عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Sep-2019

دكـــان زمــــان ... مـركــز بــريــد لكــــل رسـائــــل الحــــي

 

عمان-الدستور-  نبيل عماري - أو «تكان» كما كان يلفظها بعض «الختيارية»، وهو المكان الذي تجد به كل شيء يعني بحسب مصطلحاتنا اليوم «مول صغير» له باب كبير خشبي ومفتاح كبير الحجم بمدخله تجد بسطة خضار، وفاكهة وخاصة البطيخ، وطاولة كبيرة، وكرسي زان يجلس عليه البائع، وبراميل للسكر والارز والسميد والطحين، وبرميلا في الخارج له «حنفية» بداخله مادة الكاز، ورفوفا خشبية مرشومة بمساحيق غسيل منها .. تايد ولافكس وحبات «النيلة»، وملاقط غسيل خشبية، وليف حمام، واسفنجات، وبراسو، وأكياس ملح، و علب كبريت ماركة 3 نجوم، وفراشي حلاقة، وعلب كيوي، وصابون حلاقة أيرازميك وبالملوليف وبلاك جاك، وشفرات ناسيت، وأبر ملاحف، وخيطان ملاحف، وشنابر اللوكس، وقزايز ضو الكاز.
هذه وحتى نكاشات البريموس ( البابور )، وفخاخ العصافير، وخيطان المصيص، والمسلات، والدخان الهيشي ودفاتر الياتر والوتومات.. وفي الجهة المقابلة «مطربانات» زجاجية فارعة للبيع ..مكانس القش وسلك للتنظيف ..الخريسة وصابون الجمل والمفتاحين ...واللوكس ومضخات الفلت للرش مع المسحوق وغيره.
 أما ما وضع على الطاولة فهي «مطربانات» ممتلئة من السوس ابو غليون، والقمبز، والفيصلية، وملبس الحثان، وحامض حلو، ونصية حلاوة تباع... بالوقية، وقالب كعكبان بلونه الأبيض والزهري، وأسفاط راحة كرتونية مربعة، وعلك متعدد من الشيشاني إلى شعراوي، وربسون وسهم وبسكويت ماري وشعراوي المحشي، وسمنة الغزال، وكذلك معكرونة الغزال نمرة 1 و2 و3 ولم تكن السباغتي ظهرت للوجود والشعيرية وشلوات العجوة، وطحينة سائلة تباع بالوقية موجودة في أبريق معدني.
وكذلك الواح الحلاوة المسلفنة ،وكذلك نصاصي الحلاوة والقمر الدين، وعلب السردين، والبولوبيف، والطن أبو الوردة، ولكن إن أراد أحد الأشخاص التنقيط فعليه بصفط شوكلاتة رام الله ابو حمامتين، اوصفط ناشد وشوكلاتة ركس ذي الحجم الكبير، أما تلك الشوكلاتات التي هي فرط مثل تويست وراس العبد والويفر الأحمر وشوكلاتة مترو وكورتينا المصرية وحلوى جوز الهند المستطيلة وبعدة الوان هي وحبات النواعم وحبات عصير الفزز والكول أيد وسدر كيكس مع مجحاف يباع بالحبة مع لفة ورق ومكنونات تلك السدر كيكس محشي بقليل من السكر والقرفة وكريمة تضع على وجة السدر مع رشة جمالية من جوز الهند الملون كأنة قوس قزح .
الدكان كان يبيع خيطان الملاحف والبلبل والكشتبان وحتى علب الأسبرو و»الكورسين دي» للرشح وثلاجة امريكية قديمة بها اللبن يباع بالكيلو وبعض من زجاجات الكازوز المختلفة، حيث يدفع قرش رهنية ريثما إعادة الزجاجة أو الزجاجات عن كل واحدة والبوظة في جاطات بلاستيكية وحبات «الدورادو» ماركة الإنتاج والديربي واسكيمو زيدان وأقلام الحبر بيك والرصاص والكوبيا والمحايات وعلب الهندسبة والحبر لأقلام باركر.
دفتر الدين
أما طرق البيع أغلبها بالدين تسجل على دفتر كبير « التفتر « أكل عليه الزمن وبقلم كوبيا كلما كتب يبله بريقه والبيع يتم بشرط إحضار دفتر صغير للذي يريد أن يشتري يتم التسجيل على الدفتر الكبير والدفتر الصغير وفي آخر الشهر يتم المقارنة والسداد.
وتلك الدكاكين رغم بساطتها كانت مجالسها جميلة ورائعة خاصة بأيام الصيف والربيع حيث يجلس ختيارية الحارة بكراسيهم القش أمام تلك الدكاكين يشربون الكازوز يلفون الهيشة ويدخنون دخان كمال ولولو والسيد وريم وإذا شوبت يلتهمون الأيمة والدورادو والاسكمو وكذلك القضامة والفستق السوداني.
في الشتا ء يمر بائع الهريسة بلوكسة المضاء يوقفونه ويشترون حبات الهريسة من على ورق الأبيض الخفيف الملفوف بتلك الحبة بقطرها الذي «يفغ» حسب قولهم يسمعون الأخبار وأغاني سميرة توفيق يا مرحبا بزوارنا وسهرات بدوية كانت تذيعها الإذاعة الاردنية اسمها مع البادية تقال بلهجة بدوية وهي عبارة عن حكاوى جميلة وغناء وعزف ربابة وسهرات وضحكات ورائحة دخان هيشي ولعبة نقلة وبرديس وصياح ومحبة ليصحو على نهار جديد.
الدكان .. مركز بريد
وبالاضافة لكل ما ذكر .. الدكان في الحي او الحارة كانت هي مركز بريد لكل رسائل الحي التي ترد لمن ليس له عنوان بريدي .
ومع التقدم ظهر في منتصف السبعينيات مصطلح «سوبر ماركت» أو بقالة وأخذت طابعا جديدا ومواد وبضاعة لها ماركة صاحبها كان يكنى بالخولي.
سرقتنا الحضارة وسرقنا الزمن واندثرت تلك الدكاكين وتلك القعدات والروح الطيبة فصرنا نذهب إلى السوبر ماركت والمول البارد بناسه وبضاعته لا أحد يعرف أحدا إلا بالمصادفة، كنا نضع ما نشتريه في أكياس ورق حنونة وبدل ذلك نضعه بأكياس نايلون مضرة للبيئة وعربات معدنية باردة ... طوبى لك أيها الزمن الماضي.