عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Oct-2019

أزواج بخلاء یحرمون أسرهم من حقوقها ویحولون الحیاة إلی ”جحیم“
ربى الریاحي
عمان-الغد-  أزمة حقیقیة تعیشھا بعض الأسر سببھا بخل الزوج وھروبھ الدائم من مسؤولیاتھ، وتضییق الخناق على أبنائھ وزوجتھ، ذلك ما یجعل الحیاة معھ شبھ مستحیلة، وتدخل العائلة بمشكلات یصعب حلھا.
دراسات عدیدة تؤكد أن البخل مرض نفسي وتربوي ویعد من أنواع افتقاد الإحساس بالأمان، ولھذا المرض بواعث عدة أھمھا الحرمان في الصغر أو أن البخیل بالفطرة إنسان أناني ویكره العطاء والإنفاق على أھل بیتھ.
حالة من الحرمان والتضییق یفرضھا أبو أحمد على زوجتھ وأبنائھ الذین یعانون كثیرا من بخلھ ومحاسبتھ الشدیدة لھم على أدق الأشیاء، ھو لا یتوانى أبدا في إحراجھم أمام أصدقائھم وأقاربھم، كما یظھر أنانیتھ وتفننھ في إذلالھم وإشعارھم بالدونیة حتى وإن لم یقصد ذلك.
رفضھ القاطع لتلبیة احتیاجاتھم كافة جعلھم أشخاصا مھانین لیس لدیھم القناعة التي تحمیھم من النظر إلى ما في ید غیرھم، فولد عندھم میلا للسرقة والاحتیال لسداد النقص الذي أوجده لدیھم.
أبو أحمد تناسى، وربما أراد أن یتجاھل، خطورة ذلك الحرمان على أبنائھ، فأصر على أن یسلبھم أبسط حقوقھم ویخنقھم بحساباتھ القاسیة التي تعتبر ملابس العید والمصروف المدرسي والأكل ضربا من البطر والتبذیر.
تعترف زوجتھ أن الحیاة معھ صعبة جدا ومھینة تفتقر للمحبة والدفء والعطاء، مضیفة أن المؤلم في الموضوع ھو أنھ قادر مادیا لدیھ كل الإمكانات التي تسمح لھم بأن یعیشوا بكرامة وبمستوى جید، یجنبھم نظرات الاستھزاء والإشفاق، وتبین أن خلافات كبیرة باتت تنغص حیاتھم في الآونة الأخیرة وتزعجھم كثیرا لدرجة أن أبناءھا لم یعودوا قادرین على التحمل أكثر.
أما أبو جھاد الذي فقد حب واحترام أبنائھ لھ، فھو أیضا دفعھ بخلھ لأن یعاملھم بقسوة ویتمادى في أذیتھم، مبررا ذلك بأنھ حریص على مصلحتھم ویرید تعلیمھم قیمة القرش حتى لا یتھاونوا في صرفھ وتضییعھ، ھو وبعیدا عن كل شيء أراد أن یخفي سبب بخلھ الذي تشربھ من والدیھ منذ الصغر.
شعوره بالحرمان والذل لم یمنعھ من أن یذیق أبناءه مرارة العوز رغم غناه، بل على العكس كان سببا رئیسیا في تحویلھم إلى أشخاص حاقدین یكنون الكره للجمیع ویتمنون التبرؤ منھ؛ إذ سئموا أنانیتھ المفرطة وعدم اكتراثھ باحتیاجاتھم وبرغبتھم في أن یحصلوا على القلیل ذلك الذي یشعرھم بأنھم كغیرھم.
شروط كثیرة قاسیة ألزمھم بھا، وجعلھم یھابون مطالبتھ بأبسط الأشیاء خوفا من ردود فعلھ التي تحرجھم وتزید من حزنھم وافتقارھم، بخلھ الشدید أفقده صفة الرحمة وجرده من مشاعر الحب، فما كان منھ إلا أن أعطى نفسھ الحق في إجبارھم على تناول أردأ الأطعمة ولأیام عدة بدون أن یسمح لھم بالتذمر أو الرفض.
ویرى اختصاصي الشریعة منذر زیتون، أن البخل عادة ذمیمة غیر مقبولة دینیا واجتماعیا، وقد دعا الله عز وجل الإنسان إلى الخروج من بخلھ والاتصاف بالكرم بعیدا عن التبذیر حتى یفوز برضاه، موضحا أن الإنسان مطالب بأن یكون كریما على نفسھ أولا قبل كل شيء، لأن ذلك یعینھ على حب البذل والعطاء ومساعدة من یحتاج إلیھ.
ویلفت إلى ضرورة أن یتسم رب الأسرة بالكرم ویبتعد قدر الإمكان عن البخل والحرمان، باعتباره المسؤول الأول عن إعالة أسرتھ وإشباع حاجاتھم حسب إمكاناتھ المادیة، وتخلفھ عن ھذا الدور حتما سیتسبب باختلالات نفسیة وصحیة واجتماعیة لدى أفراد الأسرة.
ویبین زیتون ”أن من مخاطر بخل الأزواج على أسرھم أولا نشوء جیل مادي نتیجة عدم حصولھ على حاجاتھ الأساسیة، وبالتالي شیوع الكثیر من الأمراض الاجتماعیة كالسرقة والرشوة والنفاق والاحتیال، ثانیا تعم الكراھیة بین أفراد الأسرة الواحدة وخاصة الأبناء تجاه والدھم لكونھ حرمھم الشعور بالأمان والاكتفاء، ثالثا افتقاد الأبناء الرضا والقناعة وتطلعھم إلى ما في ید غیرھم وإبداء العداوة والحقد لكل من ھو غني أو أفضل منھم، ورابعا ھدم الأسر وتفككھا وانتھاء تلك العلاقات غالبا بالطلاق“، مؤكدا أن الأبناء في ھذه الحالة یتمنون الھروب من البیت والابتعاد عن آبائھم البخلاء، والبنات كذلك قد یدفعھن بخل آبائھن إلى الزواج من أول شخص یتقدم لخطبتھن حتى وإن لم یكن مناسبا لھن.
ویذھب الأخصائي الاجتماعي محمد جریبیع، إلى أن البخل صفة منبوذة اجتماعیا تتسبب في أغلب الأحیان في إنھاء الكثیر من العلاقات، وخاصة تلك المتعلقة بالزواج وتكوین أسرة.
ویلفت إلى أن اكتشاف ھذه السمة المقیتة في زوج المستقبل یجبر الفتاة على فك الارتباط خوفا من التبعات السلبیة التي توجدھا حتما سمة البخل، مشیرا أیضا إلى أن البخل لا یقتصر فقط على الناحیة المادیة بل یتعداھا لیشمل حتى الناحیة العاطفیة.
ویبین جریبیع أن حالة من التوتر والكراھیة والخوف تسیطر على حیاة بعض الأسر كتلك التي یتولى رعایتھا زوج وأب بخیل یدقق على أسخف الأشیاء ویتعمد دائما النظر إلى الأمور من زاویة مادیة بحتة، متجاھلا حاجة أبنائھ وزوجتھ لتوفیر متطلباتھم الأساسیة.
ویشیر إلى أن الزوج البخیل یفتقد لقیم العطاء والإیثار، كما أنھ یرفض مساعدة الآخر ویختبئ في الغالب خلف ذرائع واھیة تحمیھ من صرف الأموال مثل ھؤلاء الأشخاص یعیشون بوحدة ویتجنب الناس مصادقتھم أو الاقتراب منھم لما لدیھم من صفات سلبیة یولدھا البخل في شخصیاتھم