عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Mar-2021

القطاع الصحي ... أزمة عميقة

 الراي 

تحقيقات الرأي
هجرة الكفاءات الطبية الأردنية إلى دول الجوار، خلفت وراءها نقصا حادا في مختلف التخصصات الطبية الرئيسية والمهن المساعدة، والسبب الأبرز هو تدني الرواتب والرغبة في تحسين الأوضاع المالية والمعيشية لتلك الخبرات.
 
وبحسب ما يرى مختصون ومسؤولون سابقون فإنه لم يعد مقبولا إحالة الأطباء إلى التقاعد مع بلوغهم سن الستين، بل يجب تعديل الأنظمة بما يكفل بقاءهم لسن السبعين على الأقل للاستفادة من خبراتهم وقدرتهم على تأهيل الأطباء الأصغر سنا.
 
وادى نزوح الخبرات إلى خارج البلاد، إلى نقص في الكوادر الطبية على اختلافها، وبالذات في قطاع التمريض، وبرزت مشكلة النقص في ظل جائحة كورونا بسبب العدد الهائل لمراجعي المستشفيات الحكومية، ما رتب أعباء مضاعفة على عاتق كوادر التمريض إلى جانب الخطورة على حياتهم في التصدي لهذا الوباء إلى جانب الأطباء.
 
واللافت أن انتشار المراكز الطبية في الأردن أسهم إلى حد بسيط في مساندة القطاع الطبي في جائحة كورونا، لأن هذه المراكز لم تؤسس على أساس علمي، وجاءت تلبية لرغبات مناطقية، فتحولت إلى عبء على الوزارة بسبب تفاوت الرعاية الصحية فيها، ولجوئها إلى تحويل مكثف للمرضى إلى المسشتفيات، ما زاد الضغط على الكوادر العاملة في الأخيرة .
 
وفي المقابل، يرى فريق من الخبراء أن اشكالية القطاع الصحي الحكومي تتمثل في إعادة تنظيم العمل، واستغلال الإمكانيات الموجودة في القطاع بشكل سليم، وخصوصا عزل ممول الخدمة عن مقدمها، إلى جانب إصلاح الأنظمة، «فلا يجوز أن يبقى ديوان الخدمة مسؤولا عن التوظيف، بل يجب أن يكون مؤسسة لمراقبة الأداء، ووضع الموظف في مكانه الصحيح بما يتناسب مع مؤهلاته العلمية ".
 
وتواجه تعيينات المناصب القيادية في الوزارة نقدا لاذعا، فهناك اعتقاد بأن كثيرا من المناصب القيادية تولاها أشخاص دون وجه حق، وهناك مطالب بتمكين الكفاءات من العبور في القطاع إلى بر الأمان، والبناء على انجازات أردنية تحققت في وقت سابق.
 
ومن المهم بمكان، لفت الانتباه إلى أن مسؤولين اشاروا إلى ضعف الرقابة المستقلة على أعمال الوزارة الممتدة في كل محافظة، في حين أن الرقابة الداخلية موجودة لكنها متواضعة بسبب قلة عدد موظفي الرقابة في مقابل ضخامة هيكل الوزارة.
 
وأشر تقرير ديوان المحاسبة لعام 2019 / 2020 على العديد من المخالفات المالية والادارية التي تتعلق بوزارة الصحة، تعلقت بهدر المال العام وصرف حوافز بدون داع (...)، ووفق التقرير لم يتم تسديد سلف منذ 37 عاما بحجة عدم توفر الأسماء الرباعية.
 
عموما، المشكلة في القطاع الصحي عميقة، وهي أبعد من الإهمال والتقصير، وقد تبدأ من الترهل بجميع أنواعه وصولا إلى الأنظمة التي تحد من تفعيل مبدأي العقاب والثواب، والخلل في العطاءات ....
 
هجرة الكوادر الطبية أبرز تحديات القطاع الصحي الحكومي
 
عمّان: خولة أبو قورة
 
يقول رئيس لجنة الصحة والبيئة النيابية النائب الدكتور أحمد السراحنة: تعد المملكة واجهة علاجية للكثير من الدول، فقد كانت الأولى في الشرق الأوسط والخامسة عالميا في السياحة العلاجية، وما تزال مصدرة للكفاءات الطبية من أطباء وتمريض وصيادلة وفنيي مختبر وجميع الاختصاصات، فضلا عن أن نسبة كبيرة من الأطباء والممرضين الأردنيين يعملون في عدد من الدول المجاورة، وعلى رأسها دول الخليج الشقيقة.
 
و يرى السراحنة في مقابلة خاصة مع الرأي أن ذلك أثر سلبا على المملكة من الناحية الطبية والصحية، مشيرا إلى أن تحسين الأوضاع الاقتصادية للعاملين في القطاع كان سبب هجرتهم للعمل في الخارج، فغالبية المواطنين يعتقدون أن رواتب الأطباء في وزارة الصحة عالية، وهذا ليس صحيحا».
 
ويستشهد السراحنة بتجربته كطبيب سابق في وزارة الصحة، قائلا: قبل أن أقدم استقالتي لخوض الانتخابات النيابية العام الماضي، كنت أعمل اخصائي جراحة عامة، وجراحة مناظير، وقنوات مرارية في وزارة الصحة لمدة 17 عاما، وعندما قدمت استقالتي كان راتبي ألفاً وسبعمئة دينار مع الحوافز، بالرغم من حصولي على البورد الأردني.
 
وبخصوص أوضاع أطباء الاختصاص في القطاع الحكومي، يقول السراحنة إن: الطبيب يذهب الى عمله يوميا، ولديه ثلاثة أيام مناوبة أسبوعيا، ووفق نظام الخدمة المدنية يحدد للموظف 26 مناوبة، في المقابل تصل المناوبات للطبيب العام و المقيم و الأخصائي الاستشاري إلى حوالي 50 أو 60 مناوبة في الشهر دون تقاضي اجر اضافي، كما ينطبق هذا الوضع على كوادر التمريض والصيادلة.
 
ووفق السراحنة تتعرض الكوادر الطبية في المملكة للإجحاف من ناحية الرواتب مقارنة بدول اخرى، حيث تتعدى رواتبهم اضعاف ما يتقاضونه في القطاع الطبي الأردني، لافتا الى أن هذا الوضع كان بداية تردي الوضع الصحي في القطاع العام في المملكة، ما أدى إلى هجرة الكفاءات، وأنتج نقصا شديدا في الكوادر الصحية برمتها، إذ أن القطاع الصحي لايقوم على الأطباء وحدهم، فالطبيب يحتاج الى ممرض وصيدلاني وفني مختبر وطبيب تخدير وفني أشعة، وهي منظومة صحية يجب أن تكون متكاملة.
 
ويقول السراحنة إن: الاحتياجات الصحية أهم مطلب للمواطنين، ومعظم أعضاء مجلس النواب، طالبوا بإنشاء مستشفيات ومراكز صحية، مشيراً إلى: سوء البنية التحتية لمعظم المستشفيات إضافة إلى النقص الشديد في الكوادر.
 
ويلفت الى ضرورة اللجوء الى ديوان الخدمة المدنية لسد النقص، لذلك توجهت للوزير السابق نذير عبيدات، والذي بدوره أوعز لجميع مدراء المستشفيات والمراكز بإعلامه بما ينقصهم من كوادر.
 
وحول عمل لجنة الصحة في مجلس النواب، يقول السراحنة: تناط بنا المهام الصحية كاملة في المملكة: المنظومة الصحية، والتأمين الصحي، والشكاوى، والقطاع البيئي، لهذا قامت اللجنة الطبية بزيارة عدد من المستشفيات، وقدمنا مطالب عديدة ومتنوعة للوزارة تخص مستشفى السلط الجديد، والبشير والمستشفى الميداني بعمان، والعقبة الميداني، ومستشفى الأمير حسين في عين الباشا، والمستشفيات العسكرية، وعدة مراكز صحية ومديرية الصحة.
 
ويلفت السراحنة: الى أن الملاحظة الأبرز كانت أن كل المستشفيات تعاني من نقص الكوادر الصحية، وبعضها يعاني من نقص المعدات، فعلى سبيل المثال مستشفى السلط الجديد، لايعاني من نقص الأجهزة وجميع الأجهزة الموجودة فيه حديثة، وكنت أحد أعضاء لجان العطاءات، واخترنا أفضل أجهزة، ولكن ينقصه الكوادر الطبية كما أن هناك نقصا في السجلات الطبية والصيادلة والتمريض.
 
ويدعو السراحنة الى إعادة النظر في كل المنظومة الصحية، وكيفية التعامل مع الوباء وإجراء مراجعة كاملة شاملة للاجراءات الصحية المتبعة سواء كانت صحيحة أو العكس، والعمل على تصويب الأخطاء وتقييمها بدقة، خصوصاً أن كلا البعدين الاقتصادي والوبائي يسوءان أكثر.
 
وبحسب السراحنة هناك عدد من التحديات، من بينها طريقة تعامل الحكومة مع هذا الوباء فهي لم توفر حتى الآن مطاعيم كافية، وهي خط الدفاع الأول، رغم محاولتها الدائمة، وأحد الأسباب أن شركة فايزر أخلّت بالاتفاقية، فضلا عن أن المواطنين لهم دور كبير في تفشي الوباء. ويدعو إلى الالتزام بخط الدفاع الثاني، وذلك بارتداء الكمامة وعدم الاكتظاظ والابتعاد عن التجمعات وعدم المصافحة والتخلي عن عاداتنا وتقاليدنا في هذه الفترة فقط».
 
ويقول السراحنة: الأردن بلد مضياف، وكما عودنا دائما يستقبل الإخوان والأشقاء اللاجئين، وقد كان اللجوء أحد الأسباب التي أثرت على القطاع الصحي، فاللاجئون السوريون يتعالجون على نفقة الحكومة في حين أن الدول العظمى تخلت عن مسؤولياتها أمام اللجوء، وبقي الأردن وحيدا في مواجهته.
 
وحول قانون المساءلة الطبية، يقول: إنه موجود حاليا لدى «اللجنة الفنية العليا» برئاسة الدكتور عبد الهادي بريزات، لافتا الى وجود عدة ثغرات فيه، أهمها: أنه في أحد بنود القانون يجب تشكيل لجان فنية لكل اختصاص، و هو أمر غير سهل لكثرة التخصصات. ويتابع: أن صندوق التعويضات، وهو أحد بنود القانون، سيتم التباحث بشأنه مع وزارة الصحة عندما يخف أثر هذا الوباء.
 
ويشير السراحنة الى أن الوضع الصحي صعب وبحاجة للتكاتف، فالموازنة خفضت مخصصات جميع القطاعات، بما فيها الصحة، وكان الأولى رفع موازنتها، لكن للأسف الشديد الوضع الاقتصادي لا يحتمل، مشيرا الى أن وقت طرح الموازنة كان مطمئنا بعض الشيء، وكان الجميع مرتاحا، لأن الحكومة لبت رغبة المواطنين، وفتحت جميع القطاعات وهذا ما أؤيده.
 
وحول التأمين الصحي الشامل، يقول إن: الحكومة وعدت كالعادة، ومجلس النواب طالب بتأمين صحي شامل، وكان أول توصية لزملائنا في اللجنة المالية، ايجاد تأمين صحي شامل للمواطنين، أما بالنسبة للجنة الصحة والبيئة، فقد كان مقررا الاجتماع بوزير الصحة المستقيل، ومديرة التأمين الصحي، ومدير الضمان الإجتماعي لمناقشة الموضوع إلا أنه الاجتماع لم يتم.
 
وفيما يتعلق بتمديد خدمات تقاعد أطباء الإختصاص والعامين، يقول السراحنة: خاطبنا رئيس الوزراء خطيا بضرورة التمديد لأطباء الاختصاص حتى سن السبعين، ولم يصلنا الرد بعد.
 
«ذوو خبرات خارج العمل»
 
يقول وزير الصحة الأسبق غازي الزبن أن الوضع الصحي في المملكة الآن أسوأ مما كان عليه سابقا، مشيراً إلى مسألة تفريغ الوزارة من الكوادر الطبية خصوصاً الأطباء المتمرسين وذوي الخبرات «الصف الأول»، بحجة بلوغهم السن القانونية.
 
ويضيف في حديث إلى الرأي إن الحلول واضحة، أثناء تسلمي حقيبة الصحة قمت باجراءات مهمة منها بينها إبرام عقود للاطباء تحد من تسربهم، مشيرا في هذا الصدد الى ان الوزارة تقوم بابتعاث أطباء للتدريب سواء بالخدمات الطبية أو الجامعة الأردنية، غير أن المشكلة تكمن في عدم عودتهم للعمل بالوزارة، حيث تصل نسبة التسرب الى ما يقارب 64 بالمئة.
 
وبخصوص الشروط الجزائية المفروضة على الأطباء المبتعثين، يشير الزبن الى أنها مالية لا تتجاوز عشرة آلاف دينار، وهي مبالغ بسيطة، مقارنة بخضوع الطبيب للتأهيل والتدريب، حيث أصبح جراحا بارعاً يمكنه تحصيل مثل هذا المبلغ بشهر واحد خلال عملة في دول أخرى.
 
ويؤكد أهمية توفير سبل الراحة المالية والمعنوية للعامل في الوزارة، كأن يكون له راتب مناسب ليستطيع العيش بكرامة، إلى جانب توفير فرص التدريب أو البعثات.
 
ويبين الزبن أن الوزارة لن تصلح الأمور إلا إذا أصبحت بيئتها جاذبة وغير طاردة، لذلك قمت أثناء تسلمي الوزارة برفع نسبة الحوافز ثلاثين بالمئة، وهو مبلغ جيد وكنت أنوي زيادة الرواتب، إذا استعطت دون إرهاق الموازنة، فزيادة الحوافز التي قمت بها كانت من خارج الموازنة.
 
ويوضح: قمت بتفعيل عقود التدريب داخل وزارة الصحة، حيث لم يكن هناك برامج تدريبية فيها لأطباء جراحة الشرايين والأوعية الدموية، وكان لابد من ابتعاثهم لمدينة الحسين الطبية، والتي لا تستطيع تدريب أكثر من طبيب أو اثنين كل عام.
 
ويتابع: لذلك قمت بإنشاء المراكز التدريبية داخل وزارة الصحة، ما يمكنها من تدريب ثلاثة أطباء كل سنة، وعلى المدى البعيد يتخرج أول ثلاث وفي السنة الرابعة يصبحون ستة اطباء وفي السنة الخامسة يصبحون تسعة، وهكذا نتمكن من توزيع هؤلاء الأطباء على مختلف محافظات المملكة، وبالتالي يسد النقص في أطباء الإختصاص، ويصبح لدينا خلال عشر سنوات اكتفاء ذاتيا كاملا في أطباء وزارة الصحة.
 
وحول الظروف الوبائية الاستثنائية يقول الزبن: كنت دائم التحذير والتنبيه من فترة طويلة لأهمية برامج المعالجة الحثيثة قبل حلول الجائحة، وقمت بعمل برنامج من أجل المعالجة الحثيثة على نفقة منظمة الصحة العالمية وبعد خروجي من الوزارة تم إلغاؤه.
 
ويقول: حتى آخر يوم لي في الوزارة كنت رافضا لخصخصة وزارة الصحة، وأنا على رأسها حيث كنت أشعر أن الأمور تسير بذلك الاتجاه.
 
وبحسب الزبن: عندما تكون الخدمة ضعيفة، والمستوى متدن، ستنظر خارج المنظومة، ولذلك يحبذ الناس التوجه الى القطاع الخاص لوجود رعاية أفضل، مشيراً إلى أن تحسين أي منظومة يتطلب العمل على مستويين الأول: البشري، و الثاني، يتعلق بالأنظمة والتعليمات والقوانين ويلحق بها الأبنية.
 
وفيما يتعلق بقدرات وخدمات المستشفيات والمراكز الصحية، يرى الزبن أنه: لايوجد مشكلة حقيقية فيما يتعلق بالمستشفيات كعدد الأسرة، لكن تكمن المشكلة في أنه سيصبح لديك نقص إذا لم يكن العمل جيدا على جميع المستويات، فإذا لم يكن لدى المواطنين مركزا صحيا بقدم خدمة متميزة، فسيضطرون إلى التوجه للمستشفيات، لكن إذا توفرت مراكز صحية كفؤة تصبح نسبة الذين يقصدون المستشفيات 5 بالمئة بدلا من 100بالمئة، فالمواطن يسعى لرعاية جيدة.
 
ويشير الزبن الى توفر المعدات الطبية الحديثة في المستشفيات المنتشرة في محافظات المملكة، لكن ما فائدة المعدات إن لم يكن هناك كوادر طبية ومختصين يتعاملون معها.
 
«أطباء بلا عضوية»
 
ويقول القائم بأعمال نقيب الأطباء محمد رسول الطراونة إنه يصل إجمالي عدد الأطباء الممارسين في الأردن ما يقارب (22)الف، منهم حوالي أربعة آلاف غير ممارسين، في المقابل وصل عدد من شطبت عضويتهم حوالي خمسة آلاف لعدم دفعهم مستحقات النقابة بعضهم ممارسون، بعدد اجمالي يصل الى (32) الف.
 
ويؤكد الطراونة وجود نقص في أطباء الاختصاص كأطباء الصدرية وأطباء العناية الحثيثة والتخصصات الفرعية والدقيقة و جراحة القلب والأوعية الدموية والأعصاب.
 
ويشير الى أن القطاع الطبي العام يشمل وزاة الصحة والمستشفيات الجامعية والخدمات الطبية الملكية، غير أن النسبة الأكبر من الخدمات تقوم به وزارة الصحة من خلال مستشفياتها المنتشرة والتي تصل الى (32) مستشفى و(700) مركز صحي تخدم نسبة كبيرة من المواطنين المنتفعين من خلال التأمين الصحي المدني ويأتي في المرتبة الثانية الخدمات الطبية من خلال مستشفياتها المنتشرة في المحافظات، وأكبر المستشفيات الجامعية من حيث عدد الأسرة هي مستشفى الجامعة الأردنية ومستشفى الملك المؤسس.
 
ويلفت الدكتور الطراونة الى أن القطاع الحكومي يعاني من نقص في الكوادر الطبية، وهناك تفاوت في جودة الخدمات الصحية.
 
ووفق الطراونة فإن سبب توجه المواطنين للقطاع الطبي الخاص وجود دور انتظار طويل على بعض الاختصاصات نتيجة لنقص الأطباء، اضافة الى عدم وجود رضى عن جودة الخدمات المقدمة، فالطبيب العام الذي يعاين خمسينا مريضا في اليوم يختلف عن طبيب القطاع الخاص يعاين خمسة مرضى، وبالتالي عدم الرضى ناتج عن اعتقاد المرضى أن هناك ضعفا في جودة الخدمات الطبية لكن من حيث التغطية القطاع العام يغطي أكثر من كل القطاعات.
 
وحول بعض الاراء التي تنادي بخصخصة القطاع الطبي الحكومي، يقول الدكتور الطراونة أنه يرفض هذه الفكرة ويؤيد فكرة الشراكة مع القطاع الخاص.
 
«غياب العدالة»
 
قال رئيس لجنة الصحة والبيئة والسكان في مجلس الأعيان الدكتور ياسين الحسبان: كان لدينا نظام صحي نعتز ونفتخر به وحظي بسمعة عالمية، وكانت انجازاته انموذجا، حيث كنا نقود الانجازات الطبية في المنطقة، لافتا إلى أن: الاردن كان سباقاً في إجراء أول عمليات قلب، زراعة كلى وكبد و زراعة خلايا جذعية وأطفال أنابيب.
 
وأكد الحسبان أن المستشفيات الأردنية كلها أتحفتنا بإنجازاتها الطبية الجديدة كمدينة الحسين والجامعة الأردنية، ومستشفى البشير.
 
ولفت إلى أن الموازين اختلفت مع مرور الزمن ليس في القطاع الصحي فقط، بل في جميع القطاعات، ما أنتج ترهلا إداريا، وغيابا للمتابعة والتقييم الصحيح للأشخاص والكفاءات إضافة الى التعيين بالواسطة والمحسوبية، والذي كان السبب في ضعف النظام الصحي في الأردن إلى جانب إنشاء المراكز الطبية على أسس غير علمية لا ترتبط باستحقاقات وحاجات المناطق.
 
وأكد الحسبان أن هذه المراكز الطبية التي يفوق عددها سبعمئة في بلد مثل الأردن تشكل عبئاً على الوزارة، مشيرا الى عدم وجود عدالة في توزيع المراكز الطبية وفي الخدمة الصحية للمواطنين.
 
ويرى الحسبان أننا بحاجة لفريق لقيادة جهد وطني لتحسين البنية التحتية في مستشفياتنا، وعلى المعنيين البدء في العمل من الصفر، بتفقد أوضاع جميع المستشفيات وتقييمها وتحديد النقص فيها والعمل على تعويضه.
 
وبحسبه فإن المشكلة في وزارة الصحة ليست مالية، ولا نحتاج لاستثمار نقود، لكن بإمكاننا تحسين الوضع الصحي بتنظيم ما يوجد لدينا واستغلال الامكانيات الموجودة استغلالا سليما.
 
وقال الحسبان: إن هناك خطة كبيرة تحت عنوان «تنظيم واصلاح القطاع الصحي» سيتم الاعلان عنها لوسائل الاعلام قريبا، حيث عمل على إعدادها فريق وطني منذ شباط، وهي جاهزة وتحتاج من خمس الى عشر سنوات ليتم تنفيذها، وتتعلق بفصل ممول الخدمة عن مقدمها.
 
وأكد أن الإصلاح يجب أن يشمل الأنظمة، ولا يجوز أن يظل ديوان الخدمة المدنية مسؤولا عن التوظيف بل يجب أن يكون مؤسسة لمراقبة الأداء ووضع الموظف في مكانه الصحيح بحيث يتناسب مؤهله العلمي مع وظيفته.
 
ويقول الحسبان: نحن الآن في وباء وفي معركة حساسة جدا مدتها أسبوعين إلى ثلاثة، فإذا لم نسيطر على الوباء فإن الجميع سيخسر، لافتا الى أن: الوقت غير مناسب الآن للإصلاح السياسي والاقتصادي، لدينا الآن مهمة مستعجلة، وهي محاولة الخروج من الوباء بأقل الخسائر.
 
العبء الأكبر يقع على كاهل الممرضين
 
أعداد المرضى أكبر من قدرة الكوادر التمريضية
 
عمان - تالا أيوب
 
ملائكة الرحمة، يحملون رسالتهم الإنسانية السامية بكل جد وإقتدار، يبذلون قصارى جهدهم في مد يد العون والمساعدة للمرضى عبر تقديم كافة أشكال الرعاية الصحية، يتقدمون الصفوف الأولى الى جانب الكوادر الطبية الاخرى، متناسين التعب والخوف رغم المخاطر التي تحاصرهم بمواجهة وباء فتاك.
 
هذه التجربة القاسية بكل تفاصيلها تعيشها الكوادر التمريضية منذ أكثر من عام، غير أن هذا الحال لم يثنهم عن اتمام رسالتهم وتأدية واجبهم بكل ما أوتوا من عزم وقوة، برغم ما لحق بهم من تداعيات سلبية اجتماعيا ونفسيا.
 
ويروي بعض أبطال الجيش الأبيض تجربتهم الصعبة والقاسية بكل ما خلفته من تبعات سلبية طاولتهم في مختلف الجوانب الحياتية، مطالبين في هذا الصدد إدخال مهنتهم ضمن فئة المهن الخطرة، إضافة الى انصافهم بمكافآت مالية توازي جهدهم وانجازهم، والنظر في مكافأة نهاية الخدمة للممرضين وتحويلها الى صندوق ادخارهم.
 
ممرضة طلبت عدم نشر اسمها، تعمل في مستشفى ميداني خاص بمرضى الكورونا تقول لـ الرأي «نتعرّض لضغط كبير أثناء ساعات عملنا اليومي، بسبب عدد المرضى الكبير، والذي لا يتوازى مع الامكانات البشرية للكوادر التمريضية، مشيرة إلى أن نقص عدد الممرضين انعكس على خدمة العدد الكبير للمرضى، إذ يصل في بعض الأحيان إلى إشراف ثلاثة ممرضين على 36 مريضا.
 
وأشارت الى أن عددا كبيرا قد أصيب بفيروس كورونا من قبل طاقم التمريض في المستشفى الميداني ووصلت الى نسبة ٧٠ بالمئة تقريبا.
 
من جانبه، صرّح مسؤول قسم تمريض في مستشفى حكومي - طلب عدم نشر اسمه لـ الرأي أن الكوادر التمريضية أنهكت نتيجة الجهود الكبيرة التي تبذلها ما انعكس عليها صحياً ونفسياً واجتماعياً.
 
ويكمل: لم نعد مقبولين من قبل المجتمع، كوننا في خط الدفاع الأول، فنحن معرّضون لنقل العدوى للاخرين، الأمر الذي جعل منا فئة غير مرحب برؤيتها،فضلا عن عدم التواصل مع أفراد أسرنا منذ أكثر من عام منذ بدء الجائحة.
 
ويروي تفاصيل معاناته قائلاً: أشعر بالعزلة، واجلس في غرفتي بعيدا عن زوجتي وأولادي خوفا من احتمالية أن أكون مصابا وانقل لهم العدوى، فضلا عن عزل ملابسي عن بقية الملابس، وغسلها لوحدها، اضافة الى تناول الطعام بمفردي دون مشاركة باقي افراد الأسرة.
 
ويلفت الى أن الممرضين حريصون على القيام بالاحتياطات والاجراءات الاحترازية دائما لتفادي نقل العدوى إلى الآخرين، موضحاً أن بعض الممرضين والممرضات قد أصيبوا بالفيروس وتسببوا بإصابة أقاربهم من الدرجة الأولى، ما أدى الى وفاة أحدهم.
 
وحول عدد ساعات الدوام في الوضع الطبيعي يقول: تحدد بـ٤٥ ساعة أسبوعيا، الا أنه في الظرف الاستثنائي الذي نعيشه حاليا لا يحدد بوقت معين، بالإضافة الى أننا نجبر على عدم اغلاق هواتفنا بسبب حالة الطوارئ.
 
ويكمل: في كثير من الأحيان نغادر المستشفى في وقت معين، ويُطلب منا العودة بعد ساعتين تقريبا، وذلك مرهق جسديا وماليا، لافتاً الى أن نسبة الإصابات بين الممرضين والممرضات في المستشفيات الحكومية وصلت الى ما يقارب ال 50 بالمئة.
 
ويضيف: هناك بعض الممرضين والممرضات حصلوا على حوافز مالية قدرها 284 دينارا، بينما لم يحصل آخرون عليها. مطالبا مكافأتهم بحوافز تشمل الجميع وتكون موازية لجهدهم الذين يقومون به.
 
ويشير الى أن عدد الكوادر الحالية يكفي لرعاية الأمراض السائدة، أما بخصوص مرضى الكورونا فتحتاج الى كادر أكبر، مطالبا بزيادة عددها طالما الوضع استثنائيا، فلا بد من تعيين المزيد من الممرضين.
 
وبخصوص تأهيل الكوادر وتدريبها، يشير الى أنهم يشتركون في دورات على حسابهم الشخصي، ولا يسمح لهم بالإجازات العادية ومن يريد اكمال دراسته عليه أن يحصل على إجازة دون راتب.
 
ويضم صوته الى صوت بقية الممرضين والممرضات المطالبين بحوافز كحال بعض القطاعات الأخرى على غرار تخصيص مقاعد جامعية لأبنائهم، والنظر في نهاية الخدمة وتمييزهم ببعض الإعفاءات عند شراء السيارات.
 
«نقص الكوادر»
 
يقول نقيب الممرضين الأردنيين خالد ربابعة في حديث إلى الرأي: إن الذين يعملون في مواجهة كورونا بشكل أساسي هم كادر التمريض، اذ أن الأطباء يعملون لفترات محددة وكذلك الأمر فيما يتعلق بالصيدليات وغيرها(...)، و التمريض هو القطاع الوحيد الذي يعمل فيه الكادر بجميع طاقته، أي انهم يعملون جميعهم، مع استمرارية الخدمة التمريضية على مدار ال24 ساعة طوال أيام الاسبوع بينما باقي القطاعات تعمل بنسبة 50 بالمئة.
 
ويلفت الى وجود نقص حاد قبل الكورونا، ومع زيادة عدد المستشفيات الميدانية وتوسعة بعض المستشفيات، زاد العبء بشكل كبير، مشيرا الى أنهم قد بدأوا بالتعيينات مؤخرا.
 
ووفق الربابعة فإن عدد الممرضين والممرضات الذين يعملون في الأردن يقارب 22000 تقريبا، منهم 12000 يعملون في مستشفيات وزارة الصحة، فيما يتراوح عدد العاملين في الخدمات الطبية الملكية بين 4000-5000 ومثلهم تقريباً في القطاع الخاص.
 
ويشير الى أن كادر التمريض لم يتلقَ بأكمله اللقاح، وأصيب حوالي 3000 من كوادر التمريض بكورونا، توفي منهم ستة ممرضين.
 
وبحسب الربابعة: لا يوجد مكافآت للعاملين بمهنة التمريض، والحوافز متعلقة بدخل المستشفيات، أي أنهم يحصلون على نفس المبالغ التي كانوا يحصلون عليها قبل الجائحة، وقد تكون أقل بالإضافة الى أنه لا يصرف لهم بدل العمل الإضافي.
 
ويشير الى بعض التحديات التي يواجهونها بسبب اللباس الذي يتقيدون به، إذ ان أجسادهم مشدودة طوال الوقت، ولباس أقنعة الوجه لفترات طويلة تؤدي الى استنشاق ثاني أكسيد الكربون، لافتا الى أن بعضهم يصاب بالدوار وحالات الإغماء.
 
وتقول المقرر السابق للجنة الصحة والبيئة والسكان في مجلس الأعيان الدكتورة سوسن المجالي الرأي: إن هذه الفترة الاستثنائية صعبة جدا على كافة الكوادر الصحية، ومن ضمنهم الذين يعملون في قطاع التمريض، اذ أن العبء ينصب بشكل أكبر على الممرضين والممرضات لأنهم موجودون 24 ساعة مع المريض، وبالرغم من الفترة التي يقضيها الطبيب مع المريض الا أنها تكون أقل، وتبقى المسؤولية الرئيسية على التمريض.
 
وتكمل: على الممرضين والممرضات تقييم وضع المريض، وتقديم العلاج المحدد من قبل الطبيب، وعليهم مراقبة علامات تحسّن حالة المريض الصحية أو تراجعها، واتخاذ الإجراءات المناسبة بمعرفة منهم في بعض الأحيان، أو من خلال استدعاء طبيب، كل هذه الاجراءات ليست سهلة، وخاصة في وضع وباء كورونا، والتي يجب أن تلازمها اجراءات وقائية، توفر للتمريض ملابس وقاية من قفازات وأقنعة، لأنهم يتعرضون بشكل كبير جدا للفيروس.
 
وتلفت الى أن بعض المستشفيات تخصص ممرضين وممرضات أصيبوا سابقا بالفيروس؛ للاعتناء بمرضى الكورونا، وهي فكرة مهمة، لكن علينا أن نقوم بإعطاء اللقاح لجميع الكوادر الصحية التي على علاقة مباشرة بالمصابين بالكورونا، أو للذين يجرون الفحوصات لهم في الميدان أو للذين يقدمون اللقاح للآخرين.
 
وتشير الى أنه عندما تصدر البيانات والاحصائيات دائما يُركّز على عدد الأطباء المتوفين، ولكن من الضروري التركيز على الكوادر الصحية الأخرى التي تقدم هذه الخدمات، إذ من الممكن أن تكون نسب الاصابات والوفيات ببينها بنسب أعلى.
 
وتشدّد على حاجة هيئات التمريض لأن تعتبر من المهن الخطرة، إذ لا توجد مهنة أخطر من أن يعتبر الشخص الذي يعرض حياته وأسرته وكل من يخالطهم للخطر بعد الانتهاء من العناية بمصابي كورونا وحياته في خطر وخاصة أن هذا المرض لا يراعي العمر والجنس أو أي شيء آخر.
 
وتتابع: يحتاجون الى حوافز لأنهم يعملون في هذه الأماكن الخطرة، وهناك شكوى في كثير من مستشفيات القطاع العام بأن هناك نقصا في الكوادر، وبالأخص تلك المدرّبة على الرعاية الحثيثة واستخدام أجهزة التنفس وما شابه، فنحن بحاجة الى تغطية النقص الحاصل في الكوادر.
 
وتكمل: كان هناك تعيين أعداد كبيرة من التمريض لكن للأسف الشديد ما سمعته بأن هذه الكوادر والتي كانت بالأساس تعيينها من أجل دعم الكوادر في المستشفيات الميدانية، وفي أقسام الكورونا تسرّب جزء منها الى مواقع أخرى ما أدى الى عدم حل مشكلة الكوادر في أقسام كورونا أو في المستشفيات الميدانية.
 
وتشير الى حاجة كادر التمريض للدعم النفسي لتواصلهم بشكل مباشر مع المرضى بمختلف الأعمار، ما يؤدي بهم إلى الاصابة والوفاة، لافتة الى النقص في الدعم النفسي الذي يقدم لجميع الكوادر الصحية.
 
وفيما يتعلق بهجرة الكوادر التمريضية بين القطاعي العام والخاص، تقول: تتجه كوادر التمريض بالذات نحو القطاع العام، ولذلك لاحظنا انه انسحب كثير من الممرضين من القطاع الخاص إلى العام عندما تم الإعلان عن التعيينات لأن الرواتب في القطاع العام أعلى منه في الخاص.
 
وتقول: أتمنى على الجميع تقدير أهمية التمريض في فترة الكورونا وما بعدها، بتحسين أوضاع الممرضين في القطاعين العام والخاص من ناحية الرواتب وتوفير الحضانات وتأمين المواصلات واعطائهم الفرص لتطوير ذواتهم لكي يقدموا خدمات ذات جودة عالية.
 
وتتابع: يجب على الكوادر التمريضية أن تحترم هذه المهنة، وأن تلتزم بأخلاقياتها، فهذه الفترة حاسمة، ويجب أن نبذل ما نستطيع من جهد تقديم أفضل خدمة للمرضى، لأن أسرهم تنتظرهم كما أسر التمريض ينتظرونهم، وإن شاء الله سنستمر في تطوير هذه المهنة.
 
أهمية اجتراح الحلول والخطط الاستباقية لمواجهة الأزمات
 
الجاعوني تدعو إلى تفعيل دور المراكز الصحية لتخفيف العبء عن المستشفيات
 
عمان - تالا أيوب
 
تقول المدير التنفيذي لمجلس اعتماد المؤسسات الصحية سلمى الجاعوني إن الأخطاء في المستشفيات موجودة في بلدان العالم كافة، والأردن ليس استثناء، غير أن سبب سماعنا عن كثرتها يتمثل في أن الأضواء مسلطة عليها في هذه الظروف الاستثنائية، فهي تقع تحت مجهر المتابعة والنقد؛ فضلا عن أن المسؤولية الملقاة على عاتق القطاع الطبي والمؤسسات الصحية والأطباء والعاملين في المستشفيات كبيرة وضاغطة عما هي عليه في الظروف الطبيعية.
 
وتضيف في تصريح «للرأي «: «لقد تم العمل على إطلاق كثير من المبادرات والتحسينات للاستعداد لتقديم خدمات مناسبة خلال الجائحة، من أهمها استمرارية جاهزية المستشفيات، بدءاً من دراسة المخاطر والتعرف على نقاط الضعف إلى وضع الخطط الاستباقية للتعامل مع الحوادث». وتشدّد الجاعوني على ضرورة وجود دراسة مستمرة لجاهزية المؤسسات الصحية، في مواجهة الأوبئة والظروف الصحية الاستثنائية.
 
وتقول: لقد طوّرنا في المجلس أداة من هذا النوع تعتمد على الآليات والخطط المتّبعة لدى منظمة الصحة العالمية والمركز الأميركي للسيطرة على الأوبئة CDC، وباستطاعة المؤسسات الصحية المختلفة اعتمادها واستخدامها كمعيار لقياس قدراتهم واحتياجاتهم.
 
ووفق الجاعوني: فإن الخطط وتطبيقها في حالات الطوارئ كما في الظروف التي نعيشها في ظل جائحة كورونا تتطلب مراقبة عن كثب، موضحة: أنه يجب مراقبة عدد المرضى اليومي الذي يراجع المستشفى سواء أكانوا مرضى كورونا أو غيرها من الأمراض، علماً أن مستشفيات القطاع العام مثقلة ومزدحمة حتى قبل الجائحة.
 
وتتابع: ومن خلال مراجعة أعداد المرضى واحتياجاتهم، يمكننا مراقبة استهلاك اللوازم والموارد، وكذلك حجم العبء على الموارد البشرية، وبالتالي نكون قادرين على توقع الاحتياجات والتخطيط المسبق لها.
 
وتلفت الجاعوني الى أن حالة الحرب مع الفيروس تستدعي النظر ليس فقط في جاهزية المستشفيات، انما الى أعداد مقدمي الخدمة من أطباء وممرضين واختصاصات طبية مساندة وعمال نظافة وصيانة وإداريين، خصوصاً الذين يتواجدون في الأماكن الحرجة، والتأكد من مهاراتهم وقدراتهم وتدريبهم على التعامل مع وباء بهذا الشكل والحجم».
 
وتقول: إننا نمر في ظروف واحتياجات لم نمر بها سابقا، ومن الممكن الحصول على المهارات المطلوبة من ذوي الاختصاص الذين اكتسبوا مهارات التعامل مع الفيروس من قبلنا لتدريب كوادرنا الطبية من مقدمي الخدمة أو العاملين في المستشفيات كوننا نواجه حربا لم نعرفها من قبل.
 
ووفق الجاعوني: قام مجلس اعتماد المؤسسات الصحية بتنفيذ عدة دورات مجانية في أسس ضبط العدوى وغيرها من الأمور ذات الأهمية العالية في هذه الفترة، كما مولت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) تدريبات أخرى قدمها أطباء اردنيون متواجدين في الولايات المتحدة الاميركية تعاملوا مع فيروس الكورونا قبلنا وشاركوا خبراتهم مع أطباء في وزارة الصحة الأردنية، ولكن التدريبات لمرة واحدة لا تكفي يجب مأسستها وتكرارها بشكل ممنهج ومدروس.
 
وحول أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مثل هذه الظروف تقول: أوضح البرنامج التنفيذيّ التأشيري للحكومة 2021–2024 الى أن نسبة 68% من الأطباء يعملون في القطاع الخاص،ما يؤشر على ضرورة التكامل والتشارك بين القطاعين في ظل هذه الظروف الاستثنائية لتوفير الاختصاصات والموارد البشرية لتلبية الطلب الهائل على المستشفيات.
 
وتكمل: ولتخفيف العبء عن المستشفيات، يجب ان نفعّل دور المراكز الصحية ونرفدها بالبروتوكولات العلاجية، والأطباء الذين يستطيعون تقديم المشورة الصحيحة للمصابين، وخاصة الحالات غير الحرجة التي يمكن علاجها قبل ان تتطور لحالات تستدعي دخول المستشفى.
 
وتشير الى أن: الرعاية الصحية الأولية من أهم أسس النظام الصحي المتكامل، ولتقوية هذا النظام في هذه الفترة الحرجة يجب القيام بالتدقيق وتقوية الدور الرقابي للتأكد من جاهزية المستشفى او المركز الصحي للتعامل مع الحالات، واستخدام قائمة تفقدية نطبقها بشكل دوري (كل 48 ساعة او اسبوعياً) ومن خلالها نستطيع استباق الحدث والاستجابة للاحتياجات وأيضا المساءلة في حال حدوث أي خطأ.
 
وبحسب الجاعوني فإن: هذه الاقتراحات والإجراءات تحد من أي فجوات في المنظومة، وهي ليست صعبة، ولا تحتاج الى تمويل او تكلفة اضافية، انما تهدف للتنظيم مع تواصل مستمر بين الإدارة ومقدم الخدمة ومرونة في الاستجابة، مشيرة إلى أن: كثيرا من الجهود والإنجازات والتحسينات في قطاع الرعاية الصحية تمت عبر التدخلات السريعة والعمل التكاملي على سد الثغرات ومعالجة التحديات بشكل مباشر.