یدیعوت أحرونوت
محمد مرسي، الرئیس المصري السابق الذي توفي أول من أمس في اثناء محاكمتھ، لم یكن شخصا
حظي بكلمات دافئة من النظراء في الغرب. صحیح أنھ كان الرئیس الأول الذي تنافس في انتخابات
حرة في بلاده وانتصر فیھا، ولكن لعلھ باستثناء الرئیس الأمیركي السابق باراك أوباما فان أحدا من
زعماء العالم الحر الذین عملوا معھ لم یحاولوا الثناء علیھ. وفي إسرائیل ایضا قالوا أمس بعد وفاتھ
”الحمد أن تخلصنا منھ“. اما من ناحیة تاریخیة، فسیذكر مرسي كأحد رموز الفترة العاصفة التي
شھدتھا الشرق الأوسط، ومصر بخاصة، في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرین.
بعد ”الربیع العربي“ الذي أدى إلى اسقاط الرئیس الاسطوري لمصر حسني مبارك، تنافس مرسي،
رجل حركة الاخوان المسلمین – في الانتخابات أمام قائد سلاح الجو ورئیس الوزراء الأسبق احمد
شفیق، ممثل العلمانیین في الدولة، وتغلب علیھ. عھد جدید بدأ في مصر في 30 تموز 2012 :عھد
مرسي.
كان ھذا عھدا قصیرا. فالرئیس الأول الذي انتخب في انتخابات حرة في مصر بقي في منصبھ لسنة
واحدة فقط، وفي تموز 2013 اطیح بھ من كرسي الرئاسة في الثورة التي قادھا الجیش برئاسة
الرئیس الحالي، عبدالفتاح السیسي. وفي اثناء تلك السنة لم یتلفظ مرسي باسم إسرائیل علنا حتى ولا مرة واحدة. وكذا اسم رئیس الوزراء بنیامین نتنیاھو حرص على الا یذكره، ولیس صدفة. وفي إسرائیل ایضا لم یتحمسوا من ذكر اسمھ. فمرسي ورجال الاخوان المسلمین تعاونوا مع حماس في غزة، وكان التخوف أن في ھذا التعاون سیؤدي الى تھدید أمني حقیقي. ولحظنا، فان السیسي لم یطح فقط بمرسي عن كرسیھ بل وسارع الى ادخالھ ھو وكبار رجالات الاخوان المسلمین الى خلف القضبان. بعضھم اعدم، ولكن مرسي افلت من ھذا المصیر، وفي اثناء محاكمتھ كان یمكنھ فقط أن
یأسف على الیوم الذي عین فیھ السیسي في منصب وزیر دفاعھ، وھیأه للثورة.
لسبع سنوات كان مرسي في السجن، في قاعدة سلاح البحریة المصري قرب الاسكندریة. سبع
سنوات رأى فیھا محاولات رجال حماس ممارسة الضغط لتحریره تصطدم بسور منیع. في ظھوره
أمام المحكمة أصر على الإعلان:“أنا رئیس مصر حتى الیوم“. ونال ایضا رؤیة سلفھ في المنصب، مبارك، یصل إلى المحكمة كشاھد ادعاء وھو یرتدي بدلة، قمیص ابیض وربطة عنق، بینما ھو
نفسھ یجلس في قفص الاتھام وھو یرتدي بدلة ریاضة بسیطة. رئیسان سابقان، الواحد مقابل الآخر،
في المحكمة – ھذه لحظة تأسیسیة في التاریخ المصري.
ان وفاة مرسي لن تحدث موجات من الأثر في مصر. فالحیاة العادیة سرعان ما ستعود، وھو سیمحى من الذاكرة. التاریخ وحده سیذكر، وربما سلبا، الرئیس الأول لمصر الحرة ظاھرا.