عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Jun-2024

هيبة المعلم على المحك*محمود خطاطبة

 الغد

ضجت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، مؤخرًا، بحادثة تتعلق بالتهجم على معلم بإحدى المدارس الحكومية في عمان، وضربه وإهانته، بطريقة لم يعتد عليها المجتمع الأردني.
 
 
التصرف الذي حصل، واستنكره جل الشعب الأردني، وأثار الرأي العام، يتطلب التفكير مليًا بهيبة المعلم، وإعادة العمل وبكل جدية من أجل توفير بيئة تعليمية، تضمن حقوق وكرامة المعلم أولًا وأخيرًا.
 
ألهذا الحد وصل الاستهتار بشخص يعتبر أساس العملية التعليمية والتربوية؟ وما الضمانات لعدم تكرار مثل تلك الحادثة في المستقبل؟.
يقال إن وزير تربية وتعليم في إحدى الدول الأوروبية، قدم استقالته لمجرد أن طالب في إحدى المدارس قام بقطف وردة من حديقة أثناء مغادرته لمدرسته، مع أن هذا الوزير غير مسؤول عن تصرفات جميع الطلبة، لكنه أقدم على تلك الخطوة، انطلاقًا من مبدأ أخلاقي، وتحمل المسؤولية، وبالنهاية تُعبر عن خلل ما، هو أصلًا غير مسؤول عنه لوحده.
لست هنا في صدد المطالبة باستقالة وزير التربية والتعليم، خصوصًا أن هناك حوادث حصلت بسبب أخطاء، راح ضحيتها أرواح، ولم يقدم أي من المسؤولين عنها استقالاتهم.. لكن الحادثة تلك تتطلب إيجاد حلول تضمن عدم تكرارها، خاصة أنها تتعلق بالمربي الأول للأجيال، في وقت بات فيه النظام التعليمي ككل في «مهب الريح»، ويتعرض لكثير من التحديات والمعيقات. 
بعيدًا عن ضرورة اتخاذ إجراءات حازمة، وتنفيذها على الأرض، تجاه الطلاب الذين يقدمون على تلك الأفعال، على الرغم من أنها ضرورية.. إلا أن الخوف أن تكون الحادثة بداية لظاهرة غريبة عن أخلاق وتقاليد المجتمع الأردني، تتعلق بهيبة المعلمين أجمعين، التي لا يشك أحد بأنها تراجعت كثيرًا، فنحن جيل تم غرس قاعدة التربية قبل التعليم في عقولنا وأدمغتنا.
أي موظف أو عامل، عندما يصل إلى درجة من اليقين بأن كرامته غير محفوظة، وهيبته غير مصانة، من المستحيل أن يقدم شيئا لمؤسسته أولًا، ثم لوطنه.. هذا ما يخص الموظف، فما بالك إذا كان المقصود معلمًا يربي أجيالا، ويتخرج على يديه أساتذة جامعات وأطباء ومهندسون وممرضون ومحامون.
إعادة الهيبة للمعلم، تعتبر أول ركن أساسي في البيئة التعليمية، فعندما تحفظ كرامة المعلم، يستطيع السيطرة على تجاوزات بعض الطلبة غير المحمودة، وإجبارهم، أو بمعنى أصح إقناعهم، بالاستفادة من كل جزئية من جزئيات التعليم، وزيادة رغبته في التعلم، وبالتالي إفادته وأسرته ثم الوطن ككل.
ذلك يتطلب إعادة النظر بسن قوانين وتشريعات تدعم المعلم، وتضمن حقوقه وكرامته وهيبته.. كلي أمل ألا يفهم من كلامي بأن هذه دعوة لإعادة الضرب في المدارس، وإن كنت متيقنا بأن الضرب كان مبالغًا فيه الأعوام الماضية، كما أن التساهل الحاصل حاليًا مبالغ فيه أيضًا.
قد يقول البعض إن الحادثة عبارة عن تصرفات فردية، ولم تصل إلى حدود «الظاهرة»، وقد يقول آخرون إن الحادثة وقعت خارج أسوار المدرسة، تلك أمور غير مهمة، فأيًا كانت المُسميات، نحن بحاجة إلى الوقوف على الأسباب التي أدت إلى ذلك.
معرفة الأسباب وإيجاد مخارج لها،  يدخل في صميم عمل الجهات المعنية كافة، وذلك بالتشارك والتنسيق مع خبراء علم الاجتماع والنفس والاقتصاد، وكذلك وسائل الإعلام المختلفة، وقبل كل ذلك الأسرة.. فهيبة المعلم على «المحك».