عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    09-Jul-2025

تأطير الفلسطينيات في نشرات الأخبار*د. رشا سلامة

 الغد

لم يكن دور المرأة الفلسطينية هامشياً في يوم. مقاتلات كنّ أم أكاديميات أم موظفات في ميادين شتى أم فلاحات في الحواكير. ولم يحدث أن اقتصرت أدوارهن، قبل النكبة وما تلاها، على البكاء والعويل، أو التوسل للحصول على المساعدات الإنسانية والدعاء على من تخاذل عن نصرة الفلسطينيين، كما تُظهِر بعض شاشات التلفزة العربية.
 
 
تُنشَر لي، في غضون أيام، دراسة صادرة عن مطبوعة في الجامعة الأميركية في القاهرة، تتناول تأطير المرأة الفلسطينية في نشرات الأخبار أثناء تغطية الحرب الأخيرة على قطاع غزة، وقد كانت العينة مركزة على النسوة الغزيات وعلى تغطية قناة الجزيرة على وجه التحديد. حللت نشرات الأخبار على قناة الجزيرة في الفترة الواقعة بين 10 أكتوبر 2023 إلى 10 يناير 2024، بواقع 91 نشرة.
أظهرت النتائج أن مشاركة المرأة الفلسطينية كخبيرة ومحللة سياسية كانت محدودة جدًا، بنسبة 18 % فقط، مقارنة بمشاركة الرجال التي بلغت 82 %، على الرغم من العدد اللافت للأكاديميات الفلسطينيات المتخصصات في العلوم السياسية، إلى جانب الشخصيات التي كانت جزءاً من المشهد السياسي في منظمة التحرير الفلسطينية! 
علاوة على ما سبق، أظهرت النتائج أن معظم المداخلات النسائية في تغطية الحرب كانت تتعلق بشهادات إنسانية من دون أي تعليق سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي أو صحي وازن من قِبل النسوة الغزيات، إذ بلغت نسبة مَشاهد الحزن والدموع واستجداء المساعدات الإنسانية 81.3 % من إجمالي صور المرأة الفلسطينية في نشرات الأخبار والتقارير المرفقة بها.
مَشاهد نواح الفلسطينيات وعويلهن في الجنائز كان الأكثر ظهورا؛ حيث بلغت نسبته
65.1 % من الأخبار التي تناولت المرأة في سياقات حزينة. أما مَشاهد استجداء الدعم والمساعدات، فقد كان ظهور المرأة فيه هو الأعلى والأكثر تكراراً بنسبة 74.2 %، في حين كانت مَشاهد معاناة نقص الغذاء والدواء هي الأقل بنسبة 9.7 %، إلى جانب غياب التقارير المعمقة التي تتحدث عن واقع النسوة الغزيّات صحياً من حيث ظروف الحيض والحمل والولادة والأمراض النسائية في ظل الحرب، على الرغم من أن تقرير هيئة الأمم المتحدة للمرأة، في العام الماضي، أشار إلى أن ما يزيد على 177 ألف امرأة غزية يعانين من متاعب صحية خطرة تهدد الحياة، وبأن 162 ألف امرأة غزية مصابات أو على شفا الإصابة بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والسكري، وبأن 15 ألف امرأة غزية حامل على شفير المجاعة، وبأن ما يزيد على خمسة آلاف امرأة غزية مصابات بالسرطان لا يتلقين أي علاج حاليا.
وكانت النساء المحجبات هن الأكثر تمثيلًا في هذه التغطية الإعلامية، بنسبة 83.8 %، بينما كانت نسبة النساء غير المحجبات 16.2 %. هذه النسبة تبرز تأطيرا إعلاميا تعكف عليه قنوات إخبارية، كجزء من ليّ عنق الحقيقة لإسباغ الصبغة الدينية على المجتمع الفلسطيني بالإجبار؛ على الرغم من وجود فلسطينيات محجبات وغير محجبات كذلك، سواء كان هذا في فلسطين المحتلة أم في الشتات، على السواء.
من شأن بعض نتائج الدراسة، المذكورة في هذا المقال، البرهنة على حجم الصور النمطية التي تخلقها قنوات إخبارية عربية عن المرأة الفلسطينية، متجاهلة في الحرب نفسها الطبيبات اللاتي يقفن جنباً إلى جنب مع زملائهن في المهنة، والأكاديميات اللاتي لم يعدمن الحيلة في إلقاء المحاضرات الدراسية تحت القصف، والأمهات اللاتي ذدن ببسالة عن أجساد أطفالهن وأزواجهن، وغيرهن كثيرات، اختارت هذه التغطيات الإخبارية تهميشن وإبقائهن في الظل؛ لإذكاء البكائيات على حساب الحقيقة.