عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Sep-2020

الظروف هزمتها الأولويات*لما جمال العبسه

 الدستور

قبل وقت قريب كان الاردنيون يرابطون امام شاشات التلفزة بإنتظار الموجز الاعلامي اليومي لاستكمال عملية العد التي في غالبيتها تصاعدية لاعداد المصابين بفيروس كورونا المستجد، وطلة الوزراء المعنيين بالامر اصبحت عادة يومية كانت لفترة زمنية لا يُستغنى عنها، كما كانت الاجراءات الحكومية الرسمية على قسوتها انما تلقى قبولا من الناس على اعتبار انها ترمي في نهاية المطاف للمصلحة العامة، ويمكن التغاضي عن الاثر المعيشي والنفسي والاجتماعي مقابل تحقق الآمن الصحي.
انفرط عقد الارقام دون العشرة وبدأ العد بمئات الاصابات منذ فترة زمنية ليست بالبعيدة، وللانصاف فقد كان السبب في هذه الزيادة يقع بنسب متفاوتة بين واجبات الحكومة والتزام المواطن الذي بدوره كان مقصرا في جانب وملتزما في جانب اخر، خاصة من اصيبوا او احد اقربائهم او جيرانهم، بالمقابل رغم التقصيرات الحاصلة في جوانب عديدة من القرارات الحكومية خاصة بشأن المعابر الحدودية والتزام موظفي الدولة باجراءات السلامة العامة، عدا عن الانتقادات التي صاحبت الحجر الصحي، وخدمات المشافي الحكومية، الا ان مسؤولي ملف ازمة «كورونا» دائما ما يلقون اللوم على المواطن وعدم التزامه على اعتبار سلوكهم وممارستهم الحياتية اليومية اساس تفشي الجائحة.
الآن الايجاز اليومي للحكومة اصبح لدى الكثيرين خبرا عابرا ليس ذي ثقل، وان كان هناك اهتماما بالامر فيتركز على عدد الاصابات بنسبة اقل مقارنة مع انتظار اعداد المتعافين، فمع كل التعاون السابق الذي ابداه الناس اتجاه تنفيذ الاجراءات الحكومية الا ان الاخيرة لم تعترف الا بعد حين بتقصيرها في جانب ما، كما انها اخذت ردحا من الزمن حتى تصوب الخطأ، وبالتالي فان الاستجابة الكاملة من المواطن للقرار الرسمي انما يُحسب الخسارة عليه خصوصا فيما خلفته الجائحة من اضرار اقتصادية على الاسرة الاردنية تتفاقم يوما بعد الاخر، ويرافقها حلول عمليتها وقتية، لكن على المدى القصير فهي غير ذات جدوى على الاطلاق، خاصة وان الجميع حاليا يعاني الامرين جراء تخفيض حجم الرواتب مع بقاء الكلفة المعيشية عند مستوياتها المرتفعة.
هذا النهج الجديد في التعامل مع الجائحة على مستوى الشارع الاردني انما جاء نتيجة للموازنة بين المهم والاهم، فلا شك ان استتباب الشأن الصحي غاية في الاهمية الا ان ارتدادات الازمة على معيشة المواطن كأنه موت بطيئ لا يمكن معه الوقوف جانبا في انتظار الانفراجة الصحية، فهذه الظروف الطارئة غيرت الاولويات في بدايتها وتبدلت هذه الاولويات في الوقت الراهن، عدا عن ذلك التصريحات الرسيمة التي تشير الى تخلي الحكومة عن دورها في هذا الموقف بشكل او بأخر بان اعلنت عن ان العلاج متوفر في المستشفيات الخاصة (علما بان تكلفة العلاج على مدى اسبوعين تصل الى 3 آلاف دينار بأقل تقدير) اشاع حالة من عدم الثقة بما سيحمله المستقبل القريب من قرارات تتعلق بأزمة «كورونا».
على المسؤولين في الوقت الراهن اعادة ترتيب اولوياتهم نتيجة للظروف القائمة بصورة اكثر شفافية ووضوحا مع الابقاء على «الصحة» في مرتبة متقدمة، وعلى الحكومة القيام بواجبها المناط بها بالشكل الامثل، فمع تزايد الحالات زادت معرفة الناس باجراءات العلاج داخل المستشفيات الحكومية ومدى الدقة في التعاطي مع هذا الامر، كما انه من الاوجب اعطاء الاولية في التعامل مع اخبار تداعيات الجائحة.