عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-Feb-2019

سجن مدونة.. هل أطل شبح قمع الحريات بتونس؟

 

تونس - مجدي السعيدي - "كوني كما عهدناك يا فضيلة قوية مبتسمة، فالطيور تسجن في الأقفاص لروعة أصواتها" كان هذا واحدا من بين الشعارات الكثيرة التي ضجت بها صفحات التواصل بتونس ورفعها ناشطون على الإنترنت بعد ساعات من صدور حكم قضائي بسجن المدونة التونسية فضيلة بالحاج لمدة عامين على خلفية تدوينات نشرتها على صفحتها على فيسبوك وانتقدت فيها ما اعتبرته تلاعبا من السلطات في تعاملها مع قضايا أمنية.
 
وأعاد إيقاف المدونة فضيلة مساء الأربعاء على ذمة التحقيق في قضايا طرفها الثاني رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية، الجدل حول التضييقات على حرية الرأي والملاحقات الأمنية والقضائية التي يتعرض لها مدونون وناشطون تونسيون بعد مرور ثماني سنوات على ثورة يناير/كانون الثاني 2011.
 
وأنشأ مدونون وناشطون حملات افتراضية من قبيل "سيّب (أطلق سراح) فضيلة" أو "كلنا فضيلة بالحاج" أو "حرية التعبير في تونس تحتضر" وذلك للمطالبة بإطلاق سراح المدونة وإيقاف تتبعها ورفع الوصاية على حرية الرأي والتعبير.
 
ناقوس خطر
ويرى حازم القصوري أحد محامي المدونة أن موكلته أدينت بالإساءة لموظف عمومي عبر شبكة الاتصالات العمومية وهي تهمة أبعد ما تكون عن تلك التي تستوجب عقوبة السجن على حد قوله.
وقال القصوري للجزيرة نت "الواضح أن الحكم الصادر بحق موكلتي يشكل خرقا واضحا للالتزامات الدولية بخصوص حرية التعبير ومؤشرا خطيرا يهدد الحريات وعلى رأسها حرية التعبير، ويؤكد نية السلطة للعودة إلى سياسة القمع ضد من يبدون آراءهم بخصوص الشأن العام".
 
ويعتبر أنه "من غير المعقول سجن المدونين مهما بلغت آراؤهم من انحراف ومن تضارب مع السلطة، وأنه لا بد من مراجعة الفصول القانونية المتعلقة بالمدونين والناشطين، نحن نخشى أن يكون ما يحدث ناقوس خطر ينذر بالعودة لمربع تكميم الأفواه".
 
وأوقفت بالحاج طيلة يومين على ذمة التحقيق، قبل أن تمثل الجمعة أمام المحكمة الابتدائية بتونس التي قضت بسجنها سنتين، وهو الحكم الأقصى حسب الفصل 128 من المجلة الجزائية المتعلق بالإساءة لموظف عبر شبكة الاتصالات.
 
وكانت النيابة العمومية دانت بالحاج في البداية بتهمة ذات صبغة إرهابية قبل أن تسقط عنها تلك التهمة وتدينها لتهم أخرى بينها الإساءة لموظف عبر شبكة الاتصالات بعد نشرها تدوينات على موقع فيسبوك.
 
 
 
جانب من احتجاجات سابقة للصحفيين التونسيين على التنصت عليهم (الجزيرة)
تواصل التضييقات
وينص الفصل 128 من المجلة الجنائية في تونس على أنه "يعاقب بالسجن مدة عامين وبخطية (غرامة) قدرها 120 دينارا (40 دولارا) كل من ينسب لموظف عمومي أو شبهه بخطب لدى العموم أو عن طريق الصحافة أو غير ذلك من وسائل الإشهار أمورا غير قانونية متعلقة بوظيفته دون أن يدلي بما يثبت صحة ذلك". غير أن هذا القانون لقي انتقادات لاذعة من قبل منظمات حقوقية اعتبرت أنه فصل جديد من فصول قمع حرية التعبير.
 
وتكررت ملاحقات السلطات للمدونين وناشطي الإنترنت، ففي أغسطس/آب الماضي، أوقفت قوات الأمن المدونة أمينة منصور مدة يوم واحد بسبب تدوينة على صفحتها على فيسبوك انتقدت فيها رئيس الحكومة يوسف الشاهد.
 
كما صدر حكم بسجن المدون محمد الهمامي لمدة ثمانية أشهر لاتهامه في قضية تجريح رفعها ضده وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية (في ذلك الوقت) المهدي بن غربية.
 
من جهته قال رئيس مرصد الحقوق والحريات بتونس أنور أولاد علي للجزيرة نت إن ملاحقة المدونين وسجنهم يعبر عن "نوايا الحكومة لتكميم الأفواه وقمع الحريات" وإن ارتفاع عدد الموقوفين على خلفية مواقفهم تجاه السلطة يزيد من مخاوف العودة لمصادرة حق التعبير.
 
غير أن أولاد علي يطالب في الآن ذاته بضرورة تحديد مفهوم واضح للمدون الذي "لابد أن يعبر عن نبض الشعب وألا ينتمي لتيار سياسي أو أن يتقاضى أموالا نظير تدويناته".
 
بدوره قال المدون والناشط السياسي ياسين العياري إن هناك مخاوف من أن "سلسلة إيقاف نشطاء الرأي في الأشهر الماضية تأتي ضمن خطة انتخابية يقودها رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد".
 
وتابع العياري، عضو لجنة الحقوق والحريات بالبرلمان، وهو من أشهر المدونين المعارضين للسلطة، أن المدون ينبغي أن يتحلى بدوره بروح المسؤولية والصدق، مشيرا إلى أن محاكمة بعض الناشطين تأتي في سياق عدم التزامهم بحدود حرية التعبير وانخراطهم في تيارات سياسية.
 
من جهتها، نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش في بداية العام الحالي بيانا قالت فيه "إن السلطات التونسية تحقق مع مدونين ونشطاء وتوجه تهما إليهم، وأحيانا تحتجزهم لمجرد توجيههم انتقادات سلمية إلى مسؤولين عموميين".
 
وتابعت في البيان ذاته أنه "منذ 2017، واجه تسعة مدونين على الأقل تهما جنائية بسبب تعليقات على منصات التواصل الاجتماعي انتقدوا فيها مسؤولين كبارا واتهموهم بالفساد"، مضيفة أن ذلك "أمر لا يمكن تبريره بعد ثماني سنوات على الثورة في تونس".
 
المصدر : الجزيرة