عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    03-Aug-2019

عديمة الخبرة وتجهل قضايا العالم.. سفيرة ترامب الجديدة بالأمم المتحدة

 

 
واشنطن - محمد المنشاوي– عُرفت باسم "السفيرة الغائبة"؛ نظرا لغيابها عن مقر عملها في العاصمة الكندية أوتاوا أكثر من ثلاثمئة يوم خلال 15 شهرا قضتها سفيرة للولايات المتحدة لدى كندا.
 
إنها كيلي كرافت، السفيرة الجديدة لأميركا لدى منظمة الأمم المتحدة، التي اختارها الرئيس دونالد ترامب عقب شغور المنصب لأكثر من تسعة أشهر منذ رحيل السفيرة نيكي هيلي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
 
اتهمها السيناتور روبرت ميندنيز زعيم الأقلية الديمقراطية بمجلس الشيوخ خلال جلسة تثبيتها سفيرة لبلادها في الأمم المتحدة بعدم الأهلية الوظيفية للقيام بما يتطلبه المنصب المرموق، إلا أن المجلس أقرّ اعتمادها بأغلبية 54 صوتا مقابل اعتراض 34 عضوا.
 
ولا تُعرف كيلي في دوائر السياسة الأميركية؛ فهي غريبة على واشنطن، وتخلو سيرتها الذاتية من أي خبرة تعليمية أو عملية لها علاقة بالشؤون الخارجية، وذلك على العكس ممن سبقها وشغل هذا المنصب من كبار الدبلوماسيين الأميركيين، وأكثرهم فهما لتعقيدات المشهد الدولي.
 
أسماء مثل جون بولتون، أو ريتشارد هولبروك، أو توماس بيكيريغ؛ عكست أهمية المنصب من خلال سيرة ذاتية مميزة عبر سنوات عمل طويلة داخل وخارج مؤسسات ومراكز صنع السياسة الخارجية، سواء كان ذلك في مناصب رسمية، أو غير رسمية في مراكز أبحاث مهمة أو جامعات مرموقة. ولم تقترب كيلي من العمل السياسي إلا في دور برتوكولي رمزي لعدة أيام فقط على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم لمتحدة عام 2007. 
 
نفوذ اقتصادي
كيلي (57 عاما) تزوجت قبل ثلاثين عاما من أحد كبار رجال صناعة الفحم والغاز في الولايات المتحدة، الملياردير جو كرافت، ولعائلتها علاقات وطيدة برئيس مجلس الشيوخ والسيناتور عن ولاية كنتاكي ميش ماكونيل.
 
وبسبب هذه العلاقة التي تعتمد على تبرعات مليونية لحملات انتخاب السيناتور وتبرعات مليونية لحملة ترامب وحفل تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة؛ تم ترشيح كيلي لمنصب السفيرة الأميركية في كندا، وهو المنصب الوحيد الذي شغلته في مجال السياسة الخارجية بين أبريل/نيسان 2018 ويوليو/تموز 2019.
 
ويعترض الديمقراطيون على كيلي كرافت، ويرون أنه يمكن المغامرة باختيارها سفيرة في كندا، إلا أن منصب مندوبة بلادها بالأمم المتحدة أكثر أهمية؛ وعليه لا يجب المخاطرة بوضع شخص غير مؤهل للقيام بهذا الدور الحساس، الذي يتضمن رسم وتنفيذ سياسة واشنطن في أهم القضايا العالمية داخل مجلس الأمن الدولي.
 
ويشكك الديمقراطيون في قدرة كيلي على إعادة الدور القيادي لواشنطن في الأمم المتحدة، خاصة داخل مجلس الأمن، بعد خلو المنصب منذ أكثر من تسعة أشهر من دون سفير.
 
وينبع اعتراض الديمقراطيين على السفيرة الجديدة -بجانب غياب الخبرة والمؤهلات اللازمة- من زاويتين: الأولى غيابها الدائم عن مقر عملها في أوتاوا، وبحسب تقرير وزعته الأقلية الديمقراطية بمجلس الشيوخ فإنه خلال 15 شهرا غابت كيلي 357 يوما، أي أنها أمضت 58% من وقتها خارج كندا، ولا تسمح لوائح وزارة الخارجية إلا بالغياب 26 يوما كحد أقصى سنويا.
 
ويشير التقرير كذلك إلى أنها أمضت سبعة أشهر في ولايتها الأم كنتاكي مع عائلتها خلال عملها سفيرة بكندا. وواجهها أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين بسجلات هيئة الطيران الفدرالية الأميركية التي تُظهر سفرها 128 مرة من أوتاوا خلال فترة عملها أي بمعدل رحلتين أسبوعيا.
 
وتطابقت توقيتات بعض تلك الرحلات مع أحداث مهمة بولاية كنتاكي، مثل سباق الخيل الشهير المعروف باسم "ديربي كنتاكي"، والمشاركة في فعاليات ترتبط بزوجها وشركاته. وسافرت كيلي كذلك 11 مرة دون الحصول على التصاريح اللازمة من وزارة الخارجية في واشنطن.
 
وردت كيلي دفعا عن سجلها بالقول "سافرت كثيرا من أجل مفاوضات الاتفاقية التجارية الجديدة مع كندا والمكسيك بدل اتفاقية نافتا"، وذكرت أيضا "سافرت كثيرا من أجل الترويج لعلاقات أفضل مع كندا".
 
تضارب مصالح
أما الزاوية الثانية فتتعلق بتضارب المصالح؛ فقد تسببت طبيعة عمل زوج السفيرة بوصفه أحد كبار رجال استخراج الفحم في الولايات المتحدة في حالة تضارب مصالح.
 
ورغم أن كيلي وعدت بالابتعاد عن أي مناقشات أو سياسات تتعلق بالفحم أو المعايير البيئية أو قضايا الطاقة خلال عملها الجديد، إلا أن سجلها وتبرعات عائلتها للحملات الجمهورية يضعها تحت دائرة الشك، خاصة مع قولها إن هناك "آراء علمية متناقضة في ما يتعلق بحقيقة التغير المناخي".
 
ويضاعف الشكوك حول كيلي أيضا طبيعة علاقات زوجها المالية بدوائر صناعية في قطاع الطاقة العالمي، وهو ما قد يتقاطع مع ملفات للسفيرة مع دول منتجة للفحم، أو قضايا تتعلق بالطاقة والسياسات البيئية.
 
وخلال زياراتها لواشنطن، أمضت كيلي 29 ليلة في فندق ترامب وسط العاصمة، وهو ما زاد الشكوك بشأن استخدام نفوذها المالي للتقرب من البيت الأبيض وعائلة الرئيس.
 
القضايا العربية
لم يُعرف عن كيلي كرافت أي اهتمام بالقضايا العربية أو الشرق الأوسط، لكن يعكس قدومها من ولاية كنتاكي ذات الميول الجمهورية، التي يمثل فيها المسيحيون المتدينون نسبة كبيرة من الناخبين؛ توجها مؤيدا للسياسات الإسرائيلية.
 
وخلال جلسة الاستماع ظهر واضحا جهلها بملفات قضايا الشرق الأوسط، حيث اختارت أن تهاجم إيران وتظهر الدعم لإسرائيل في إجاباتها. وخلال جلسة تثبيت ترشيحها الأربعاء الماضي، تعرضت كيلي لوابل من الاتهامات التي أظهرت عدم تأهلها لمثل هذا المنصب المرموق، ودعمت إجابات كيلي شكوك أعضاء المجلس ممن ساورهم الشك في قدراتها ومعرفتها بأهم القضايا الدولية وتعقيداتها.
 
وعلى سبيل المثال، ردت بالقول إن "ليبيا لم يحدث فيها تغيير للنظام حتى الآن"، وذلك في ردها على سؤال من السيناتور الجمهوري بول راند حول رأيها في الأوضاع المضطربة التي تشهدها ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي.
 
وستواجه كيلي اختبارا مهما الشهر القادم حيث تعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعاتها السنوية، التي يشارك فيها رؤساء وملوك العالم. لكن بسبب عدم اكتراث ترامب بالأعراف الدبلوماسية التقليدية، واعتماده على علاقاته الشخصية، فقد تعبر كيلي هذا الاختبار بسهولة.
 
المصدر : الجزيرة