عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Apr-2025

هل يخفف التدخل الأميركي من لهيب العلاقة التركية مع الاحتلال؟

 الغد

عواصم- فيما وصلت العلاقات التركية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي لأعلى درجات التوتر والقطيعة على خلفية الحرب على غزة، تصاعدت حدتها في مؤخرا على خلفية الوضع الجديد في سورية.
 
 
ما زاد من منسوب التوتر، ما ترى فيه دولة الاحتلال فرصة لتدمير القدرات العسكرية السورية، بينما تسعى تركيا لدعم السوريين في بناء جيش جديد مزود بالإمكانيات والمعدات التي يحتاجها.
 
ووصلت العلاقات بين تركيا والاحتلال لأخطر وأسوأ منعطفاتها أمنيا وعسكريا بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، حيث شنت حملة من مئات الغارات الجوية عقب سيطرة إدارة العمليات العسكرية على دمشق.
نزع فتيل التوتر
تلك الأوضاع حدت بالساسة الأميركيين وعلى رأسهم الرئيس دونالد ترامب للتدخل لإطفاء لهيب العلاقة المتوترة بين أنقرة وتل أبيب.
العلاقات التركية الأميركية تحسنت الى حد كبير مع تسلم ترامب سلم الرئاسة، وهو لا يخفي أن علاقة مميزة تجمعه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ما يعتبره عدد من الخبراء عامل في تخفيف التوتر بين أنقرة وتل أبيب، ويفتح إمكانية للتوصل إلى تسوية تمنع الصدام بين أنقرة وتل أبيب.
فبينما ينظر على نطاق واسع لتصريحات الرئيس الأميركي خلال استقباله نتنياهو مؤخرا على أنها تمهد الأجواء لتسوية بين أنقرة وتل أبيب، فإن درجة أهمية الملف السوري بالنسبة للإدارة الأميركية الحالية التي تقع في أدنى سلم اهتماماتها قد تجعل أي ضغوط باتجاه التسوية فاقدة للزخم.
وأدت غارات الاحتلال الإسرائيلي لتدمير معدات وثكنات عسكرية للجيش السوري، كما قامت قوات الاحتلال في الجولان السوري المحتل بالتوغل داخل المنطقة العازلة، وتوسعت التوغلات لاحقا لبعض البلدات خارج المنطقة العازلة، الأمر الذي لقي إدانة شديدة من الجانب التركي.
وخلال الأشهر القليلة الماضية، دخلت أنقرة في محادثات معمقة مع دمشق حول إنشاء قواعد عسكرية تركية في مناطق مختلفة على الأراضي السورية، بهدف تعزيز التعاون الدفاعي وتدريب الجيش السوري الجديد بعد إعادة هيكلته، وتزويده بالمعدات والأسلحة التي يحتاجها، الا أن دولة الاحتلال رأت في ذلك خطرا مستقبليا على أمنها، وأتهمت حكومة دمشق بأنها "إرهابية" وبأنها لا تثق بها، رغم التطمينات العديدة التي صدرت عنها وتمسكها باتفاقية فصل القوات لعام 1974.
احتمال الصدام في سورية
وفي إطار حملة لاستهداف المواقع العسكرية السورية، أعلنت دولة الاحتلال في 25 الشهر الماضي قصف قاعدة تيفور قرب تدمر بمحافظة حمص التي سبق أن استهدفتها قوات الاحتلال في الأسبوع نفسه، ومطار حماة العسكري، وهما من بين قواعد عسكرية سبق أن تفقدها خبراء أتراك بهدف نشر قوات فيها بناء على اتفاق من المتوقع إبرامه قريبا بين دمشق وأنقرة.
وبحسب تقارير للصحافة العبرية، سبق هذا التصعيد نقاشات داخل الحكومة الأمنية بشأن سبل التصدي للنفوذ التركي المتزايد في سورية، الذي تعتبره تل أبيب أنه يحل محل النفوذ الإيراني الذي ساد في عهد النظام السوري السابق، مع فارق يتمثل في أن دولة الاحتلال قد لا تكون قادرة على استهداف القوات التركية، لأنها عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وفي تعليقه على الاعتداءات من قبل دولة الاحتلال الأخيرة داخل الأراضي السورية، أكد وزير الجيش في الكيان يسرائيل كاتس أنها "رسالة واضحة وتحذير للمستقبل"، محذرا الرئيس السوري أحمد الشرع من دفع ثمن باهظ "إذا سمحتَ للقوات المعادية بدخول سورية وتهديد مصالح الأمن الإسرائيلي" في إشارة ضمنية إلى تركيا.
أما وزير الخارجية في دولة الاحتلال غدعون ساعر، فكان أكثر صراحة في تعليقه على الموقف، فرغم تأكيده أن بلاده لا تسعى لمواجهة معها، فقد عبر عن "قلق من الدور الذي تلعبه تركيا في سورية ولبنان ومناطق أخرى. مضيفا "يبذلون قصارى جهدهم لجعل سورية محمية تركية. من الواضح أن هذه هي نيتهم".
ويرى المحلل العسكري في دولة الاحتلال، رون بن يشاي، أن تركيا تنشر قواتها في 8 دول بينها سورية وشمال العراق في إطار طموحاتها للسيطرة على خطوط الطاقة والغاز شرق البحر المتوسط، ولعرقلة مشاريع إسرائيلية مصرية في هذا المجال.
وقال إن طموحات تركيا الاقتصادية للسيطرة لا تقف فقط عند حقول الغاز في البحر الأبيض المتوسط، ولكنها تسعى أيضا لمنع دول البحر المتوسط من تجارة الغاز ونقله مع أوروبا، ولذلك فهي تسعى لمنع بناء خط أنابيب غاز تحت الماء يفترض أن ينقل الغاز من مصر وإسرائيل وقبرص إلى أوروبا، وهو ما يشكل عاملا رئيسيا في الاحتكاك بين إسرائيل وتركيا، حسب قوله.
وقد عبر الجانب التركي بعد الهجمات من قبل تل أبيب عن عدم رغبته بحدوث مواجهة مع الكيان المحتل في سورية، وفي الوقت ذاته هاجم السلوك العدواني للاحتلال في سورية.
وقال بيان للخارجية التركية إن حكومة إسرائيل "العنصرية والأصولية" بطموحاتها التوسعية أصبحت أكبر تهديد للأمن الإقليمي، مضيفة أن الهجمات الإسرائيلية في سورية دون أي استفزاز من الأخيرة تعد "غير معقولة"، وتشير إلى سياسة تقوم على إشعال الصراعات.
وأفادت صحيفة تايمز أوف إسرائيل، نقلا عن مسؤول رفيع، بأنهم أبلغوا أنقرة بشكل لا لبس فيه بأن أي تغييرات في انتشار القوات الأجنبية في سورية وخصوصا إقامة قواعد تركية في تدمر "يُعد خطا أحمر".
من جهته، أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن بلاده تجري محادثات على المستوى الفني مع إسرائيل لخفض التوترات بشأن سورية، وأضاف "ليس لدينا أي نية لمحاربة أي أحد في سورية، بما في ذلك إسرائيل".
وتضاف التوترات المرتبطة بسورية إلى تلك المرتبطة بعدوان الاحتلال على غزة، حيث ربطت تركيا التراجع عن قطع علاقاتها التجارية وتخفيض علاقاتها الدبلوماسية مع دولة الاحتلال بوقف الحرب المستمرة على غزة، وهو ما أكده وزير الخارجية التركي بالقول إن المحادثات الفنية بشأن منع الصدام في سورية لن تؤدي إلى تطبيع العلاقات.
ما بعد الاحتكاك
رغم أن أجواء التهدئة بين تركيا وإسرائيل تجسدت بعقد محادثات بين الجانبين في أذربيجان، فإن الجولة الأولى التي عقدت قبل أيام لم تفض إلى أي تفاهم حول نقاط الخلاف، بحسب هيئة البث العبرية، وهو ما يشير إلى تعقيد الموقف بالإضافة إلى تعنت الاحتلال في وضع خطوط حمر كتلك المتعلقة بنشر قوات تركيا في مطار تيفور قرب تدمر يصعب فرضها على أنقرة دون صدام.
واتسمت جولة المحادثات بالتوتر حتى من حيث الشكل، فقد اضطرت الطائرة التي أقلت وفد الاحتلال إلى أذربيجان إلى الاستدارة حول تركيا والامتناع عن العبور في أجوائها بعد رفض السلطات التركية منحها الإذن بذلك.
ورغم إبداء الطرفين رغبة بالتوصل إلى آلية تنسيق لمنع الصدام بينهما، فإن السياق العام للمحادثات ومطالب كل منهما تجعل هذا الأمر صعبا وإن كان مسنودا بوساطة من ترامب.
ولا يتوقف الخلاف التركي مع الاحتلال في سورية عند تقاسم حدود النفوذ، بل يشمل مستقبل سورية التي تريدها دولة الاحتلال هشة وممزقة لدويلات وكانتونات حكم ذاتي، بينما ترى تركيا أن ترسيخ الاستقرار في هذا البلد يمكن أن يكون مفتاحا للاستقرار في عموم المنطقة.-(وكالات)