عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Oct-2019

أنت معي.. إذا أنت موجود! - حنان کامل الشیخ
 
الغد- الاختلاف في الرأي لا یعني أن نربي عداوات قائمة على فصل عمودي في المجتمع. ھذا الأمر صار یؤرق كثیرا من المتواصلین، عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، بحیث أصبح الإدلاء بالفكرة أو الاھتمام، والاختلاف معھما في مجتمع متنمر إلكترونیا، ومستعد في أي لحظة أن ینقض علیك لعدم التطابق، شیئا مستفزا بل ومخیفا أیضا!
تابوه الدین والسیاسة والجنس، تم اختراقھ منذ سنوات طویلة، بسبب انتشار تلك المواقع، ما خلق أجواء حواریة مفتوحة لم یكن بالإمكان التحصل علیھا، قبل بروز الجرأة في الخوض والتجربة من قبل طلیعیین في الفكر والعلم والرأي.
لكن التباین في وجھات النظر، شكل أرضیة خصبة لتراجع الاستفادة من ھذه المیزة الانفتاحیة، لدرجة أن غالبیة أصحاب الآراء والأفكار یخشون حرفیا من الخوض في تلك المواضیع الشائكة، لسھولة إطلاق الأحكام الجاھزة، واتباعھا بحملات تشویھ وملاحقة لا ترحم.
والمشكلة لو أن الذي ”نال شرف“ الرأي المضاد یكون ”التي“ ولیس الذي! ھنا یصبح وضع السیدة أو الفتاة مثل عروسة المولد في الشقیقة مصر العربیة؛ الكل یستبیح الاقتراب منھا، والكل یسعى لتقطیع أوصالھا كي یتناولھ ویحلي فیھ فمھ!
لماذا یستكثر البعض على الإناث أن یكون لدیھن موقف مختلف عن موقفھ الذكوري الخالص؟ ھل یعتقد ھؤلاء بأن وجھة النظر نحو موضوع ما یجب أن یصطف في طابوره المناسب؛ الذكوري والانثوي، وكأن الإدلاء بالرأي وامتلاك مبدأ معین والتفكیر بالقضایا، مرتبط ھرمونیا بجسم الإنسان، وأخلاقیا بمرجعیتھ البیئیة.
حین تتحدث سیدة عن موقفھا المناوئ لحرمان الفتیات من التعلیم، أو تزویج القاصرات غصبا، أو تباین الأجور بین الرجال والنساء وغیرھا الكثیر من قضایا المرأة، فإن رد الفعل غیر المحسوب یتمحور حول الانسلاخ من الدین والأخلاق والعرف والمجتمع! في حین لو أن المتحدث حول المواضیع نفسھا كان رجلا، فإن الأمر لن یتجاوز مرحلة المعاتبة من بعید.
وفي وجھ آخر یمكن أن یدلي رجل أو شاب برأیھ حول عناوین معینة، تعتبرھا النساء خاصة جدا بھن، فإنھ أیضا یقابل بموجة من السخریة و التسخییف، إن لم یكن بالھجوم والتقریع.
لیس المطلوب لأي من الطرفین، أن یثبت طوال الوقت بأنھ منتم وغیور ومتفھم وغیر منسلخ عن الواقع والمجتمع الذي یعیش فیھ. فإبداء الملاحظات حول صور وقضایا ومنشورات، لا یعني بالضرورة إقصاء أصحابھا لأنھم یفعلون ذلك باحترام.
یستثنى من ھؤلاء طبعا المسیئون ”عمال على بطال“، یصارعون طواحین الھواء من أجل أن یسجل لھم نقاط على أنھم مختلفون!
لیس علینا أن نتفق، فالاختلاف جوھر التحضر. لكن أن نجلد المختلفین معنا في الحیاة اجتماعیا وفكریا وعقائدیا، ویعبرون عن مبادئھم بالكلام والتعلیقات والمحتوى المحترم، فھذا یجرنا إلى حضیض أخلاقي سیفرز بدون شك، مخرجات اجتماعیة وسلوكیة حتمیة، یقودھا الأشرار.