الدستور - الإسلام دين للحياة وعمارتها، فوظيفة العبادة التي أنيطت بالإنسان لا تقتصر على الصلاة والصوم وغيرها مما ينظم العلاقة بين الخالق والمخلوق، بل يتعداها ليشمل عمارة الكون وإقامة الحضارة الإنسانية على أساس العدل والرحمة والتآخي.
وليقوم الإنسان بهذه المهمة الجليلة عرّف الله تعالى الإنسان على بداية خلقه، وما هي قصة أبيه آدم وأمه حواء، وبين له عدوه الذي يتربص به، والذي أقسم أغلظ الأيمان على العمل على إضلال ذرية سيدنا آدم عليه السلام. ثم بين الله تعالى للإنسان حقيقته وأنه عبد مخلوق لله، وشرح له وظيفته المطلوبة منه، وهي صدق العبودية مع الله، والتعارف مع الجنس البشري، لعمارة الكون.
ثم وضح ربنا تعالى لهذا الإنسان بدء الخلق للكون والمدة التي وجد فيها، وكل ذلك يشير إلى أن هذا الكون كله مخلوق لله، مسيّرٌ بأمره، لا يخرج ولا يمكن له أن يخرج عن إرادته ومشيئته. وهذا الكون بما فيه مسير ومسخر لخدمة الإنسان، معونة له على أداء وظيفته التي خلق من أجلها. بالإضافة لدلالة هذا الكون من حيث الوجود والانتظام على الله تعالى ووحدانيته.
ثم هذه الحياة التي منحنا الله إياها، والتي يقابلها الموت والفناء، وما بين الحياة والموت اختبار وابتلاء للإنسان، والحياة مهما امتدت بالإنسان فقصيرة، وما عليه إلا أن يشتغل بالوظيفة التي رزق الحياة من أجلها، وسخر له الكون من أجلها.
فعلى المؤمن ألا يغفل ولا يتناسى وظيفته الأساس التي خلق من أجلها، وذكّره القرآن من خلال آياته بها، وإلا فما فائدة قراءة لا تثمر عملا؟