الملكة.. وقفات مع العالم الرقمي! *هشام عزيزات
الراي
لم تكن مشاركة الملكة في مؤتمر الويب لعام ٢٠٢٢، في البرتغال وبمشاركة رفعية المستوى كغيرها من المشاركات العالمية، فهذا اللقاء على صلة عما يبدو بالعالم الرقمي، «صدمة البشرية» ولا هو من قبيل ترف الاجتماعات ذات الاختصاص وهيبتها وجلالها من عنوانها، بقدر ما شكل خطابها اللافت وبمشاركة حوارية متلفزة حضوراً أردنياً مستنداً على «المعرفة التي هي القوة في عالم اليوَم».
فما تضمنه خطابها، من صدمات إنسانية، في زمن سرقت الحواسيب بعض من إنسانيتنا بقياسات دقيقة، كأن يكون ما يمضيه يومياً مواطن ما، متمترساً أمام الشاشات، أربع دقائق في اليوم، أي يوم واحد في السنة، بعض من صدمة، سنوغل في التحليل الذي يعني وصولاً «لتأسيس مفهوم جامع للحقيقة» وهي أننا بشر، بسلاح الإنسانية والمصداقية والقدرة على استيعاب فروقاتنا.
في التعريف الأولي، لما نحن في عالم رقمي، يعني ما أن اقتربت الإنسانية لمسافات بسيطة، أو لم يعد إطلاقاً وجود لحواجز تفصل بين بني البشر، في وعلى الكرة الأرضية، لا مكانياً ولا زمانياً وسيطرت ما اصطلح على تسميته بالقرية العالمية، (أي من مكانك تطل) على كل الأحداث طيبها أو طالحها وتنويعاتها، وكأن الاسم إياه قد طغى على ما غيره من تسميات في العالم، أي عالم التطبيقات الذكية.
ومن كونها اختصار للعالم وما فيه، وما يحدث وحدث وسيقع والذي قربنا وقرب المسافات، بيننا، أهم أداة في عصر السرعة التي هي أسرع من الضوء والمسماة بالشبكة العنكوبتية والاسم الآخر المتداول على نطاق واسع، الانترنت.
في آوائل عهدنا بالملكية الرابعة، وبنظرة ثاقبة مدركة، للملك لأبعاد أن نكون في سباق مع العصر، ونلهث نحو المستقبل، لا بد أن ينطلق التغيير من التربية وفلسفتها ومدارسها، وأساليبها من تلقينية إلى اجتهادية إلى أعمال العقل.. إن كان من المدرسة أو البيت أو مجتمع الأندية، ومراكز الشباب ومجتمع الزمالة، التي من المفترض، أن تكون ماكنة، «أي قادرة».. على توفير أدوات اللهو البريئة والتعلم والتدريب على المهارات بأنواعها وصقلها بين أيدي الشباب، فكانت النقلات «الموبايل» الأسبق في الوصول وكان لا مناص أن يتم تعلم اللغة الانجليز?ة لغة العصر والتواصل، وأن يكون الحاسوب الكمبيوتر لصيقاً للطالب كلغة أكثر حضارية ومدنية، من اللغه الأم العربية واللغة المعين الأجنبية.
هذا استهلال، لا بد منه ونسبة استخدام المدارس بتدرجاتها والجامعات والاندية والمراكز الشبابية للأنترنت بلغت كعدد وحسب دراسة للبنك الدولي «وقعت بين أيادينا كغيرنا من الشغوفين بالظاهرة «الانترنت»،.. حوالي ٨ ملايين و٧٠٠ ألف مواطن بما نسبته 98،3٪» لتصل في عام ٢٠٢٠» نحو ٩ ملايين و٤٠٠٠٠٠ مستخدم وبالتالي يحتل الاردن المرتبة الأول حول العالم مقارنة بكثير من ٥٠ دولة تقوم باستخدام السوشال ميديا».
وان كانت سيدتنا الأولى، وكعادة الاسرة المالكة أن تلبي دعوات محافل دولية «عليها العين» كالويب (الجيل القادم من القادة) وبمشاركة ١٠٠ ألف من شخصيات العالم المترامي الأطراف والتنازع سمته، وهذه المنابر تزداد معرفة وعلماً وتجربة مما يقدمه الهاشميون، على مر أجيالهم والمعاصرة منها.
فصيحة الملكة رانيا العبدالله المنطلقة من «أنا استخدام التكنولوجيا بطريقة أكثر وعياً حذرت من اعتماد البشرية المتزايد على التكنولوجيا وضرورة زيادة الضغط لتحسين حياة الأفراد الأكثر ضعفاً».
كأني بها تطلق صرخة «أنسنة الإنترنت» من واقع الإيمان الأساسي في حياة الإنسان ملكاً أو ملكة، او مسؤولاً أياً كانت مسؤوليته. فالخلق البشري في صميم صميمه، وهو ما انبثق من تواضع لا فوقية ولا استعراضية ولا عنجيهة لأنك امتلكت أدوات الصراع العالمي والاقتصاد الرقمي والعملة الرقمية من محفزاته.
وان الأردن قد أدرك خطورة، أن تكون تقنياً تكنولوجياً في المجهول أو جاهل بمعطيات العصر، فنهج «أن يكون التعليم المجاني عبر الإنترنت تحول نوعي للتعليم في العالم العربي» فتزودت بحدود ٢٠٠٠ مدرسة في ذاك الحين بالحواسيب وبإجبارية لافتة، ظل آنذاك حوالي ٥٠٪ من الطلبة يتمتعون بخاصية التعامل والوصول للإنترنت، أي «وجود فجوة رقمية في الأسر المخفضة الدخل، وهذه نسبة تقدر بـ ٣٠٪ من الشعب الأردني أي الشريحة الأدنى بسبب الأوضاع الاقتصادية ليس لديهم جهاز حاسوب.»
لا نجادل ولا نقحم هذه المتابعة، في جداليات متنوعة كالإيمان وعلى لسان السيدة الأولى «أن المجتمع التقني يملك مؤهلات وأدوات تخفف من معاناة اللاجئين حين نقفز عن اللون واللسان والقانون والمحيط والجغرافيا والاقتصاد» وقد اكتوى الأردن بنيران الهاربين من الحرب والجوع والقمع بوجود ما يقرب من مليون سوري ومثله عراقيون ٧٥٠ ألفا الخ...
فالباحث عن السلام تجده يغوص من رأسه حتى اخمص قدميه بهذه الأقانيم المقدسة، لا سيما وعالم السياسة فيه من الموبقات ما يشيب منه الولدان، وكذلك العلاقات الاجتماعية في البلد الواحد من أسوأ ما يكون.
حين يكون الأردن مشاركاً في هكذا فاعلية عالمية طرحت الكثير من المحاذير، التي كان لها آذن اردنية صاغية، وأثقلتها هذه المحاذير وأخافتها،.. لكن ذلك لم يمنع أن ترى العين الأخرى المشاهدة من البرتغال وإلى البرتغال حظرة،.. لتكون وصمة الأردن التي شُكلت في «جناح جوردن سورس» وجهة استثمارية في قطاع التكنولوجيا والرقمنة، ووجود تسهيلات لتيسير رحلة المستثمر وتقديم الدعم التقني والحوافز، من كل الأنواع والأفكار.
لنكون بالمطلق والأكيد آمنيين، مع ما قلناه في البداية، أن «الملكية الرابعة» دخلت برضى تام في سباق المسافات الطويلة نحو العالم الرقمي من أخطر وأوسع الأبواب والنوافذ، والأدوات ومزيد من التطبيقات الذكية المهولة التي إن لم تكن مستعداً لها فأنت في التيه ونحو المجهول تيمم.