عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Sep-2020

يحدث في «مولد» الانتخابات ..!*حسين الرواشدة

 الدستور

نحتاج إلى التذكير بالقيم السياسية النظيفة في زحمة السجالات التي تدور حول الانتخابات، ونحتاج - أيضا - إلى إعادة الاعتبار لأخلاقيات المواطنة، وأخلاقيات العمل العام، وأخلاقيات التنافس والتدافع والنقد والاختلاف، وإذا كانت مجتمعاتنا قد أصابها - فيما مضى - حالة من التدهور على هذا الصعيد وابتليت ببعض النخب التي سقطت «بالبراشوت» إلى دوائر الفعل السياسي والاجتماعي، فان استخلاص العبر مما انتهينا إليه من تيه وارتباك يفرض علينا إجراء مثل هذه المراجعات الضرورية، والتأكيد عليها، وإقامة موازينها العادلة لكي نتمكن من رؤية خياراتنا، ووضوح طريقنا، وسلامة «اتجاه» بوصلتنا العامة.
في تاريخنا القريب ثمة نماذج وطنية يمكن أن نستلهم منها قيم الاستقامة وأخلاقيات العمل العام، ممن تركوا في «ذاكرتنا» الوطنية «رمزية» خاصة للتجرد من كل مصلحة شخصية، والالتصاق دائما بالناس ومصالحهم، والارتفاع فوق «إغراءات» المواقع والاحتكام إلى «نبض» البلد، هؤلاء وغيرهم لا تذكرنا بهم «الثروات» التي تركوها، وقد رحلوا فقراء، ولا تذكرنا بهم «المواقع» التي شغلوها، وإنما القيم التي آمنوا بها، والمواقف التي سجلوها والأخلاقيات الرفيعة التي التزموا بها حين مارسوا أعمالهم السياسية أو الإدارية أو غيرها.
الآن، وفي «مولد» الانتخابات تحديدا، ثمة من يؤمن بأن السياسة طلقت الأخلاق، وبأن الوصول إلى الهدف يبرر الوسيلة، وبأن «الشطارة» في الدخول إلى اللعبة تقتضي استخدام المشروع وغير المشروع، على قاعدة «اكسب واهرب»، وبأن التعامل بمنطق «الاستغلال» واقتناص الفرص، حتى لو كان على حساب مصلحة المجتمع وظروف الناس، هو أقصر الطرق لتحقيق المراد .
 الآن يوجد بيننا من لا يتورع في إقصاء خصومه أو تجريحهم أو الإساءة إليه بذريعة أو بدون ذريعة، ويوجد بيننا من يسيء استخدام سلطته وصلاحياته لحساب قريب مرشح، أو صديق مؤازر، ومن يتغطى بالدرع للوصول إلى قلوب الناس، ومنها فورا إلى أصوات أكثر في الصناديق، ومن يستخدم الصدقات والعمل الخيري «كرشوة» الفقراء، ومن يستفز المشاعر الوطنية للحصول على حصة ما من كعكة السياسة والمنصب، ومن يضع «وطنيته» ومبادئه التي لطالما أشهرها في كفة، وفي كفة أخرى «الموقع» الذي يفترض أن يشغله.
هل نحتاج، وسط هذه المناخات إلى التذكير بقيم السياسة النظيفة، وبأخلاقيات الوظيفة العامة، وبالنماذج الوطنية التي ما زالت حية في ذاكرتنا.؟
هل نحتاج إلى «موازين» جديدة، نضع فيها نخبنا أمام امتحان «الأكثر» وزنا في كفة أخلاق السياسة والالتزام بمبادئها النبيلة، والأكثر إيمانا بمصلحة البلد والأكثر «إقناعا» للناس، والأكثر زهدا في المناصب والإغراءات والامتيازات.
اعتقد أننا - فعلا - بحاجة إلى هذه الموازين لكي نعرف من ينجح في امتحان «التصويت» والفرز.. ومن يسقط فيهما بامتياز.