عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-May-2020

في الحظر.. البيئة تتنفس من جديد والمحميات تأخذ قسطا جيدا من الراحة

 

فيصل القطامين
 
الطفيلة –الغد-  تنفست البيئة بكل مكوناتها الصعداء بعد أن أغلق فيروس كورونا أبواب مواقع طبيعية ومحميات البيئة الحيوية الطبيعية في الطفيلة أمام الزوار، لتنعم تلك المواقع بالراحة التي طالما كانت تنشدها، ويطالب مهتمون بالشأن البيئي بها لفسح المجال أمام البيئة لتأخذ قسطا من الراحة.
ولطالما حرمت العديد من المواقع الطبيعية من الراحة بعدما استبدت البشرية وتمادت في الإساءة لها من خلال عدة أساليب ساهمت في تدمير البيئة لدرجة هددت معها وجود تلك المواقع الحيوية التي تعتبر رئات تنفس حقيقية للحياة البشرية.
وجاء فيروس كورونا ليفرض حظرا على حركة الناس وتراجعا في زيارة تلك الأماكن الطبيعية، ليخفف من وطأة الإنسان على البيئة، حيث تقلصت الزيارات إلى الصفر، ما سمح للبيئة من بناء نفسها من جديد، وأخذت قسطا جيدا من النقاهة والاستراحة.
وبات بإمكان الحيوانات البرية التواجد في مناطق لم تكن لتكون فيها قبل انتشار فيروس كورونا وفرض الحظر، خاصة في مناطق خارج المحمية، بعد أن شعرت تلك الحيوانات أن الإنسان بات بعيدا عنها، لتمارس حياتها بسهولة ويسر بدون أي إزعاج أو إعاقة أو تعرض للصيد.
وأشار مهتمون بالشأن البيئي إلى أن مكونات البيئة الحيوية سواء النباتات أو الحيوانات بكافة أشكالها وأصنافها أخذت قسطا وافرا من الراحة، وباتت تشعر بالأمان وتمارس حياتها اليومية بشكل طبيعي بعيدا عن الخشية من تعرضها للقتل، وتضع بيضها بدون العبث به.
وبين الناشط البيئي حسين الشباطات أن كثيرا من الطيور باتت أكثر ألفة وأكثر طمأنينة في فترة الحظر التي لو تستمر لتغيرت سلوكات الطيور والحيوانات تجاه الإنسان.
وأشار الشباطات إلى أن الأرض أخذت فترة راحة كافية جنبتها الحرائق والاعتداء على الأشجار الحرجية، والمشاريع التي بسببها تقتلع عشرات الأشجار، بعد أن تم تخصيص الأراضي الواقعة التي تعيش فيها للبناء أو لفتح الطرق، فكل تلك الأنشطة التي تدمر البيئة توقفت، وتمكنت التربة من الاستفادة من تلك الهدنة المؤقتة لتبني طبقاتها بشكل طبيعي بدون تدخل البشر الذي سيكون على الأغلب مدمرا، ولا يراعي الجوانب البيئية.
وبين أنه في كل فصل ربيع تتعرض الكثير من الطيور لنهب بيضها المعدة للتفقيس؛ حيث يقوم هواة بجمع بيض الطيور وترقيده بطريقتهم، ليضمن أفراخ تلك الطيور لديه، ولكنها محبوسة في قفص يحول دون استنشاقها الحرية التي فطرت عليها.
ولفت المهتم بالشأن البيئي مؤيد القطامين إلى أن فترة الحظر جراء فيروس كورونا جاءت لصالح مكونات البيئة ورغم أنف البشر؛ حيث خفت حدة الاعتداءات البيئية سواء الانبعاثات التي تتسبب بها المركبات والمصانع وغيرها من الأنشطة البشرية المدمرة. وأشار إلى أنه ولأول مرة يشاهد أنواعا جديدة من الطيور تقترب من حديقة منزله وتحط على الأشجار، وهي غريبة الشكل، ولم يألف وجودها إطلاقا في المنطقة.
وأكد القطامين أن العديد من النباتات والأزهار والورود نمت وبشكل كثيف في مناطق لم تنمُ فيها من قبل، علاوة على ظهور أصناف أخرى لم تظهر منذ عقود، وهي أصناف كثيرة ومنوعة ومختلفة في الألوان والأشكال.
ومن جانبه، قال مدير محمية ضانا للمحيط الحيوي المهندس عامر الرفوع، إن فيروس كورونا ساهم وبشكل كبير في التخفيف من الاستخدامات البشرية للعديد من الآلات التي تعمل بالوقود الأحفوري “النفط” بما يقلل من انبعاث الغازات المختلفة كأول وثاني أكسيد الكربون والكبريتات والرصاص وغيرها التي تتسبب بتلوث للبيئة، لافتا إلى انخفاض نسبتها لأكثر من 80 % على مستوى العالم.
وقال المهندس الرفوع إن محمية ضانا للمحيط الحيوي التي تعج بأكثر من 884 صنفا من الكائنات الحية تأخذ في العادة قسطا من الراحة في منتصف شهر تشرين الثاني (نوفمبر) وتمتد لغاية منتصف شهر آذار (مارس) من كل عام لمنح المحمية وقتا للاستراحة والإصلاح الذاتي للغطاء النباتي.
وبين أن الطيور قد تتعرض أيضا للقتل في فترات السماح بالصيد أو خارجها بما يسهم في تقليص أعداد أصناف منها، بيد أن الفترة الماضية وحتى الآن ظلت أعداد الطيور في المحمية أكثر أمنا وحماية، وحتى خارج المحمية نتيجة تراجع النشاط الإنساني وتراجع الصيد، وينطبق ذلك على كافة الحيوانات سواء البدن أو الوشق أو الثعالب والذئاب والأرانب البرية والغرير. ولفت إلى أن الأشجار الحرجية مختلفة الأنواع في المحمية وخارجها شهدت نموا جيدا وطبيعيا بدون تدخل البشر، حين تعرضت في أعوام وعقود سابقة إلى التدمير من خلال القطع الجائر، للاستفادة منها كحطب في المواقد، أو في بناء المنازل، خاصة تلك التي كانت تبنى من الحجر والطين وبسقوف أهم مكوناته الأخشاب التي تقطع من الأشجار الحرجية عديدة الأصناف كالصنوبر الحلبي والصنوبر العادي والبطم والبلوط والأرز وأنواع أخرى عديدة.
ونتيجة تقليص الأنشطة البشرية، بات بإمكان الطيور والحيوانات إيجاد موائل سهلة لها؛ حيث كانت تضع صغارها في مناطق وعرة وغاية في الوعورة للحيلولة دون تمكن الإنسان من الوصول إليها أو عدم تمكنيه من الوصول إلى بيوضها لجمعها بطريقة وحشية وتفقيسها في ظروف الأسر المنزلي.
وأكد الرفوع أن البيئة تنفست من جديد، واصفا ذلك بأنه نوع من الشهيق الصحي بالنسبة للبيئة ومكوناتها الطبيعية، بعد أن اختفت آثار الإنسان المدمرة خلال فترة الحظر.
ودعا إلى أن نتعلم كيفية الحفاظ على البيئة، وعدم العمل على تدميرها بطرق وأساليب مختلفة تعتبر في أكثرها غير حضارية وغير إنسانية، للحفاظ على كوكبنا نظيفا خاليا من السموم الغازية التي تنبعث عبير مداخن المصانع وعوادم المركبات وأي مصدر للتلوث، مؤكدا قرب تعافي طبقة الأوزون التي باتت تعود إلى طبيعتها بما يخفف الكثير من المصائب والمشكلات البيئية التي كانت الأرض تعاني منها.