عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    09-Jan-2020

لغة الحوار - نزيه القسوس

 

الدستور- الحوار هو لغة الحضارة ولغة المدنية واللغة الراقية بين الناس ويجب أن يكون الحوار هو الخيار الأول مهما كانت الظروف والأسباب والرأي الآخر الذي يمكن أن يخالف آراءنا يمكن أن يتغير بالحوار أو يمكن الوصول إلى قواسم مشتركة تزيل سوء الفهم والاحتقان أحيانا.
هذه المقدمة نضعها لنتحدث عن عشرات الاعتصامات التي حدثت وتحدث في بلدنا كل يوم وهذه الاعتصامات غير السياسية لأصحابها مطالب محددة فهم إما أنهم يشعرون بالظلم أو التهميش أو يطالبون بتحسين أحوالهم المعيشية ونحن هنا لا نناقش ما إذا كان هؤلاء المعتصمون على حق أو باطل بل نريد أن نناقش أسلوب التعامل معهم.
موظفو إحدى المؤسسات على سبيل المثال يطالبون مسؤوليهم بتحسين رواتبهم؛ لأن الحياة أصبحت قاسية عليهم وعلى عائلاتهم بسبب الغلاء الفاحش الذي يجتاح البلاد وقد لا تكون هناك إمكانية لتحسين أوضاعهم وزيادة رواتبهم على الأقل في الوقت الراهن، لكن المسؤولين في هذه المؤسسة يغلقون أبواب مكاتبهم في وجه هؤلاء الموظفين ولا يتنازلون بالالتقاء معهم أو مع ممثليهم ليتناقشوا معهم في موضوع زيادة الرواتب وشرح وجهة نظرهم حول هذا الموضوع وأن أنظمة هذه المؤسسة أو إمكاناتها المالية لا تسمح لهم بزيادة الرواتب في الوقت الحاضر وهذا ما يجعل احتقان هؤلاء الموظفين يزداد يوما بعد يوم إلى أن تتفاقم الأمور وتكون النتيجة الإضرابات والاعتصامات.
والسؤال الذي نطرحه اليوم هو : لماذا لا يلتقي مسؤولو أي مؤسسة موظفيها ويتحاورون معهم ويناقشون مطالبهم على الواقع فهل سيخسر هؤلاء المسؤولون شيئا أم أن هناك احتمالا كبيرا بأن يقنعوا موظفيهم بوجهة نظرهم ويعيدوا الأمور إلى المربع الأول ويزيلوا الاحتقان الموجود لديهم.
بالحوار البناء المخلص نستطيع حل العديد من القضايا والمشاكل وعندما نتعامل مع الرأي الآخر بالاحترام وليس بالتطنيش ونفهم ما هو هذا الرأي فعندئذ يكون التعامل مع أصحاب هذا الرأي سهلا وبسيطا وقد تكون النتيجة مريحة جدا للطرفين.
إن معظم الاعتصامات التي نراها في بلدنا من أسبابها الرئيسية إهمال لغة الحوار والتعامل بلغة التطنيش وهذه اللغة سيكون أصحابها هم الخاسرون دائما وستتوالى الاعتصامات ولن تكون لها نهاية ما دامت لغة الحوار مفقودة.
هناك قول مأثور للأديب الفرنسي المشهور فولتير وهذا القول هو : خذ نصف عمري لكن دعني أقول رأيي . وهذا القول يعني بالتحديد أن حاورني واسمع وجهة نظري لأنه لا يجوز لأي إنسان كائن من كان أن يهمل الرأي الآخر ولا يسمعه.
لو جرب مسؤولونا لغة الحوار مع موظفيهم لما رأينا اعتصاما واحدا في شوارعنا ولاستطعنا حل العديد من مشاكلنا ووصلنا إلى قناعات مشتركة نحن بأمس الحاجة اليها في الوقت الراهن.