الغد
دفعت المخاوف المتجددة من روسيا ألمانيا، إلى نشر أول نظام دفاع صاروخي إسرائيلي من طراز Arrow 3، في خطوة تأتي ضمن مساعي أوروبا لتعزيز قدراتها الجوية والصاروخية في مواجهة موسكو، وبالتوازي مع جهود إسرائيل لتقوية روابطها الدفاعية مع القارة.
يمثّل هذا الانتشار خطوة إيجابية لإسرائيل، إذ يبني على التعاون الدفاعي المتجدد مع ألمانيا، وعلى محاولتها استئناف صادرات السلاح إلى دول أوروبية كانت قد امتنعت عن البيع بسبب حرب غزة.
أما بالنسبة لأوروبا، فتأتي الخطوة في وقت تتسارع فيه للتحرك لسد فجوات دفاعها الجوي مع ازدياد اختراقات روسيا لأجواء دول «الناتو»، وتأكيد استراتيجية الأمن القومي الجديدة لإدارة ترمب على ضرورة أن تتحمل أوروبا «المسؤولية الأساسية» عن أمنها.
قدرات جديدة لألمانيا
تبلغ قيمة الصفقة نحو 3.6 مليار دولار، وهي المرة الأولى التي يُباع فيها نظام «آرو 3» خارج إسرائيل، كما تمثل «أكبر صفقة دفاعية في تاريخ صادرات إسرائيل»، وفق وزارة الدفاع الإسرائيلية.
وبدأت مفاوضات الصفقة عام 2023، وأظهر النظام فعالية كبيرة في التصدي لهجمات صاروخية إيرانية خلال عامي 2024 و2025، مع تقارير عن نسب اعتراض مرتفعة.
يعد «آرو» نظام دفاع صاروخي باليستي أرضي مطوَّراً بشكل مشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ويُشكّل الطبقة العليا من منظومة الدفاع الجوي والصاروخي متعددة الطبقات في إسرائيل. صُمّم «آرو 2» لاعتراض الصواريخ الباليستية المتوسطة والبعيدة المدى داخل الغلاف الجوي، بينما يختص «آرو 3» بالاعتراض خارج الغلاف الجوي، بما في ذلك الصواريخ الأطول مدى.
وقال المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية إن التسليم هو «مجرد بداية» للشراكة الدفاعية مع ألمانيا، مشيراً إلى أن التعاون «سيزداد قوة وعمقاً — في الجو، وعلى الأرض، وفي الفضاء».
وكانت ألمانيا قد طلبت أيضاً صواريخ «سبايك» الإسرائيلية المضادة للدروع، وتخطط لتوسيع أسطول طائرات «هيرون» بدون طيار.
سباق أوروبي لتعزيز الدفاع الجوي أمام التهديد الروسي
يأتي وصول «آرو 3» في وقت اخترقت فيه طائرات مسيّرة ومقاتلات روسية الأجواء التابعة لـ«الناتو» فوق بولندا ورومانيا وإستونيا وليتوانيا منذ سبتمبر. كما نفذت طائرات الحلف طلعات في بولندا ورومانيا رداً على هجمات روسية صاروخية وبالطائرات المسيّرة على أوكرانيا.
وردّ «الناتو» بإطلاق عملية Eastern Sentry لتعزيز الدفاعات الجوية على الجناح الشرقي، مع تركيز خاص على مواجهة المسيّرات.
لكن احتياجات «الناتو» تتجاوز بكثير الدفاع ضد المسيّرات، إذ تؤكد صفقة «آرو 3» أهمية تعزيز الدفاع ضد الصواريخ البعيدة المدى. وأطلقت ألمانيا ودول أخرى «مبادرة الدرع الجوي الأوروبي» لمواجهة التهديد الروسي.
ووصف وزير الدفاع الألماني «آرو 3» بأنه «قدرة فريدة بين شركائنا الأوروبيين» نظراً لقدرته على حماية مناطق واسعة من الصواريخ الباليستية البعيدة المدى. وسيكمل النظام عند نشره بالكامل القدرات الحالية، ومنها «باتريوت» الأميركي لاعتراض الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، و«IRIS-T SLM» الألماني لاعتراض صواريخ كروز.
خطوات نحو حماية أجواء الناتو… لكن المزيد مطلوب
سيساعد «آرو 3» في تعزيز دفاعات ألمانيا—الحليف الأساسي للولايات المتحدة—وفي حماية المصالح الأميركية في أوروبا، لكنّ هذه الخطوة وحدها غير كافية. إذ يحتاج الأوروبيون إلى شراء منظومات أميركية وإسرائيلية إضافية لمعالجة النقص الحاد في الدفاعات الجوية والصاروخية، مع تعزيز القدرة الإنتاجية الأوروبية. ويتطلب تقديم هذه الأنظمة في جدول زمني سريع استثمارات كبرى في خطوط الإنتاج وسلاسل التوريد.
كما ستحتاج إسرائيل إلى زيادة طاقتها الإنتاجية سريعاً مع سعي إيران لإعادة بناء قدراتها الصاروخية بدعم صيني بحسب التقارير.
ويجب على الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين وإسرائيل ضمان تشغيل الأنظمة الجديدة ضمن شبكة دفاعية متعددة الطبقات تربط جميع «المستشعرات والأنظمة النارية» بسلاسة. كما ينبغي لـ«الناتو» ودوله الأعضاء إنشاء آلية منهجية لجمع وتوثيق ونشر الدروس المستفادة في الدفاع الجوي والصاروخي من التجربتين الإسرائيلية والأوكرانية، لضمان انعكاسها على عمليتَي Eastern Sentry وESSI.- وكالات