عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Jan-2021

نظرية الشك*عبدالهادي راجي المجالي

 الراي

يوم الأربعاء ستبدأ الحملة الوطنية للقاح, يا ترى كم سينشر على «الفيسبوك» صورة لنهى وعلا وتهاني وليلى.. وهن يأخذن اللقاح, وماذا سيعلق عبدالفتاح على صورته وهو في كامل أناقته, رافعاً كم الجاكيت ويتلقى اللقاح.
 
أنا أعتقد أن أهمية المطاعيم لن يتعاطى معها الأردني في إطار الوقاية, بقدر ما سيتعاطى معها في إطار الاحتفال بالصور على وسائل التواصل الاجتماعي, وستتعاطى خديجة مع الأمر باعتباره عرساً وطنياً..
 
أعرف أن ثمة خوفا, وثمة عقلية تؤكد المؤامرة.. حتى في الجسم الطبي هنالك من يدعون أن مقاومة الجسم أفضل, ولكني أجزم أن شح أعداد الذين سجلوا في المنصة سيتحول إلى فائض هائل وستجبر وزارة الصحة على الاستيراد أكثر, حين يكتشف كل هؤلاء أن صورهم وهم يتعاطون اللقاح ستجلب (لايكات) أكثر وتعليقات أكثر.
 
في بلادنا نشكك بكل شيء, نوايا الدولة موقع شك.. واستشهاد صدام حسين كان موقع شك بحيث أكد الألوف أن الذي أعدم هو شبيه صدام, و«داعش» كانت موقع شك.. حتى «الجميد» لدينا يمثل حالة شك فأنت يجب أن تمضغه وتشمه وتتلمسه, ومع ذلك تؤكد أن ثمة ملوحة في الطعم وأن مصدره ليس الكرك.. والحرب في سوريا كانت موضع شك, والرسائل التي تأتيك على «الواتسأب» وتخبرك بأنك إذا لم ترسلها لعشرة أشخاص فستسمع خبراً يسبب لك الأذى.. حتى هذه الرسائل تصبح موقع شك وتصدق في ذاتك الأمر وتبدأ بإرسالها لعشرة أشخاص, مع أنها دجل ورياء وشعوذة.. وحين يقول?لك أحدهم من قبيل المزح بأن سبب الدهنيات لديك هو «عين شمطتك».. يصبح الأصدقاء موقع شك, وتؤكد في قرارة نفسك أن أحدهم قام (بلطشك عين).. نشرة الأرصاد الجوية موقع شك, وقوانين الدفاع موقع شك أيضا فقد فسرناها في إطار منع التجمعات, والهمبرغر هو مؤامرة أميركية.. والمرور من جانب السفارة الأميركية يشكل خطراً على الصحة العامة..
 
كل شيء لدينا نشك فيه, حتى المطاعيم صارت وسيلة لتخفيض سكان العالم, وكل من يتعاطاها ربما سيموت؟.. لكن في النهاية حين تصبح المسألة مهمة على الفيسبوك.. أجزم أن الإقبال سيزيد ليس لأجل المطعوم ولكن لأجل.. أن تتعاطف المراهقات معك, ولأجل أن تقول عفاف عنك بأنك بطل.. ولأجل أن تقوم (سوسو) بتصوير مكان الإبرة وتشكو من ألم أن يد الممرض كانت قاسية, فتتشكل (فزعة) عارمة ضد الممرض وتصبح الإبرة قضية وطنية.
 
أستغرب من فزعنا وخوفنا وقلقنا حين اجتاحتنا كورونا, ولكني لا أستغرب من عزوفنا عن المطاعيم فنحن شعب مستهدف.. والشك صار مثل الهواء الذي نتنفسه.