عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    11-Jan-2021

نهر البندورة الدافق* رمزي الغزوي
الدستور -
 قبل جائحة كورونا كان يقام سنوياً في بلدة بونول من مقاطعة فلنسيا شمال إسبانيا مهرجان البندورة الشهير. فيؤتى بتفاحة الحب الطازجة بكل لذاذتها وحمرتها لتكوم في الساحات العامة والازقة والطرقات والأرصفة، وتبدأ معارك حامية الغطيس يتراشق فيها الجميع بسرور كسرورنا بالثلج ومعاركه. وبعد أن يسيل نهر دافق من الكاتشب تتوقف المعارك ليحصي كل واحد مسراته ويضحك حين يتغير لونه. 
 
مع محافظتنا على التباعد الجسدي ولبس الكمامات أقترح أن نقيم مهرجاناً سنويا لبندورة في مثل هذه الأيام. خصوصا مع النزول الحاد في سعرها واكتناز حمرتها، وليكون المكان غور الصافي منبع هذه الثمرة الشهية. فنتجمع من سائر المدن والبلدات لنشعل معاركنا اللذيذة، وبعد أن يتدفق نهر الحمرة نحصي أوجاعنا المنسابة، ونعود مارين بالبحر الميت؛ لأخذ حمام يجفف ضحكنا المرَّ.
 
يحزنني هذا المشهد السنوي المؤلم والمستفز، حيث يدلق بعض مزارعي الغور الصافي محصولهم من البندورة على قارعة الطريق احتجاجاً على تدني سعرها وعدم قدرته على تغطي تكاليف انتاجها، إذ وصل بيع الصندوق الواحد منها أقل من نصف دينار. مع أنها ما زالت تباع في بعض أسواق عمان بأكثر من نصف دينار للكيلو الواحد. فأي ظلم هذا؟!
 
المهرجان المقترح سيلفت النظر إلى معاناة هؤلاء الفلاحين المتكررة ويثير السؤال المشروع: من يتحمل هذه الأحجية التي وصلنا إليها. فالبندورة أما في العلالي أو في الهملالي؟!. وعندها ييقول قائل: كل طلعة يقابلها نزلة، أي كما كسب الفلاحون من فورة الأسعار وجنونها قبل أشهر حينما وصل سعر الكيلو الغرام الواحد منها دينارا وأكثر، عليهم أن يتحملوا هبوط الأسعار. فالدنيا ليست دائما قمرة وربيعة. البعض أرجع أسباب هذا الغلو في الأسعار إلى سيادة نظام تسويقي ظالم ومنحاز لا يخدم إلا التجار الكبار في السوق المركزية، ويقضي على المزارع الصغير ويرهقه. 
 
فمن أوصلنا إلى مشهد أن يدلق الناس تعبهم على الأرض والدوس على نعمة يفتقدها الكثيرون؟!، من أوصلنا إلى أن يغدو مزارعنا الأضعف في حلقة سلسلة الانتاج. ولهذا أكرر اقتراحي إقامة المهرجان الضاحك عله يدفق نهرا طافحا ألماً وحمرة؛ لنتساءل عمن جعلنا ندلق ثمرة تكلفنا كثيراً من المياه التي نحتاج إليها.
 
اوقفوا زراعتها إذن، أو رتبوا الأمور بين كل أطراف المعادلة على قاعدة ربح ربح لكل حلقات السلسلة: المزارع والوسيط والمستهلك.