عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    31-Aug-2020

ماذا يمثل اشكنازي في نظرك؟ - بقلم: جدعون ليفي

 

هآرتس
 
وزير الخارجية غابي اشكنازي هو الآن رجل دولة رفيع ويمثل أمل كبير متقاعد. ولكن معسكر الوسط الذي هو بحاجة ماسة الى زعيم، من شأنه أن يعيد هذا الأمل الكبير المتقاعد الى الخدمة. تصريحاته نادرة وهو لا يقول أي شيء عن أي شيء. لأنه لا يوجد لديه ما يقوله أو لأنه يخشى من أن يقول ما لديه. لذلك، أي جملة صغيرة يقولها تستحق الانتباه.
في الاسبوع الماضي قال اشكنازي لوزير الخارجية الالماني إن “اسرائيل انتقلت من مرحلة الضم الى مرحلة التطبيع”. وردا على ذلك استلقت اوروبا على الارض من شدة السعادة، وأعلنت بأنها تأمل استئناف “مجلس التضامن، لقاءاتها رفيعة المستوى الثابتة مع اسرائيل”.
اوروبا تتوق جدا للعودة الى محبة عزيزتها اسرائيل، فقط يجب عليهم تخليصها من بنيامين نتنياهو. ولزيادة التأكيد اضاف اشكنازي عددا من الكليشيهات التي لا أساس لها، والتي تنزلق في الحلق بسهولة منذ سنوات. “لقد تركنا الباب مفتوحا أمام جيراننا. والآن هذا الامر يتعلق بقرار منهم وبرغبتهم في الانضمام”. عندما يقول رجل دولة اسرائيلي تطبيع فهو يقصد الحفاظ على الوضع القائم، الذي هو الوضع الطبيعي بالنسبة لمعظم الاسرائيليين. أي خرق يقتضي اعادة الوضع الى سابق عهده. هل تريدون مثالا؟ الاطفال الفلسطينيون حكم عليهم بالسكن على بعد مسافة قصيرة من شاطئ البحر ويقضون حياتهم دون رؤية الشاطئ. هذا هو الوضع الطبيعي. واذا تم العثور على ثغرات في الجدار ونجح الفلسطينيون في الوصول الى شاطئ البحر في جو آب (أغسطس) الحار، فقد تم خرق الوضع الطبيعي، الذي يجب اعادته بالقوة.
هاكم مثال آخر، التظاهر مسموح في شارع بلفور، لكنه ممنوع في بلعين. هذا أمر طبيعي في الديمقراطية. من الطبيعي جدا أن تسجن مليوني شخص في قفص لسنوات طويلة. ما الذي اكثر طبيعية من ذلك؟ وأن تراهم وهم يجلسون بهدوء، واذا اتخذوا أي خطوة ضد هذا الواقع المجنون، فيجب العمل على اعادة الوضع الطبيعي، أي اعادتهم الى القفص، ليجلسوا في غزة ويتعفنوا الى الأبد وليطبعوا مع اسرائيل.
من الطبيعي أن دولة تسمى ديمقراطية، في حين أن حوالي نصف الاشخاص الواقعين تحت سيطرتها، المباشرة وغير المباشرة، يعيشون تحت استبداد شامل. من الطبيعي أن يستطيع شعبين العيش على قطعة ارض واحدة. السكان الاصليون محرومون من أي حقوق والمهاجرون وأولادهم يتمتعون بكل الحقوق. من الطبيعي أنه مسموح لاسرائيل خرق السيادة الجوية لأي دولة في المنطقة. ولكن من غير المسموح لأي دولة من هذه الدول اطلاق حتى لو بالون واحد الى اراضيها. من الطبيعي أن الفلسطينيين هم الشعب الوحيد على الكرة الارضية الذي لا ينتمي لأي دولة.
من الطبيعي أن دولة تسيطر على المناطق التي لا تعترف بها أي دولة، ومع ذلك هي الدولة المحظية اكثر في العالم، باستثناء الولايات المتحدة، عندما يتعلق الامر بتطبيق القانون الدولي. من الطبيعي أن ملحق “هآرتس” ينشر مقال عن مواقع الاستجمام في المستوطنات دون أن يذكر ماذا يوجد حولها وكيف نشأت. من الطبيعي أن احدى الدول المسلحة والغنية في العالم تحصل على مساعدات اقتصادية من المساعدات السخية في التاريخ. من الطبيعي أن أحد آمال المعسكر غير اليميني يعلن عن دعمه للتطبيع.
عندما تحدث اشكنازي عن التطبيع فهو لم يقصد الوضع الطبيعي. الوضع الطبيعي يعني المساواة بين الشعبين، والوضع الطبيعي أن الاحتلال العسكري لن يستمر لأكثر من فترة زمنية قصيرة جدا. والوضع الطبيعي هو أن تخضع الدولة للقانون الدولي، وهذا أمر مثير للاعجاب. ومن الطبيعي معاقبة دولة على جرائم الحرب التي ارتكبتها.
اشكنازي لا يريد كل ذلك. المستوى السياسي الذي يعتبر اشكنازي ممثله يريد الهدوء فقط. هذا هو التطبيع. ليتركوه مع الاحتلال، وأن يقوم العمال الفلسطينيون ببناء البيوت وشق الشوارع وأن يعودوا بصورة طبيعية الى سجنهم. وأن الجيش الاسرائيلي يمكنه اقتحام البيوت في الليل ويقوم باعتقالهم كما يحلو له، واثناء النهار يقوم بإهانتهم واطلاق النار عليهم دون أي كابح. هذا وضع طبيعي. وأي سلوك آخر سيشوش على الوضع الطبيعي. اشكنازي يريد التطبيع، لهذا هو يعتبر أمل. الآن كل شيء يتعلق بالفلسطينيين، فقط يجب عليهم الخضوع لهذا الواقع. وهذا سيكون التطبيع معهم.