عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Feb-2019

التدقیق بالتفاصیل وعدم تجاوز الهفوات.. ”یرهق“ الحیاة الزوجیة
منى أبوحمور
عمان-الغد-  أمام وابل الملاحظات التي یلقیھا زوج میساء على مسامعھا یومیا؛ تقف في حیرة من أمرھا متساءلة: كیف یمكنھا التصرف مع شریكھا الذي لا یمكن أن یمرر لھا كلمة أو نظرة خلال حدیثھما إلا ویراجعھا بھا، فضلا عن تدقیقھ الكامل على كافة التفاصیل.
الأمر لا یتوقف على تعقیبھ وراء كل كلمة تقولھا أو تصرف قد بدر منھا فحسب، وفق الثلاثینیة میساء، إنما بـ ”كشف الحساب“ الذي یراجعھا فیھ منذ یوم الخطبة، ورصده لكل الأخطاء التي قامت بھا والتصرفات التي بدرت منھا، رغم تجاوزه عنھا حینھا.
تقول إن كثرة التدقیق قد افقدت زواجھما الكثیر من التفاصیل الجمیلة، وألقى ذلك بظلالھ على علاقتھما التي أصبح یسودھا الحرص والتردد من أي كلمة أو تصرف.
یبدو أن وضع الحیاة الزوجیة تحت المجھر لیس من اختصاص الزوج فحسب، بدا ذلك واضحا من خلال حدیث الأربعیني محمد حسان الذي یفكر في كل ما یصدر منھ من فعل أو قول قبل أن یصدر عنھ.
یقول ”أتعامل مع زوجتي بحذر شدید لعلمي بما سیحدث من نكد بعد ذلك“، متابعا خمسة عشر عاما من الزواج لم تكن كافیة لتخلق ثقة وطمأنینة لدى زوجتھ التي لا یمكن أن تصفح عن أي ھفوة أو أن تمرر أي كلمة تسمعھا فھي دائمة الیقین بأن وراء كل كلمة قصدا ووراء كل نظرة مغزى.
ھذا النوع من الممارسة الزوجیة ”التدقیق في كل صغیرة وكبیرة“ مزعج للطرفین، وفق خبیر العلاقات الزوجیة الاستشاري أحمد عبدالله، لأنھ ببساطة یلغي بشریة الإنسان، فالطبیعة البشریة
تخطئ.
ویستدرك عبدالله بأن التدقیق في الشؤون السلبیة تحدیدا یلغي الإیجابیات، فالحیاة الأسریة تُبنى
على الثقة، الخصوصیة والاحترام وأي خلل في واحد من ھذه الثلاثة سیقود الزوجین إلى حروب لا داعي لھا.
ووفق عبدالله، فإن كلا الزوجین یتجاوزان التدقیق المزعج في حیاتھما من خلال بناء قناعة ذاتیة بأضرار ھذه الممارسة، وعدم مساھمتھا في زیادة رصید المشاعر بین الزوجین، فضلا عن كونھا واحدة من أسباب غیاب عدم الاستقرار الأسري.
بید أن الأمر لم یرق لـ نبیلة السید التي فضلت الانفصال بعد 18 عاما من الزواج، بعد تدقیق زوجھا على كل كبیرة وصغیرة وأصبح اللوم سید الموقف في علاقتھما.
وتقول الأربعینیة نبیلة أنھا دائما ما تتجاوز عن ھفوات زوجھا وأخطائھ وترى من حق كل منھما على الآخر الصفح عن بعض الأخطاء الصغیرة، سیما وأن الحیاة فرضت على كلا الزوجین ظروفا حیاتیة صعبة واقتصادیة وأعباء أثرت كثیرا على صفو حیاتھما.
قرار انفصال نبیلة عن زوجھا لم یكن سھلا علیھا، وإنما جاء بعد أن أصبح التدقیق إساءة لھا وأصبحت الھفوات والأخطاء ھي محور العلاقة الزوجیة، فوجدت أن الانفصال أفضل قرار.
السكینة والمودة والرحمة بین الزوجین ھو الغایة الحقیقیة من الزواج بحسب اخصائي علم الاجتماع الأسري رئیس جمعیة العفاف مفید سرحان، فالأسرة ھي أھم مؤسسة اجتماعیة ونجاحھا یتطلب تعاون كلا الزوجین.
ویقول سرحان إن الحیاة الزوجیة بحاجة إلى قدر كبیر من التسامح لأنھا حیاة مستمرة وطویلة والتعامل فیھا بشكل یومي ومستمر، والأصل أن یتفھم كل طرف مشاعر الآخر وأحاسیسھ وأن یكون مستعدا لتجاوز الھفوات والأخطاء، فلا یوجد من ھو معصوم عن الخطأ.
ویبین أن الزوجین إن أرادا الحیاة ان تستمر وتنجح، فإن المسؤولیة تتطلب التعاون والصفح والتجاوز عن الأخطاء، خصوصا أن غالبیتھا ربما لا تكون مقصودة بذاتھا أو إساءة للآخر.
ویلفت أن الإصرار على عدم التجاوز عن الخطأ یعني أن یعیش الزوجین حیاة كئیبة ملیئة بالمشاكل والتنافر والجفاء، ما یؤثر سلبا على نفسیتھما أولا وعلى الأبناء ثانیا وعلى العلاقة مع الآخرین، فالناحیة النفسیة مھمة جدا للإنسان وھي مصدر للاستقرار الصحي.
وتتطلب المصلحة من الطرفین وفق سرحان، عدم الوقوف عند الأخطاء والتجاوز عنھا وأخذ الأمور بأریحیة، ذلك یحتاج لسعة صدر وحسن بالظن وتربیة سلیمة قبل ذلك، بل وأن یفھم كل طرف نفسیة الآخر، فطریقة الرجل في التعبیر عن المشاعر ربما تختلف عن طریقة الأنثى، فھناك فروقات بین الجنسین ومحطات تؤثر على نفسیة الإنسان.
بدورھا تؤكد اخصائیة علم الإرشاد النفسي والتربوي الدكتورة مرام بني مصطفى أن وجود القبول بین الزوجین منذ البدایة من أھم العوامل التوافقیة بین الأزواج، فمھما كبرت المشاكل وعظمت یتحمل كل منھما الآخر، فالقبول عامل مھم جدا وھو كاسر للظروف القاسیة والصعبة.
وتجد أن غیاب التوافق بین الزوجین، یسرع في حدوث المشكلات ویدفع كلا الطرفین لانتظار الآخر على كلمة أو زلة أو حتى أي تصرف یخلق بعده الطرف الآخر مشكلة، الأمر الذي یخلق عدم الرغبة والدافعیة في الحیاة الزوجیة.
وأخیرا، تذھب إلى أن كثرة التدقیق في الحیاة وعدم التجاوز عن الأخطاء یدفع بكلا الطرفین لعدم الاكتراث بالآخر، فتصبح الحیاة روتینیة، ومع زیادة الضغوطات والمشاكل قد یلجآن للانفصال.