عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    09-Jan-2020

«الإستعلاءُ» الضعيف بتعدديتنا - رمزي خوري

 

الدستور- مِنّا فئات:
فئة لن تسمح لـ»الهلال الشيعي» وهو خصيب أن يستمر وستفككه وتقطِّعه إرباً قبل أن «يُسيطر على منطقتنا ونصبح له عبيداً.» بعض هذه الفئة «سنِّية» وتتمنى الرفاه والبنين للسنة بالذات حتى وإن كان الثمن الرفاه والبنين. ترى هذه الفئة أن «دولة الملالي» هي «الشيطان الأكبر» وكذلك حُلفاؤها من «نفس المِلَّة.» ألا تعتقدون بأن مشكلة «المجوس» أنهم يستغِّلون الدين لتحقيق أهدافهم السياسية، تماماً كما تفعلون؟ ألستم مستعبَدون من أعداء «الهلال الشيعي» أصلاً؟ حسناً، فئة من داخل هذه الفئة يخجَلُ منها بعضهم ترى «الشيطان الأكبر» صديقاً لفئتها بل وتشاركه أفراحه وأتراحه حسب الحاجة فهو داعم لنضالهم. أما إيران ف»الشيطان الأكبر» بنظرها هو أمريكا.
فئة أخرى ما زالت تطالب باسقاط «نظام بشار الأسد» لتحقيق ال»ديمقراطية بسوريا» ومن أجل «حقوق الإنسان التي هُدِرَت» وتعتبر هذا «الإنجاز» الذي كان على وشك أن يتحقق بداية لحُرِّية موعودة (لم يعِد بها حقاً أي طرف) وهذه الفئة تتفق مع الفئة الأولى بأن «إيران» وحلفاؤها بالمنطقة هم العدو لأنهم أنقذوا النظام إياه من «إندحار محقَّق.» هذه الفئة من سِيَمها أنها تخجل من المنطق الطائفي الفج لأنها ضد «الطائفية المقيتة والعنصرية» وتتمتع ب»نظرة إنسانية» تُطالب ب»المساواة بالمواطنة» ببلدها بل «وبين البشر» أجمعين. أي ديمقراطية وحرية بتقسيم سوريا الى دويلات يحكمها المتطرفون من أعداء الإنسانية؟ وبما أن سوريا تبدو همَّكُم الأول ماذا عن العراق واليمن وليبيا، مثلاً؟
يوجد فئة بيننا أيضاً رأت بالرئيس العراقي صدام حسين «البطل في زمن قلت به البطولة» و»الزعيم القائد الذي كان سيحقق الوحدة العربية ويقضي على الكيان المحتل» فهو الذي رد على اسرائيل بعد ضربها لمفاعل العراق النووي بصواريخ هزت الكيان وأدخلت سُكانه بالملاجيء مرعوبين. هذه الفئة تكره «إيران التي دحرها صدام بحرب الخليج» والتي أصبحت «تسيطر على العراق بعد إسقاط نظامه.» أتكرهون إيران أكثر ممَّن أسقط نظام صدام حسين وأعدمه؟
وبيننا من يرى أمريكا العدو فهي «من يستعمرنا اليوم ويسرق خيراتنا وهي الداعم الرئيس للكيان الصهوني وحاميه والعامل من أجل مصالحه على حساب مصالحنا الوطنية.» إيران بنظر هذه الفئة «القوة الوحيدة بمنطقتنا الواقفة بوجه الظلم الأمريكي بل والعاملة على إخراج الأمريكي من منطقتنا.» طبعاً «الويل لإسرائيل التي سنستفرد بها» بعد تحقيق إيران وحلفاؤها النصر المدوي على الأعداء! هذه الفئة بالتأكيد لا تفرق بين «سني وشيعي» ولا تفرق بين الأديان وتتشارك مع «فئة الإنسانية» بأنها مدنية ديمقراطية ترفض العنصرية. ألا ترفضون حكم رجال الدين الذين يسلبون حريات شعوبهم بإسم الدين؟ ألا تخافون استبدال الاستعمار الحالي باستعمار آخر؟
لكل فئة منا أجوبتها على أي سؤال ممكن اعتباره نقداً لرؤيتهم التي يُعَمِموها بشراسة على وسائل التواصل الاجتماعي على أساس انها الحقيقة المُطلَقة. أما فيما يتعلق بالحقيقة المطلقة فممكن أن تتفق جميع الفئات على شعار يُوَّحدهم: «لا حول ولا قوة.»
فنحن ككُتلة بشرية حقاً الضعفاء بالأرض مَهما عَلي صوتنا ومهما كانت الرؤية التي نتبناها وندافع عنها لحد الجلطات الدماغية والقلبية التي تصيبنا من جراء الانفعال. فلا قرار لنا ولا قدرة لتحقيق أحلامنا الحقيقية البسيطة مثل حياة آمنة بلا هذه المنغصات من فُقر ودِماء مَهدورة وحُرِّيات وحُقوق مَسلوبة وضَبابية المستقبل بآخر نفق لا ضوء يُرى بنهايته. ألا نتفق على حلم الحياة الآمنة بلا المنغصات التي لا يحسُّ بِها مُواطن دولة ذات سيادة؟ فلتكن السيادة مشروعنا الطبيعي الموحَّد وعند تحقيقه سَيُصبح قرار كل فئة من فئاتنا ذات وزن، بل وخطير أيضاً!