”مطاردة باردة“.. البطل في دور الضحیة والجلاد
إسراء الردایدة
عمان–الغد- یسعى الممثل لیام نیسون للإنتقام في الفیلم الأمیركي ”مطاردة باردة“، بتخطیط
استراتیجي مختلف، وسط أجواء ثلجیة باردة تحیط بھ، فیما العنف والفكاھة عنصران مختلفان، لعمل یعد نسخة عن فیلم نرویجي یحمل اسم ”حسب الاختفاء“ من عام 2014.
المخرج ھانز بیتر مولاند الذي قدم نسختین من الفیلم، یمیل ھنا لجعلھا ذات طابع ھولیودي على الرغم من شخصیة الرجل ذي الوقار (نیلز كوكسمان)، والمأخوذة من أعمالھ السابقة على غرار
الانتقام لیجعل)، Run All Night) و) A Walk In the Tombstones)و) Taken) ثیمة الفیلم الاساسیة التي تقدم على طبق ”من جلید“.
فكوكسمان الذي یعمل سائق جرافة ثلجیة یتحول لحارس لیلي یجوب بین الكثبات الجلیدیة، لینتقم
لموت ابنھ من موزعي المخدرات، وسط تعدیلات عن النسخة الاصلیة للفیلم من خلال التدرجات اللونیة وقساوة المحیط، بعد أن ظھر ابنھ میتا جراء جرعة ھیروین زائدة، ووزوجتھ تغرق في الاكتئاب یوما بعد یوم.
بحبكة درامیة تجعل من كوكسمان یقتص العدالة بنفسھ لیمارس دور الجلاد والضحیة في آن واحد، بعد أن یدخل عالم الجریمة، وتشتعل حرب بین مھربي الاثار وتجار المخدرات ویصبح ھو الطرف الثالث (لیام نیسون).
غالبیة المشاھد اللاحقة تتحول لساحة قتال وعنف ورصاص وإطلاق للنار محملة بكومیدیا لاذعة بین جانب الرحمة والرغبة بالانتقام، فشخص عادي یصبح مجرما ویمارس العدالة بنفسھ، ویتخلص من الجثث كما لو كان في روایة بولیسیة وعلاقات شائكة، والعنف الذي یلف تلك المدینة الصغیرة یرتبط بطبیعة العلاقة بین الاب وابنھ في الاساس، حول كیفیة استیعاب الابناء لأعباء آبائھم من خلال برود العلاقة بینھما. فھذه العلاقة العائلیة في تلك البلدة الصغیرة تكشف الحزن الذي یلف بجمیع السكان، بینما یعزز الفیلم العنصریة في بعض المشاھد بین من لا یتحدثون الانجلیزیة، وآخرون من أصول غیر آسیویة وقوقازیة.
ومع التصویر الذي یلف الاجواء الانتقامیة في محاولة لجعلھا باردة بین طرق وودیان خطرة تكسوھا الثلوج، في إسلوب العنف التصویري، حیث أن الضرب أقوى من إطلاق النار وأكثر قبحا.
بینما السطحیة تتسلسل إلیھ في كل ما یتعلق بالمؤمرات، وسرعة السرد، ومحاولة لخلق إثارة
مكثفة تلفھا الكومیدیا السوداء خاصة مشاھد المطارادات بین كوكسمان ورجال العصابات، وطریقة قتلھ لكل من كان طرفا في وفاة ابنھ.
والجانب المظلم في الفیلم ھي الشخصیات النسائیة التي تحمل صفات سیئة وأكثر دنیویة، وقدمت
بطریقة كاریكتوریة ، تخلو من التوازن، والعنف الغریب، كما لو أن الجمیع ”مصنوع من الثلج“.
وھنا تتحول ھذه الشخصیات التي لا تتطور، لتصب في مواجھات عنصریة وعنیدة شارك في بطولتھ، لورا دیرن وإیمي روسوم، لتجعل منھ فیلما ملیئا بالعنف الحاد بالنسبة للشاشة، ونجمھ الذي لم یخرج من عباءة الشخصیات التي قدمھا سابقا، كما في فیلم ”بلا توقف“ (-Non Stop ،(حارب بطل الفیلم الأشرار على متن طائرة. بینما قاتل على متن قطار في فیلم .(The Commuter) ”الراكب” أما في فیلم ”المطاردة الباردة“ المبني على فیلم الإثارة النرویجي ”من أجل الاختفاء“ (In Disappearance of Order ،(فإنھ یحقق العدالة باستخدام جرافة ثلج.
لكنھ ھنا أراد لعب دور ”المطھر“ وكأنھ طرف آلي جامد، مما جعلھ مضحكا.. أكثر منھ قاسیا، وھي صورة مختلفة لھ ھنا، وان التزم البرود لیكون ”مطاردة باردة“ مجرد فیلم متعطش للانتقام والتجرید من الإنسانیة دون مبرر.