عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Mar-2019

الدرس السوري..السلام قبل الأرض - سیفر بلوتسكر
یدیعوت أحرنوت
 
لو كانت سفارة سوریة في اسرائیل، ما كانت اسرائیل لتتعاطى مع ھضبة الجولان كحي في الجلیل، ورئیس الولایات المتحدة ما كان لیعترف بالسیادة الاسرائیلیة على الجولان. صحیح أنھ منذ عشرات السنین كان دارجا التفكیر بأن تسویة المصالحة بین اسرائیل والعالم العربي ھي ”الارض مقابل السلام“ – أي، بدایة یعاد الجولان، وبعد ذلك تستقبل ممثلیة سوریة ونوع من التطبیع – ولكن ھذه الصیغة لا تنجح ولن تنجح. وستنجح فقط تسویة معاكسة: السلام الآن، والارض بعد ذلك. الجمھور الاسرائیلي سینتظر بصبر التطبیع والاعتراف باسرائیل، وسیكون مستعدا لانسحابات عمیقة بعد أن یقتنع بأن وجھة الجمھور العربي نحو السلام.
السوابق تدعم ھذا النھج. في اتفاقات السلام مع مصر ومع الأردن سبق الاعتراف باسرائیل
جوھریا التوقیع على السلام والانسحاب، اذا كان مثل ھذا الامر على الاطلاق. فقد خطب السادات في الكنیست قبل أن یعاد الى مصر سنتیمتر واحد من شبھ جزیرة سیناء. في اتفاقات اوسلو الاصلیة ایضا اعترفت فتح باسرائیل دون أن تحصل على سیطرة سیاسیة حقیقیة، ولا حتى في قطاع غزة. الانسحابات من المناطق كان یفترض ان تتم بعد الوقف التام للارھاب وازدھار علاقات سلام اقتصادیة – مدنیة. مثل ھذه الوضعیة نشأت في عامي 1998– 1999 :فالیھود سافروا بجموعھم الى الكازینو في اریحا، والسیارات العمومیة الفلسطینیة كانت تدخل بحریة الى مدن اسرائیل. وبدت الدولة الفلسطینیة منذئذ كحقیقة ناجزة: رئیس الوزراء في حینھ، بنیامین نتنیاھو، اعلن على الملأ ”اذا اعطوا – فسیأخذون“. ولكن في خریف 2000 نشبت انتفاضة ثانیة، فھجر شق ”سیأخذون“ – الى أن سلمت حكومة اسرائیل من طرف واحد قطاع غزة بالذات لحماس، دون ان تتلقى أي مقابل. لا اعتراف، لا ھدوء، لا سلام. وقد استوعب الدرس بحرقة.
لو لم یصر الاسد الاب على مئات امتار من الحدود على شاطيء بحیرة طبریا، لكان ما لا یقل عن 80 في المائة من الجولان الیوم تحت سیطرة بلاده. سفارة سوریة في تل أبیب (او في غربي القدس) كانت ستصدر التأشیرات للسیاح الاسرائیلیین الى حلب، والمستثمرون الاسرائیلیون كانوا سیقیمون الابراج في دمشق، ورأسمال غربي كبیر كان سیتدفق الى سوریة العلمانیة. معقول جدا الافتراض بأن الحرب الاھلیة لم تكن لتنشب ایضا. ولكن الاسد اعتقد بأن الزمن یعمل لصالحھ – مثلما یؤمن مصممو الرأي العام في الدول العربیة وفي اوساط الفلسطینیین. ایمانھم أعمى، لانھ وفقا لكل اختبار موضوعي یعمل الزمن في صالح اسرائیل وفي صالح مشروع الاستیطان. قبل دزینة من السنین ما كان لأحد ان یتصور ان تعترف الولایات المتحدة بسیادة اسرائیلیة في ھضبة الجولان وتنقل سفارتھا الى القدس، ازاء احتجاجات ھادئة من الحكومات العربیة والاوروبیة.
فكروا بتواریخ بدیلة اخرى. لو اعترف لبنان بإسرائیل، الى جانب مصر، لكانت حربا لبنان الاولى والثانیة قد أعفي لبنان منھما. لو قبلت القیادة الفلسطینیة في 1979 اتفاقات كامب دیفید، لغدا الحكم الذاتي الذي وعدوا بھ منذ زمن بعید دولة فلسطینیة. ورغم ذلك، فان نھج العالم بالنسبة للب النزاع الاسرائیلي – العربي – الفلسطیني بقي عالقا في مفھوم ”الارض أولا والسلام بعد ذلك“. ھذا تضلیل وطریق مسدود: كل من یرید حقا تسویة مستقرة ووقفا للاحتلال والسیطرة على الفلسطینیین یجب أن یطلب من الحكومات العربیة ومن السلطة الفلسطینیة أن تحقق التطبیع مع اسرائیل، كي تبدأ في مفاوضات فاعلة على الانسحاب لاحقا. الانسحاب سیكون بالفعل، وھو سیكون بحد اقصى – ولكن فقط بعد أن یشعر الشارع الیھودي بأن الشارع العربي – الفلسطیني یقبل اسرائیل كدولة طبیعیة. ھذا ھو جوھر الملصق الخالد ”السلام الآن“.