یدیعوت أحرونوت
تطوران مھمان یحصلان ھذه الایام في الشرق الاوسط. وھما یخلقان، اغلب الظن، واقعا استراتیجیا جدیدا یستوجب استعدادا اسرائیلیا. فقد حصل اردوغان امس فقط على ید حرة من ترامب لاجتیاح روجابا، الحكم الذاتي الكردي في سوریة، رغم أن الاكراد كانوا حلفاء الولایات المتحدة ورغم معارضة البنتاغون. لقد وقف الاكراد في رأس الجبھة التي قاتلت داعش.
استخدموھم والآن یلقون بھم.
بالتوازي مع الید الحرة لاردوغان، صدر بیان عن اخلاء القوات الامیركیة، والتي شكلت جزءا من مظلة الدفاع للاكراد. ولكنھم تركوا لمصیرھم. ھذا ھو الامر الاقرب الى الخیانة. اسرائیل لیست روجابا (التي حجمھا ضعف مساحة اسرائیل)، ولكن ھذا تطور خطیر. اردوغان ھو حلیف طھران. وھذا یعني ان النفوذ الایراني في سوریة سیزداد فقط.
اوروبا ھي الاخرى ترتبط بالتطور الجدید. منذ زمن بعید واردوغان یھدد بالسماح لملایین اللاجئین السوریین الذین في بلاده بالانتقال الى اوروبا. وفي السنوات الاخیرة یحصل على الملیارات كي یمنعھم. فھو یرید المزید. ویعلل ایضا حاجتھ بالسیطرة على روجابا كي یُسكن اللاجئین ھناك. اما في واقع الامر فانھ یھدد: إما ان تسمحوا لي باحتلال الاقلیم – او اني سأبعث اللاجئین الى اوروبا.
ھذا ھو السبب الذي یجعل اوروبا في واقع الامر تؤید، صمتا، ترك الاكراد لمصیرھم.
التطور الثاني، والمقلق بقدر لا یقل، ھو نتیجة الھجوم الصاروخي الامیركي على حقول النفط في السعودیة، والذي نفذ في 14 ایلول. لم یكن رد امیركي، مثلما لم یكن رد على اي من الاستفزازات الایرانیة في السنوات الاخیرة. وحتى عندما انكشفت العملیة الارھابیة التي خططت لھا ایران، في السنة الماضیة، في اثناء اجتماع المعارضة الایرانیة في باریس، بالكاد اطلق الاوروبیون تندیدات ھزیلة. اضافة الى ذلك، رغم القصف الایراني استجاب ترامب لمبادرة عمانویل ماكرون ووافق على الحدیث مع الرئیس الایراني. غیر أن حسن روحاني، في خطوة استعراضیة من الاستخفاف، رفض تلقي المكالمة الھاتفیة. وفھمت السعودیة التلمیح. من انبطح بعد الھجوم الصاروخي على حقول النفط في المرة الاولى – سیتجلد في المرة الثانیة ایضا. وماذا عندھا؟
ھدف ایران واضح. ترید أن توسع دوائر النفوذ. وھي بحاجة الى تخفیض مستوى التوتر مع الدول ُ السنیة كي تحظى بالتوافق، حتى وان كان ھادئا، لغرض استمرار تثبیت الوجود في المحور الشمالي، الذي یخلق رواق نفوذ ھائل یمتد من ایران، عبر العراق وسوریة، حتى لبنان والشرق الاوسط. من یدري، لعل ایران توافق على تنازلات معینة في المحور الجنوبي، حیث تھدد السعودیة عبر الحوثیین، الذین یسیطرون على الیمن. یحتمل أن تكون لھذه التطورات علاقة مع ”حالة الطوارئ“ ایاھا التي تحدث عنھا نتنیاھو. لان الحدیث یدور عن شرق اوسط جدید. ایران تخرج معززة. حتى الان كانت محاولات رد فاشلة من ایران على ھجمات اسرائیل. ولكن الھجوم الایراني الصاروخي الدقیق، الرد الغربي الھزیل، وترك السعودیة والاكراد لمصیرھما من شأنھ ان یشجع ایران على رد اكثر حدة ضد اسرائیل. لیست السعودیة والاكراد فقط وحدھما، بل واسرائیل ایضا. نحن بحاجة الى حكومة وحدة حتى بدون التطورات الاخیرة. اما الان فیوجد سبب اضافي آخر.