عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Mar-2023

عن الجنيدي.. وخروجنا من التيه*بلال حسن التل

 الراي 

أنا من أشد المؤمنين بأن من نقاط الضعف القاتلة في بلدنا، أننا نهمل بناء الإنسان عقلا ووجدانا، بينما نهتم بحاجات معدته، التي صرنا في المرحلة الأخيرة نقصر في توفيرها هي الأخرى، وهذه معادلة خطيرة أول نتائجها ما نعيشه من ضعف في الولاء للوطن وارتفاع منسوب التذمر، فعندما ترجح حاجات المعدة على حاجات الوجدان، تغيب ثقافة الرضا بعد أن تغيب ثقافة الإنتاج وقبلمها ثقافة الانتماء.
 
مناسبة الحديث عن نقطة الضعف القاتلة لبلدنا، هو نبأ وفاة المبدع الأردني محمد سعيد الجنيدي المومني في الغربة التي امتدت لأكثر من نصف قرن، وهو نبأ يثير الكثير من الأسئلة الحزينة التي تصب في خانة تعظيم نقطة الضعف التي تهددنا، فقد ترتب على اهمالنا للبناء الوجداني والعقلي للإنسان الأردني، اهمالنا لأهل الإبداع الذين يبنون هذا الجانب من الإنسان. حيث أخذ اهمالنا للابداع والمبدعين صورا كثيرة، منها الإهمال الذي يؤدي إلى العزلة، كما حدث مع اديب عباسي، أو إلى الانتحار كما حدث مع تيسير السيول أو إلى القلق الدائم وعدم ال?ستقرار كما حدث مع عرار.
 
إن واقع الإبداع والمبدعين ومجمل الواقع الثقافي والفكري المحزن في بلدنا يثير جملة من الاسئلة واهلهما في بلدنا، ولماذا كتب على اكثرهم الغربة حتى لا نقول التشرد امثال غالب هلسة ومحمد سعيد الجنيدي المومني الذي توفي في لندن هذا الأسبوع، وهو في التسعينيات من سنوات عمره، الذي أمضى معظمها بعيدا عن وطنه، رغم أنه يمتلك سيرة من
 
العطاء تقدم لمثل صاحبها التحايا والتكريمات، وهو الذي كرمته منظمة اليونسكو في ستينيات القرن الماضي، كاصغر كاتب في الشرق الأوسط واتاحت له فرصة محاورت كبار أدباء وفلاسفة الغرب، مثلما كرمته فلندا، فقد كان شاعرا أصدر العديد من الدواوين الشعرية، مثلما كان روائيا تزين رواياته واجهات المكتبات، كما كان مسرحيا ودارسا وباحثا، ناهيك عن أنه صحافي عرف على المستوى المحلي والخارجي، كتب ونشر في معظم الصحف الأردنية، يوم كان للنشر في تلك الصحف شروطا ومواصفات لا يقدر عليها إلا الموهوب والمثقف الحقيقي، كما عرفت بيروت الجنيدي ص?فيا يحتل الصفوف الأولى في كبريات مجلاتها كالأسبوع العربي والحوادث أيام مجدهما وتصدرهما للمشهد الإعلامي العربي، لينتقل الجنيدي بعد ذلك في مشوار غربته إلى لندن التي واصل بها هذا المشوار، ليعيد من جديد طرح السؤال لماذا كتب على الكثير من المبدعيين الأردنيين التشرد، واقسى منه الاهمال، فهل كرم محمد سعيد الجنيدي المومني في بلده، وهل احتفى به مهرجان جرش للثقافة أو غيره من المهرجانات التي يغص بها بلدنا، ام أننا نقيم المهرجانات لتكريم الآخرين والتعريف بهم، أين وزارة الثقافة من قامة كمحمد سعيد الجنيدي المومني، وقد كا? واحدا من العاملين فيها عندما كانت دائرة للثقافة والفنون؟.
 
اسئلة كثيرة حول واقع الثقافة والفكر واهلهما، أظن أن الإجابة عليها سيقودنا إلى مخرج مركزي للخروج مما نعيشه من معاناة وتيه.