عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Apr-2025

ماذا عن قمة بغداد؟*فيصل الشبول

 الدستور

ليس للفقراء والمظلومين صبرٌ يُخشى نفاده. الصبر ينفد أو يتم التهديد بنفاده من الأقوياء فقط.
 
التهديد بنفاد الصبر يجتاح وسائل الاتصال والتواصل يوميًا، وبات لغة الأقوياء في عالم اليوم. والقوة اليوم تغيب عنها قوة القانون والشرعية الدولية والمعايير الأخلاقية.
 
عالم يقف على قدمٍ واحدة سياسيًّا، واقتصاديًّا، وأمنيًّا كذلك، ولا مكان فيه بمنأى عن المفاجآت.
 
يتصاعد التوتر في كل مكان، من الولايات المتحدة في أقصى الغرب إلى كوريا الشمالية في أقصى الشرق وما بينهما. وها هي كشمير ترفع درجات التأهب للحالة القصوى بين الهند وباكستان.
 
أكثر من مئتي دولة في عالم اليوم لها حكومات ومؤسسات، ولها تجارة أيضًا. على سفن تلك الدول أو السفن الناقلة منها وإليها أن تدفع الرسوم في السويس وبنما. لكن ليس على سفن الولايات المتحدة أن تدفع شيئًا.
 
حتى التاريخ يغيره الأقوياء، فقناة السويس لم يشقّها المصريون ولم تفقد مصر آلاف مواطنيها قضَوا شهداء لمشروعهم الحضاري الأكبر، ولا المستشار الفرنسي دي لسبس كان هناك.
 
تبدو أوروبا في أضعف أحوالها منذ قيام اتحادها، تعاني من الضغوط السياسية والاقتصادية، وتخشى من مخاطر أمنية قد تواجهها في قادم الأيام.
 
كندا وأستراليا والبرازيل تشكو هي الأخرى من سياسات إدارة الظهر الغربية. والصين تلعب بقوة هذه المرة على الصعيد الاقتصادي ولكنها تتحسب أيضًا للأمن في بحر الصين والمحيط الهادئ.
 
في منطقتنا تبدو الصورة أكثر سوءًا من غيرها في أي مكان. يصمت العالم عن بشاعة حكومة الاحتلال الإسرائيلية المتطرفة وهي تقتل وتدمر، منذ عام ونصف العام، كل أشكال الحياة، تقتل حتى عمال الإغاثة الإنسانية وتمنع المياه والطعام والدواء. هي الصورة الأبشع للإبادة الجماعية اللاإنسانية.
 
في منطقتنا أيضًا توسعٌ إسرائيلي لا يراه الغرب في غزة والضفة الغربية وسوريا ولبنان.
 
وفي منطقتنا خرابٌ ودمارٌ في سوريا ولبنان واليمن والسودان وليبيا، وضغوطات اقتصادية على جميع دولنا العربية.. وشرق أوسط جديد.
 
بالمحصلة، فإننا نعيش في عالم يتغير كل يوم، كما تتغير أسعار الذهب والنفط والعملات والأسواق المالية.
 
لم يعد للعقل مساحة أمام منطق القوة والاستحواذ وتشكيل عالم جديد بلا قوانين ولا مواثيق، وإعلان الموت السريري للأمم المتحدة من قبل مؤسسيها الأوائل.
 
الصمود أمام هذا الواقع الجديد يتطلب حدًّا أدنى من توافق عربي تتحدث عنه الاجتماعات العربية ولا يراه الناس، ولم يعد مقبولًا إعلان التوافق في العلن والتباعد في المواقف الحقيقية مما يجري في منطقتنا.
 
صمود الأشقاء الفلسطينيين ودعمهم ومقاومة تهجيرهم من أرضهم تحتاج إلى أكثر من بيان.
 
لا صبر لدينا يُخشى نفاده، وعلينا الخشية من نفاد صبر الطامعين في بلادنا. هذه هي الحقيقة التي على القمة العربية في بغداد أن تواجهها بعد أسبوعين.