عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Dec-2019

16 كنيسة أثرية في أم الرصاص

 

الراي - وليد سليمان - تُعتبر منطقة أم الرصاص من أهم المواقع السياحية الأثرية في الأردن التي يرتادها الحجاج المسيحيون من مختلف مناطق العالم، لما تحويه من معالم دينية قديمة.
ويحتوي الموقع على 16 كنيسة، بعضها بأرضيات فسيفسائية محفوظة بشكل جيد، بصفة خاصة أرضية كنيسة القديس ستيفن، وعلى اثنين من الأبراج المربعة التي كانوا يستخدمها الرهبان لممارسة نوع خاص من العبادة، وتحيط بأم الرصاص، بقايا مناطق زراعية قديمة.
وقد تم إدراج هذه المنطقة الأثرية التاريخية لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) ضمن مواقع التراث العالمي لأنها تحفة من العبقرية الخلاقة للإنسان. وذلك نظراً للصفات الفنية والتقنية لفسيفساء أرضية كنيسة القديس اسطفان،
وبسبب هذا المثال الكامل والفريد من نوعه للأبراج العمودية التي ارتبطت ارتباطا قويا بالرهبنة، وبانتشار التوحيد في المنطقة بأسرها وذلك قبل ظهور الإسلام.
وام الرصاص في العهدين القديم والجديد، كانت محصنة من قبل الرومان وزينها المسيحيون المحليون بفسيفساء على الأسلوب البيزنطي لأكثر من قرن بعد بداية الحكم الإسلامي.
والمدينة المحصنة تتكون من قلعة مستطيلة والتي هي الآن عبارة عن مساحة كبيرة من الخراب، ولكن العديد من المباني في الجهة الشرقية، بما في ذلك كنائس، وفناء مع بئر وسلالم وأقواس حجرية رائعة.
وعلى أقل من 2 كم من المدينة المحصنة يقع أطول برج قديم في الأردن، وهو لغز ما زال يحير الخبراء، وهو برج مربع يبلغ ارتفاعه 15 مترا، ليس فيه أبواب أوسلالم داخلية.!!
هذا وتقع قرية أم الرصاص ضمن لواء الجيزة التابع لمحافظة العاصمة، على بعد 5 كم شرق ذيبان، كما تبعد 26 كم جنوب شرقي مدينة مادبا، و60 كم جنوب مدينة عمان.
وأم الرصاص كانت قديمًا مدينة تاريخية، اُطلق عليها اسم »كاسرتون ميفعة« كما ورد في نص باللغة اليونانية ضمن فسيفساء تعود إلى العصر الأموي. أسسها الرومان كمعسكرات في البدء من أجل تثبيت النفوذ وحماية طرق التجارة المتجهة من الجزيرة العربية إلى بلاد الشام وبالعكس.
إلا أنها نمت لتصبح مدينة ابتداءً من القرن الخامس الميلادي، لتحتل منزلة كبيرة في ذلك الوقت. يحتوي الموقع الأثري فيها على أطلال تعود للفترة الرومانية والبيزنطية.
وتحيط بأم الرصاص، بقايا مناطق زراعية قديمة. كما أن هنالك نظاما خاصا لجمع المياه على امتداد الموقع استعمل لمياه الشرب وكذلك كنظام لري المزروعات.
وبالرغم من إحتوائها الكثير من الكنائس التاريخية وأثارًا لمعسكر روماني كبير، إلا أن معظم أجزاء الموقع لم تُكتشف بعد.
وتعود تسمية الموقع بهذا الاسم حسب معاجم اللغة إلى جذره، فهو مشتقٌ من الفعل (رصّ)، أي وضع أمرين ملتصقين بعضهما ببعض، كما تعني كلمة (مرصّ) الطلاء بالرصاص، ويشير هذان الاسمان في علم الأسماء إلى الأسوار المحكمة.
وقد ورد اسم المدينة القديم »كاسترون ميفعة« في نص باللغة اليونانية ضمن فسيسفاء تعود إلى العصر الأموي. وقد ورد الاسم الجغرافي (ميفعة) في المصادر الرومانية والعربية، وعند المؤرخ يوسفيوس في كتابه الأسماء الجغرافية (أونوماستكون)، حين ذكر وجود وحدة من الجيش الروماني كان مركزها على حافة الصحراء في ميفع. كما وردت عند الجغرافي العربي البكري كقرية في البلقاء من سوريا عرفت منذ فجر الإسلام بالمكان الذي التقى به الحنفي زيد بن عمرو بن نوفل براهب تنبأ بمجيء النبي محمد.
وأم الرصاص هو الاسم العربي المحلي الذي عرفت به لأول مرة للرحالة الغربيين منهم سيتزن عام 1807 ،وبكنجهام الذي زارها عام 1816.
وتُعد ميفع القديمة، إمتدادًا لمنظومة تراثية تاريخية تبدأ بمسلة ميشع بذيبان مرورًا بمادبا وجبل نيبو، بحيث يمكن الدخول إليها عن طريق نتل، الزعفران، الرميل، أو عن طريق ذيبان شرق، وأيضًا من الطريق الصحراوي - خان الزبيب.
فيما تحتل الآثار الموجودة فيها موقعا عاليًا يمكن رؤيته عن بعد 20 كم وبما مساحته 30 دونمًا تشكله منطقة مغلقة داخل حصن منيع تحيط به أسوار عالية.
كما يُعتبر مناخ القرية مناخًا صحراويًا، حار جاف صيفاً، بارد شتاءً. كما تتساقط الثلوج في بعض أيام السنة.
لقد هُدمت معظم جدران هذه المدينة التي تتخذ شكل مربع، غير أنها لا تزال تتضمن مباني عديدة بالإضافة إلى أربع كنائس وبعض الأقواس الصخرية البديعة. تكمن نقطة الاستقطاب الأساسية خارج أسوار المدينة في قلب كنيسة القديس اسطفان التي تتميز بأرض ضخمة مرصوفة بالفسيفساء منذ عام 718 م. لا تزال محفوظة حتى أيامنا هذه.
تصور هذه الفسيفساء رسوماً لعدد من المدن البارزة التابعة للأرض المقدسة من جهتي نهر الأردن الشرقية والغربية، حيث تم وصف 8 مدن في فلسطين و9 مدن في الأردن، بالإضافة إلى 10 مدن في دلتا النيل. ومن أهم تلك المدن القدس وميفعة (أم الرصاص) والإسكندرية.
وهذه التحفة الرائعة هي الثانية من نوعها بعد خارطة فسيفساء مادبا الشهيرة عالمياً
التي تصور القدس والأراضي المقدسة.
ومن الواضح أن الحياة المسيحية استمرت دون انقطاع، حتى بعد الفتح الإسلامي للشام عام 636 م. ويوجد داخل الجدار، أربع كنائس، اثنتان منها اُكتشفت مؤخراً، كلاهما من القرن السادس الميلادي.
كما كشفت حفريات خارج الجدار الشمالي عن بعض الكنائس الأخرى وأرضيات فسيفسائية من أواخر القرن السادس والثامن. ويوجد إلى شمال الحصن، برج عال، يحوي صلبات منحوتة على ثلاث جهات، وهناك غرفة في أعلى البرج. كما يوجد بالقرب منه كنيسة صغيرة، ومبنى من ثلاثة طوابق وصهاريج منحوتة في الصخر.
وقد أصبحت أم الرصاص بعد انسحاب العثمانيين من شرق الأردن، وإعلان الإمارة فيها، جزءاً من لواء عمّان، والذي يتبعه قضاء مادبا وناحية زيزيا. أما اليوم، فهي مركز قضاء أم الرصاص، التابع للواء الجيزة في محافظة العاصمة.
وكان لأبناء القرية في التاريخ المعاصر دورٌ في عدد من المعارك منذ بداية القرن العشرين، حيث كان لهم دور في التصدي لغزوات البدو والتي أُطلق عليها »حرب الأخوين« مع كل قبائل شرق الأردن آنذاك، حيث كان لهم قصب السبق بحكم الموقع. كما شارك أهلها في الثورة العربية الكبرى بقيادة الحسين بن علي ضد الدولة العثمانية. وفي حرب فلسطين عام 1948 ،حيث سقط عدد منهم في القتال ضد المجموعات الصهيونية.
كشفت التنقيبات الأثرية التي بدأت في عام 1986 عن مجمع ديني يتألف من أربع كنائس، وكنيستين رصفت أرضياتهما بالفسيفساء، هما: كنيسة القديس سيرجيوس، التي بنيت عام 586 ،وكنيسة القديس أسطفانس، التي بُنيت في القرن الثامن ميلادي، ويفصل بينهما ساحة مكشوفة مبلطة حولت فيما بعد إلى كنيسة بإضافة حنية في الجدار الغربي وتعرف حاليا باسم كنيسة الباحة. كما كشف عن كنيسة الأسقف وائل التي تقع خارج جدار الحصن بلطت أرضيتها بالفسيفساء وأرخت إلى عام 586 م.
توجد داخل المجمع، أربعة أفنية: الفناء الشمالي الشرقي، الفناء الغربي، الفناء الشرقي، الفناء الجنوبي. يحيط بالمجمع ويلتف حوله سور يندمج أحياناً مع جدران بعض فراغاته المعمارية كما هو الحال بالنسبة للجدار الشمالي لكنيسة الاسقف يرجيوس.