عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Feb-2019

”جلاس“.. نهایة تخالف التوقعات لثلاثیة ”البطل الخارق“
إسراء الردایدة
عمان-الغد-  في فیلم ”جلاس“ یطرح المخرج ھندي الأصل إم نایت شیاملان أسئلة عدیدة منھا: ھل یتقبل العالم وجود أشخاص یتمتعون بقوة خارقة بینھم؟ وھل البطل الخارق حقیقي أم مجرد رسومات كرتونیة تحكي عن تلك البطولات الخیالیة لشخصیات وھمیة، وبین ھذا وذاك تبقى الإجابات غیر واضحة حتى النھایة.
الأحداث منذ بدایة الفیلم تستعید الأجزاء السابقة من خلال ربط الشخصیات ببعضھا بعضا ضمن سلسلة من المشاھد التمھیدیة التي تنكشف شیئا فشیئا لتشكل صورة عامة واضحة عما سیجري
لاحقا.
بعد 19 عاما فیلم ”جلاس“، یختتم ثلاثیة انطلقت في العام 2000 بفیلم Unbreakable تلاه فیلم Split في العام 2016 ،من المخرج نفسھ الذي أتقن تقدیم أفلام الإثارة والغموض على غرار فیلم The
.2000 العام في Sense Sixth ویجمع شیاملان في ”جلاس“ بین أبطال أفلامھ الثلاثة في عمل واحد، بدءا من فیلم Unbreakable العام 2000 الذي كان بطلھ ”دان“ ولعب دوره الممثل بروس ویلیس الناجي الوحید من حادث قطار سببھ الیجا برایس أو ”جلاس“، ولعب دوره الممثل صامویل ال جاكسون.
ویتمتع إلیجا (الشخصیة المحركة للأحداث) بقدرات الذھنیة العالیة، وسمي الفیلم باسمھ ”جلاس“
لأنھ یعاني من ھشاشة عظام حادة؛ حیث إن أدنى حركة تسبب لھ كسرا عمیقا ویتفتت، ویسعى
لإثبات نظریة وجود أبطال خارقین.
أما الشخصیة الثالثة فھي التي شاركت بفیلم شیاملان الأخیر ”Split ”وقام بدوره الممثل جیمس
ماكفوي ویملك 23 شخصیة حبیسة بداخلھ، وأیضا یتمتع بقوى خارقة بقدرتھ على القفز والتحرك كحیوان وحشي، لتكتمل تلك السلسلة بتواجدھم معا في مكان واحد وسعیھم لإثبات تلك النظریة وتقدیمھا للعالم، فیما یحاول آخرون التغطیة علیھا.
المخرج یدفع بتلك الشخصیات الثلاث لتشكل تحالفا فیما بینھا، باستخدام قواھا الخارقة، ویعمل الفیلم على تحفیز قوة العقل والتحلیل على حساب العاطفة، مخاطبة الفكر ولیس استثارة العاطفة التي تندرج تحت صراع الخیر والشر الأزلي.
وتغدو الشخصیات الثلاث وسیلة لأجندات خاصة في أجواء غامضة مع الطبیبة النفسیة إیلي (سارة بولسون) التي وضعھا شیاملان في منطقة رمادیة خاصة، ولعبت دورا كبیرا في نھایة الفیلم والصراع نفسھ.
نظریة البطل الخارق
الفیلم الذي أراده شیاملان أن یكون مختلفا عن أفلام الأبطال الخارقین الأخرى، یتعلق بفكرة كون البطل قادما من شخصیات الكتب الھزلیة، وفیما المشھد السینمائي للأبطال الخارقین قد تغیر فھو یقدم صورة مغایرة لتلك التي ألفھا الجمھور على الشاشة مثل XMEN وغیرھم.
والطریقة التي قدمھا ھو فیھا حرص وسعي للتأكید أن البطل الخارق شخصیة حقیقیة، وإن امتلأت مشاھده بأفكار مشتتة عن الإیمان بالنفس والقدرات والتعافي من الصدمات والإمكانات البشریة للأشیاء الاستثنائیة.
شخصیة ایلیجا (الممثل صامویل ال جاكسون) تمثل رجلا محبا للحیاة رغم كل انكساراتھ التي وجد فیھا نفسھ من خلال قصص البطولات الخارقة بالاعتماد على أن الكومیدیا تعد من أشكال التاریخ الإنساني، وتلك القصص التي لا تخلو من المواقف وتعود للتاریخ بالكتابات التصویریة التي بدأت في مصر القدیمة.
وتأتي كل من شخصیة دان وكیفین لتكمل النظریة أنھم جمیعا وظاھریا غیر قابلین للكسر وخارقون، واسم الفیلم الذي یعني ”الزجاج“ یرتبط بھشاشتھ وفي الوقت نفسھ الصورة التي یعكسھا ما یراه الآخرون وفقا للزاویة التي ینظر منھا.
وحین تصطدم الشخصیات الثلاث مع بعضھا بعضا وتتناثر بالنھایة، تصبح فرصة إیلیجا أقوى لیقدم حجتھ بالأبطال الخارقین ووجودھم خارج تلك الكتب الھزلیة عبر تشكیل عرض للعالم لیراھم، ویمرر رسالتھ التي تدعو لإیقاظ القدرات الخارقة للناس في كل مكان.
وینجح ھذا من زاویة معنیة، لأن الجمیع في النھایة یلتقط ما حدث وینفي فكرة أن البطل الخارق لیس وھما، فالمواجھة تُظھر الوحش بداخل كل فرد، لأنھ یھرب من حقیقتھ، وكل حجة یقدمھا الیجا تتعلق بفكرة واقعیة أن البطل الخارق حقیقي.
ویستغل شیاملان ھوس الجمھور بكل ما یتعلق بالقوى الخارقة المستوحاة من كتب ھزلیة تعمق
تلك الجذور في نفوسھم وحاجتھم لفكرة البطل نفسھ، لیدخل في متاھة أنھم مجرد أفراد عادیین
یحاولون الھرب من بؤس حیاتھم الیومي، ومحاولة التفریق بین البطل والشریر أیضا في المكان ذاتھ.
ُ أراد المخرج من خلال التوتر الذي یولده الفیلم أن یظھر المواجھات بین الأبطال أو الأشرار بحسب المشاھد التي لا تحمل مؤثرات خاصة أو مشاجرات مدمرة، ما أسھم بتضخیم حجم التفاعل والتوقعات التي تبنى على ذلك، وھذا السبب نفسھ الذي جعلھم عادیین، فیما الكومیدیا المتولدة من ھذه المشاھد غریبة ومضحكة الى حد كبیر؛ أي تلك التقلبات التي كانت جزءا من بناء الشخصیات الكاریكاتیري لتولد صراعا درامیا.
ُ الشخصیات لم تتحرك من مكانھا في الصراع الذي تعیشھ، ولم تنم أو تتطور، وإن امتلكت مقیاسا للعطاء الإنساني من خلفیة المعاناة التي عاشتھا والروح المكسورة بداخل كل واحدة منھا.
لكن التخبط واضح في محاولة استحضار الكلاسیكیة الخارقة، وافتقارھا للعمق والتطور الذي یشد الانتباه، وتغییب رحلة البطل في إیجاد قوتھ، والعودة للحیاة، بحیث إن الأبطال الخارقین في الأفلام الأخرى كان علیھم أن یفقدوا شیئا كي یعثروا على قوتھم الحقیقیة فیما ھنا الأمر عكسي.