد الهجمات ضد السعودية ودولة الإمارات، وحتى محاولة جر إسرائيل إلى هذه المواجهة.
في الخلفية يجب أن نذكر بأنه يجري احتكاك مستمر بين إسرائيل وإيران في سورية. وحسب التقارير في وسائل الإعلام العربية وتلميحات إسرائيل العلنية، هذا الصراع ينزلق ايضا نحو العراق. رئيس الأركان افيف كوخافي توقع في الأسبوع الماضي تفاقم المواجهة مع إيران في المنطقة الشمالية في السنة القادمة. بالنسبة لإيران بقي هناك حساب مفتوح مع إسرائيل بعد الهجمات في سورية التي قتل فيها رجالها دون أن تنجح عمليات الرد التي قاموا بها بالحاق ضرر حقيقي بإسرائيل.
العملية الأميركية في العراق قبل بضعة أيام على انتهاء السنة، لا تعكس حتى الآن أي تغيير في سياسة واشنطن على المدى البعيد، لكن طالما أنه لا يتم الابلاغ عن اختراق في الاتصالات غير المباشرة التي كما يبدو تستمر بين الطرفين بواسطة قنوات مختلفة، فان المواجهة العسكرية في الساحات المختلفة في الشرق الأوسط يتوقع أن تستمر. ويبدو أنها، باحتمال عال، ستشمل بدرجة ما إسرائيل.