عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Nov-2018

بذكرى استشهاد وصفي التل: الأردنيون يستذكرون سيرة عاشق الأردن وفلسطين

 الغد-عبدالله الربيحات

يحيي الأردنيون اليوم الذكرى 47 لاستشهاد رئيس الوزراء الأسبق وصفي التل، الذي قضى من أجل الوطن، واستشهد في سبيل مبادئه الكبيرة ومصالحه العليا، مستذكرين مروءة الشهيد الكبير وتضحياته، وصفات رجل الدولة والشخصية الوطنية.
لقد اعتمد الشهيد التل هيبة الدولة شعاره الأسمى، وكانت العدالة هدفه الأغلى، فلم يترك خلفه، كغيره من رجال الوطن الشرفاء، غير وطن قوي، وعزيز وأجيال تربت على عشق الوطن وصون منجزاته.
استشهد التل في القاهرة في مثل هذا اليوم من العام 1971، بأيد غادرة، بعد أن وصل مصر للمشاركة في اجتماع مجلس الدفاع العربي.
عالج وصفي قضايا حاضره بحكمة وحزم وحنكة وشجاعة وعدالة، واتزان يستشرف المستقبل، وتداعياته بدقة وبصيرة ثاقبة، وكان يعد لكل حدث محتمل عدته قبل حدوثه، كان يعتمد أسلوب الثواب والعقاب في إدارته، بعدالة متناهية، متواضعا لمن يستحق التواضع، حازما وجادا عندما يستدعي الظرف ذلك، جنديا شجاعا محترفا يعشق رفاق السلاح، والنضال والجهاد، ويعتز ويفاخر ببطولاتهم، كان يؤمن بالمقاومة الشريفة الصادقة، التي توجه حرابها ضد العدو المحتل، وبدولة المؤسسات والقانون، يحترم العرف العشائري الإيجابي الذي يجسد أسمى معاني الرجولة والإباء والحكمة ليستعين به في حل بعض القضايا، والإشكالات، ويكون رديفا لمؤسسات الدولة وصمام الأمن والأمان لاستقرار الوطن وصون منجزاته.
امتاز وصفي بإيمانه بالعمل العربي المشترك، بالتصدي للأخطار التي تواجهها الأمة العربية، ودعم كفاح الشعب الفلسطيني في سبيل تحرير أرضه ووطنه. وقارئ حياة "وصفي" يقف عند محطتين بحياته، محطة حُبه للأردن، ومحطة حُبّه لفلسطين، ذلك الحُب، الذي بلغ حد العشق، حتى كان من الصعب أن تعرف: هل وصفي أردني يحب فلسطين ويعشقها، أم هو فلسطيني يحب الأردن ويعشقه. 
فعلى صعيد حبه للأردن، الذي بلغ حد العشق، يُجمع الدارسون لوصفي أنه كان ضمير الأردن وشعبه، ينبض بنبضهما، ويحمل همومهما، ويجهد ويجتهد ليحقق بعضا من طموحاته وآماله لمصلحتهما، وعلى صعيد حبه لفلسطين يكفي أن نستذكر أنه عشقها في محضن والده، شاعر الأردن الخالد "عرار"، مصطفى وهبي التل، الذي تفجر حبه لفلسطين، شعرا ولما يبلغ العشرين من عمره، عندما أنشد محذرا من خطر وعد بلفور لليهود، بتعهد بريطانيا بمساعدتهم على إقامة وطن قومي لهم في فلسطين.
ركز وصفي على القطاع الزراعي، لأنه يدرك اهمية هذا القطاع ودوره بتأمين الحياة الكريمة للمواطن الأردني، فعمل على تشجيع الزراعة البعلية والمروية بكل مكان يمكن أن يكون منتجا، بل واستعمل صلاحياته في قانون الدفاع وطلب من الحكام الإداريين سجن كل مالك أرض زراعية لا يقوم بزراعتها.
لقد رفض وصفي فكرة المدارس الخاصة، وترخيصها في الأردن، لأنه يعلم ما يعانيه المواطن الأردني، وأراد من المعلم أن يكون نموذجا بالعطاء، بعيدا عن المغريات المادية.
كان وصفي قصة وطن، يصعب تدوينها، فقد كان المسؤول النموذج الذي رفض ان يكلف خزينة الدولة مبلغ ستة دنانير، مقابل توصيل أعمدة الهاتف لمنزله في الكمالية، فطلب من مدير مكتبه أن يقسط له المبلغ، بواقع دينارين لكل شهر من راتبه الشخصي.
خبر وصفي الأردن وعرفه من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، عرف حتى أدق تفاصيل الحياة للشعب الأردني، وخبر الأرض الأردنية، وعرف أنها كريمة ومعطاءة، لمن يعتز بها ويحميها، وأنها جرداء قاحلة، لمن يتنكر لها. لقد كان الشهيد وما يزال مدرسة لكل من عشق الأردن وتعلق به.
يقول الشهيد التل، في خطاب الثقة أمام مجلس النواب في حكومته الأخيرة: "إن المواطن الذي يعيش في أمن حقيقي، هو وحده القادر على العطاء، وهو الذي يعرف كيف يموت بشجاعة، في سبيل بلده وقضيته، أما المواطن الذي يعيش في الرعب والفوضى، فلا يملك شيئا يعطيه لبلده أو قضيته أو حتى لأحد من الناس".