جو 24 :
محرر الشؤون المحلية -
بعد مضي اكثر من سنة على طلب نقابة الصحفيين لقاء رئيس الوزراء بشر الخصاونة ، اوعز رئيس الوزراء لنائبه مؤخرا ، ان يلتقي مجلس نقابة الصحفيين من أجل بحث بعض الملفّات التي قال اعضاء في المجلس ل الاردن ٢٤ انها هامة دون ان يقدم هو او غيره بندا واحدا وضع على اجندة هذا اللقاء الهام ، ولذلك يمكننا التقدير التكهن مثلا ، ان اعضاء المجلس ارادوا ان يلتقوا الحكومة لمناقشة اوضاع الصحفيين، و ما يعيشون من ازمات و مضايقات واستدعاءات و قيود ، لمناقشة كل ما يتعلق بالمهنة وما تعانيه من تهميش وخنق واستهداف واضعاف و تغول ممنهج ، ربما لمناقشة التقارير الدولية التي أشارت إلى تراجع ترتيب الأردن في حرية الصحافة (26) درجة العام الماضي فقط ، و ربما للحديث عن التجاهل الكامل للصحافة والصحفيين ومحاولات السيطرة الكاملة على مؤسساتهم ..
المهم ،ان نوضح هنا ، ان الخصاونة لم يستجب للطلب بشكل مباشر طوال الاشهر الماضية ، لكنّه وجّه نائبه توفيق كريشان للقاء مجلس نقابة الصحفيين..
الوزير كريشان حدد الساعة (12:30) من ظهر اليوم الثلاثاء موعدا للقاء النقيب وأعضاء المجلس، وبطبيعة الحال حضر الزملاء في الموعد المقرر ( النقيب و سبعة من اعضاء مجلس نقابة الصحفيين الموقر )، غير ان الوزير - كما قيل للحضور - كان منشغلا في قضايا يبدو انها اكثر اهمية بكثير من لقاء ممثلي السلطة الرابعة ، حيث استمر انتظار الزملاء حتى الساعة الواحدة وعشر دقائق دون أن يحضر نائب الرئيس، ليجري ابلاغ نقيب الصحفيين راكان السعايدة ، بعد اربعين دقيقة من الانتظار ، بأن رئيس الوزراء بشر الخصاونة طلب نائبه لاجتماع هام ، وأن كريشان اضطر ان يغادر إلى الرئاسة من أجل لقاء الرئيس !! حقيقة يا سلام ...
رب قائل : الاجتماع و عدمه سيان ، ما فائدة لقاء مجلس الصحفيين بحكومة كانت الاكثر تغولا واعتداء واستخفافا بالاعلام والحريات الصحفية ، لماذا كل هذا الجلبة ، وما سبب هذا العبث واضاعة الوقت و الجهد ؟ نعم صحيح ، هذه اسئلة مشروعة وفي محليها ، ولكن هناك دلالات عميقة لما جرى ، وعلينا ان ندركها جيدا ، ونقف مطولا عند ابعادها ومعانيها ، تخيلوا معي ان ممثلي السلطة الرابعة ، صاحبة الجلالة ، السلطة الرقابية على السلطات كلها ، عين المواطن ولسان حاله والتعبير الادق عن وجدانه وضميره ووجعه والمه وحاجاته ومتطلباته ، يجري احراجهم بهذا الشكل الجارح ، وبطبيعة الحال هذا لا يعيبهم ، رغم ان طلب اللقاء نفسه لم يكن ضروريا بهذا الشكل ، وانما يعيب الحكومة ويكشف عن حجم استخفافها واستعلائها و جهلها بالاعلام واهله ودوره ..
رئيس الوزراء، بشر الخصاونة، مسترخ و مطمئن للغاية ، ويتصرف اعتمادا على حقيقة انه بات محصنا ، و مدعوما ، ولا يحتاج لمجاملة اية وسيلة اعلام ، ناهيك عن ممثلي الصحافة والاعلام ، هو يعرف ان الجهة التي يسند ظهره عليها ، جهة قادرة و لديها ادواتها ونفوذها وسلطتها وسطوتها ، ولكن على الاقل كان المطلوب منه ان يخفف الضغط عليها ، ما الذي كان يمنع ان يلتقي هو او نائبه او ناطقه بمجلس نقابة الصحفيين ، ويسمع هرجهم وكلامهم ومطالبهم (..) ؟!!! وكأنني بلسان حالهم يقول : خف علينا يا رجل ..
الرئيس الخصاونة ونائبه توفيق كريشان ، يبدو انهما على قناعة تامة ، ان لا كلفة يتحملانها جراء اساءتهما البالغة للجسم الصحفي على هذا النحو ، هم يظنون اننا بتنا في جيبهم ، "بالجيبة" ، صحفنا في جيبهم محطاتنا التلفزيونية والاذاعية في جيبهم ، مواقعنا الاخبارية الالكترونية في جيبهم ، كتابنا في جيبهم و رؤساء تحرير هذه الوسائل جميعا الى جانب المندوبين في جيبهم الصغير ، فلماذا القلق و لماذا احترام ممثلي هذا الجسم المهلهل والممزق والمخترق ؟!!
وحتى لا ننهمك في التفاصيل وننسى جوهر المشكلة ، مجلس نقابة الصحفيين يتحمّل المسؤولية الأكبر عن تصرّف رئيس الوزراء ونائبه، لانه لم يقدر الجدوى والقيمة ، و لم يقرأ المواصفات و الامكانات والمقومات الشخصية و تلك المتعلقة بالاداء ، نعم يتحمل المسؤولية لانه اضعفنا و احرجنا بوقوفه على العتبات كل هذا الوقت ، اربعون دقيقة ، الله اكبر ، كيف انتظرتم كل هذا الوقت ، ثم لماذا لم يخرج علينا النقيب غاضبا كاشفا و متوعدا ، لماذا لم يُصدر المجلس بيانا يشرح فيه ما حدث ويعلن موقفه مما جرى ، و خاصة أن النقيب والمجلس لا يمثّل نفسه بل يمثّل كافة الصحفيين ويعبر عنهم ....