عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Dec-2019

الأكلات الشعبية تتسيد موائد الأردنيين بأجواء الشتاء الباردة
تغريد السعايدة
 
عمان-الغد-  قبل أيام قليلة، أُسدل الستار على مهرجان الزيتون الأردني، الذي حظي بحضور جموع غفيرة من المواطنين، ومن ضمنهم سيدات “ربات منازل”، كن يبحثن بين ثنايا المعروضات عن أصناف مختلفة من المأكولات سواء سريعة التحضير أو لرفد مونة البيت بأصناف متنوعة من الأطعمة تأهبا لشتاء “بارد” يلوح في الأفق.
سامية أبو نادر، ربة منزل، قالت إنها جاءت إلى المهرجان بهدف البحث عن زيت الزيتون الجيد، وعن الحبوب “البقوليات” من مصدرها الطبيعي من سيدات يقمن بزراعتها في حدائقهن، بالإضافة إلى الأعشاب الطبيعية والكثير من المواد الأولية التي تستطيع أن تقوم باستغلالها لعمل أكلات بيتية متنوعة خلال فصل الشتاء.
وتقول سامية “إن فصل الشتاء بطبيعته الباردة له أجواؤه الخاصة بالجلوس في البيت لساعات طويلة، والحاجة إلى أطعمة مناسبة تمد الجسم بالطاقة، مميزة بمذاقها ورائحتها الشهية”، ما جعلها تبحث عن الأفضل دائماً لأفراد عائلتها؛ حيث اعتادت على التواجد في المهرجان منذ أعوام عدة لتجد كل ما تحتاجه من أطعمة لفصل الشتاء تحديداً.
وفي الوقت الذي يتزامن به موسم “الزيتون” مع دخول فصل الشتاء، تعمد الكثير من العائلات إلى تحضير مونة مناسبة لاستغلالها خلال هذا الفصل، الذي يزداد فيه الإقبال على تناول الأطعمة الشعبية؛ إذ اشتهرت الأردن كغيرها من الدول العربية بالأكلات التي تزخر بالمغذيات، والتي تزود الجسم بالحرارة، بما يتناسب مع طبيعة الحياة التي كان السكان يعيشونها في السابق في الغرف الصغيرة أو الخيم للتنقل.
ومن هنا، اشتهرت الأطباق الأردنية بمذاقها الشهي، والتي عادة ما يدخل في تحضيرها، “الزيوت، السمن، السكر، البقوليات، اللحوم، الدهنيات، وغيرها العديد”، ولكنها تستخدم بطرق وأشكال مختلفة كتحضير الأطعمة، كل حسب موطنه، فبعض الأطعمة في القرى تختلف عما هي عليه في البادية أو الصحراء، عدا عن وجود تداخل في ثقافات عربية مختلفة.
الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي يبادرون إلى التندر بأن “رائحة الأردن كلها عدس”، منذ اليوم الأول الذي تشهد فيه الأجواء تساقطا للأمطار، ولم يأت هذا التندر من الفراغ، بل إن العدس مرتبط منذ عقود قديمة بفصل الشتاء، كونه من الأغذية التي كانت في متناول اليد لدى كل بيت أردني، وهي بالفعل من الأغذية التي تمد الجسم بكمية كبيرة من الطاقة، عدا عن سرعة تحضيرها وسهولة تناولها للكبار والصغار.
لذا، يعد العدس من الأكلات التي تحرص سحر العمر على تحضيرها لأبنائها، في الكثير من الأوقات، بيد أنها تقبل عليها أكثر خلال فصل الشتاء، كونها اعتادت على تناولها في هذا الوقت منذ الصغر، وبقي لديها يقين بأن العدس هو “مشروب الشتاء” الذي يعطيها الطاقة والدفء.
بالإضافة لذلك، تقوم سحر بتحضير الكثير من الأكلات التي حرصت على تعلم طريقتها من والدتها أو صديقاتها، أو عن طريق “يوتيوب”، وبخاصة الأكلات اليومية التي يقبل عليها الجميع كما في “المنسف، الملفوف، المقلوبة، المجدرة، والمنسف..”، وغيرها الكثير من الأصناف الأخرى، وبعض من الحلويات التي تمتاز كذلك بنسبة كبيرة من “السكريات”.
ومن الأغذية التي يزداد الإقبال عليها خلال فصل الشتاء، على سبيل المثال وليس الحصر، “الشوربات بأنواعها، المسخن الذي يمتاز بكميات كبيرة من زيت الزيتون، المنسف الغني بالدهنيات واللحوم، المكمورة، الفريكة”.
وتضيف سحر “وأيضا البقوليات الغنية بالبروتينات والفيتامينات والحديد والزنك، وفيها الكثير من الطاقة، كما أن الخضراوات والفواكه الحمضية تساعد على الوقاية من نزلات البرد لاحتوائها على فيتامين C، وجميع ما تستطيع ربة المنزل أن تقوم بتحضيره من أكلات تتنوع وتختلف بطريقة تحضيرها من بيئة لأخرى أو من شخص لآخر”.
وفي الكثير من القرى الأردنية، تقبل العديد من العائلات التي تبحث عن الأطعمة البسيطة، على إعداد أطباق تحتوي على الألبان والبقوليات كما في تحضير وجبة “الرشوف”، التي ترى نور صايل أنها من أفضل الأكلات التي تفضل تناولها في الشتاء، خاصة إذا ما تم إضافة كميات مناسبة من البقوليات عليها مثل: الحمص والعدس، وهي وجبة تعد مميزة لدى العائلة، بعد المنسف، على حد تعبيرها.
وتقول نور إن والدتها “السبعينية”، ما تزال متعلقة بالكثير من الأكلات الشعبية التي تقوم بتحضيرها بطريقتها، ولا تحتاج إلى الكثير من المكونات، كما في بعض الأطباق “الحديثة”، فهي تفضل استخدام مواد أولية متوفرة بشكل دائم لتحضير الأطعمة، كما في المسخن، والمقلوبة التي تمتلئ بالخضراوات، والمجدرة المميزة بنكهتها اللذيدة، عدا عن تحضيرها دائماً في فصل الشتاء حلوى “الهيطلية أو الأرز بالحليب”.
وتقول نور إن والدتها كانت خلال فترة سابقة من الوقت، تقوم بتحضير “اللزاقيات” لهم كنوع من الحلوى يتم تقديمها في الشتاء، تحتوي على كميات كبيرة من خبز القمح (الحنطة) والسكر والسمن أو الزيت أو الزبدة، وهي كفيلة بأن تعطي الجسم كمية وفيرة من الطاقة، وتحتاج إلى تناول القهوة السادة بعدها بكمية مناسبة، كما تصف.
ويبقى تحضير الأطعمة لدى الأمهات مجالاً واسعاً في التفنن، والتغيير بالمكونات والتحضير والإضافات، وقد يؤثر عليها وجود العشرات من القنوات التلفزيونية المتخصصة بتعليم فن تقديم الطعام وتحضيره، وتداخل الكثير من الثقافات في هذا المضمار؛ حيث تعد المأكولات الشعبية صورة عن هوية البلد والتعريف بمحتوياته “الغذائية”.
أخصائية التغذية سحر العفيف، ترى أن المأكولات الشتوية بشكل عام من شأنها أن تبعث على إضافة مواد صحية للجسم، مثل شوربة العدس التي تحتوي على الكثير من الفيتامينات والغنية بالحديد والألياف والبوتاسيوم، وتساعد على الاسترخاء، كونها من أساسيات الطعام الشتوي، عدا عن الأسماك، التي تحتوي على البروتين، ويمكن أن تكون خيارا مناسبا لأكلات الشتاء.
كما توصي العفيف بتناول الخضراوات باختلاف أصنافها سواء طازجة أو مسلوقة، كما في البطاطا الحلوة، التي فيها الكثير من البوتاسيوم والبروتين وتعد مصدرا جيدا للطاقة، وأيضا الفواكه باختلافها، حتى يحصل الجسم على ما يكفيه من الألياف، التي تساعده على الهضم، بالإضافة إلى الحبوب، والشوفان، على سبيل المثال، الذي يساعد على الهضم.
ولا تنفي العفيف أهمية الحلويات في الشتاء، لما تحويه من سعرات حراية وطاقة، وتنصح بتناول الحلويات التي فيها “الحبة السوداء” أو حبة البركة، والتي تزيد من كمية الألياف كذلك، بيد أنها تحذر من الإفراط في تناول السكريات والدهنيات والبروتينات بشكل عام، وأن يكون هناك اعتدال في تناول كل صنف، كون الفرد بشكل عام قليل الحركة في الشتاء، ويحتاج إلى الجلوس في البيت لساعات بحثاً عن الدفء وهرباً من الأجواء الباردة خارج المنزل.