عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Nov-2019

النظر إلى إرث رابين بعيون يغئال عمير - بقلم: دمتري شومسكي

 

هآرتس
 
كلما مرت السنون منذ قتل رابين، يمكننا أن نسمع اكثر فأكثر في اوساط بقايا اليسار الرأي القائل بأنه لولا قتل رابين لكان قطار العملية السياسية لم يكن لينزل عن سكة السلام. وفي النهاية كان سيصل بأمان الى المحطة الاخيرة لتقسيم البلاد.
هذا غير صحيح، وهو هم مضلل. مثلما كتب هنا وبحق جدعون ليفي (“هآرتس”، 3/11). حقيقة أن اتفاق اوسلو لم يمد يده الى مصدر النار الاكثر مصيرية، المستوطنات، تدل الى أي درجة كانت مترددة وصغيرة خطوات رابين في طريقه الى السلام. وكيف يمكن بجدية واستقامة السعي الى تقسيم البلاد بين الشعبين عندما يواصل احدهما بدون ازعاج سرقة الارض التي كانت ستقام عليها دولة الشعب الآخر؟.
اضافة الى ذلك، كما أظهرت عميره هاس في عدد غير قليل من المقالات والتقارير بأن اتفاق اوسلو ساهم في الحقيقة بشكل مشكوك فيه بدرجة خاصة في تعميق استعداد الشعب الفلسطيني. لأنه قام بتقسيم وطنه الى مناطق سيطرة ذات درجات مختلفة من الخضوع المباشر وغير المباشر لنظام الاحتلال الاسرائيلي، تقسيم شمل تحطيم الحركة الوطنية الفلسطينية حسب منطق “فرق تسد”، وعزز بشكل خاص الهيمنة الاسرائيلية الكولونيالية وراء الخط الاخضر.
الى ذلك يمكن اضافة أنه بصورة ساخرة بدرجة ما، فإن تقسيم الاراضي الفلسطينية الى مناطق “أ و ب وج”، والذي استهدف كما يبدو الاشارة الى أن عملية التحرر التدريجي للشعب الفلسطيني من الاحتلال يمكن أن تمهد الطريق لعملية معاكسة، من الضم التدريجي. اجل، لو أنه لم يكن تمييز بين مناطق ج التي تقع تحت سيطرة امنية ومدنية اسرائيلية ومناطق أ وب التي توجد خارج سيطرة اسرائيل المدنية، فبماذا كان سيتمسك نفتالي بينيت من اجل اقتراح ضم اجزاء من الضفة (في العام 2012 اقترح ضم المناطق ج)؟ ولو أن اتفاقات اوسلو التي اعطت الدعم للسلطات الاسرائيلية في معظم اراضي الضفة (مناطق ج) لم تكن موجودة، فان البينيتيين والسموتريتشيين كان يجب عليهم اختراعها.
ولكن قاتل رابين المتعصب لم يشاهد جميع هذه الاخفاقات الداخلية لاتفاقات اوسلو التي كان فيها ما يمكنه أن يخدم بالفعل مواقف اليمين. هل كان هذا نوع من العمى بالنسبة له. اعتقد أن العكس هو الصحيح. يغئال عمير عرف كيف يميز بدقة متناهية الاساس الجوهري للعملية السياسية، الذي اراد رابين دفعه الى الامام في اوسلو، وهو الاعتراف المبدئي بالشرعية الوطنية للوجود الفلسطيني بين النهر والبحر، في الفضاء الذي فيه الحق بالتمتع بحياة حرة ومحفوظة، حسب الرؤيا العنصرية، المثيرة للاشمئزاز ليغئال عمير وامثاله فقط للعرق اليهودي. عندما لاحظ ذلك كان رابين حسب رأيه يستحق الموت.
بصورة متناقضة ومزعجة، كما يبدو الامر في البداية، على بقايا اليسار الاسرائيلي، المعارضون لاستمرار القمع الوطني للشعب الفلسطيني من قبل اسرائيل، والذين يواصلون الايمان بعدالة وامكانية حل الدولتين في ارض اسرائيل/ فلسطين، النظر الى نشاط رابين السياسي بعيون يغئال عمير. والاعتراف بأساس أسسه: اعتبار الفلسطينيين قومية سياسية شرعية في قطعة الارض التي تسمى من قبل اليهود بمفهوم غير قابل للتفسير بصورة مختلفة، “ارض اسرائيل”. هذا هو الاساس المؤسس لارث رابين، وعلى من يعارضون الاحتلال والاستيطان أن يتبنوه بشكل علني وبتصميم بهدف اعادة تشكيل روح ذكرى رابين وذكرى عملية القتل.
العملية الايديولوجية والجماهيرية لوضع الصورة الرسمية لرابين في المكان المناسب من ناحية تاريخية، في مركز الصراع لاستكمال عملية الاعتراف المتبادل بين اسرائيل والفلسطينيين من خلال اقامة دولتين للشعبين، تحوي في ثناياها امكانية كامنة كبيرة لنشر الافكار والرسائل السياسية العادلة لمعارضي الاحتلال بدرجة كبيرة. قوموا بالمقارنة بينكم وبين انفسكم، الاعتصام السنوي الذي يجري في ذكرى رابين في ميدان رابين سيستخدم كمنصة للدعوة الى انهاء الاحتلال وتصفية المستوطنين – باعتبارها منصة بديلة لاحتفال الذكرى الرسمي لرابين في جبل هرتسل، والذي كل هدفه هو طمس وانساء السبب الحصري الذي قتل من اجله، المصادقة على شطب ذكرى ارثه السياسي، وبهذا الاستكمال الفعلي لطموح عمير في أن يجتث من البلاد فكرة التقسيم.
هل سيكون بالامكان تجاهل الخطابات التي تدعو الى اجراء المفاوضات من اجل تقسيم البلاد ويشجبون الاستعداد القومي للفلسطينيين، والتي ستلقى في هذه المظاهرة في كل سنة، مثلما يتجاهل معظم الجمهور الكتابات الشجاعة لجدعون ليفي وعميره هاس؟.
إن اعادة التبني من جديد وبصورة شاملة لذكرى قتل رابين من قبل اليسار السياسي يمكن أن يساهم بشكل جوهري في انبعاث اليسار. ومن اجل حدوث ذلك يجب على الاحزاب والمنظمات اليسارية وكل الجهات الخاصة والعامة، الذين حلم الاعتراف المتبادل بين القوميتين في البلاد يقف امام انظارهم، يجب عليهم التجمع معا وايجاد الطريقة الناجعة والعملية كي يصبحوا هم العنصر المهم في تنظيم الاعتصام في ميدان رابين في ذكرى السنة الـ 25 على قتله. وبناء على ذلك يجدر الاهتمام بأنه بعد سنة فان التغريدات التاريخية لبتسلئيل سموتريتش حول سيطرة اليسار على ذكرى قتل رابين تكون اكثر ترسخا مما هي عليه الآن.