ھآرتس
في أحد أیام كانون الأول (دیسمبر) 1973 في وسط سان فرانسیسكو، في ضجیج ماركت ستریت
أو قربھ، توقفت فجأة سیارة لونھا أحمر وخرج منھا صوت ینادي ”اسحق لیئور“، ورجل مسن یرتدي معطفا عسكریا قدیما قفز منھا. وكما یكتبون: ”سرعان ما تحولت المفاجأة الى سعادة“:
سامي قعراوي، أحد سكان یافا الذي درس الحقوق في تل ابیب، وعائلتھ جاءت الى یافا من بیسان التي على أنقاضھا اقیمت بیت شآن، ”سامي، والده یصنع البقلاوة“، اشخاص یختفون من حیاتك وأنت تختفي من حیاتھم. وفجأة بالصدفة في آخر العالم تجدھم.
في العام 1971 حتى قبل أن تصبح لجان الطلاب العرب أمرا ممأسسا ویخدم القضیة الحركات السیاسیة (الشیوعیون وأبناء البلد) عمل سامي في لجنة الطلاب العرب الجدیدة، وتحمس لیمد یده لاعضاء ”شایخ“. بعد ذلك توقف عن الدراسة، تزوج من یھودیة وسافر الى امیركا. حتى ھنا الذكرى المفاجئة التي تذكرتھا لدعوة العنصریة الظلامیة لجلعاد اردان.
سامي لم یغفر لنفسھ أنھ لم یتعلم من والده صناعة البقلاوة، وخرب نصف الصواني التي قام بتحضیرھا للمحلات العربیة في المدینة. لقد غفروا لھ حتى عن ابنھ الھجین الاسرائیلي. الى ھذه الدرجة كان محبوبا. لقد التقینا في كل مرة جئت فیھا الى المدینة وسافرت معھ لتوزیع الصواني.
كان في اللیل یوزع الصواني في رحلات سفر في الشارع السریع في لوس انجلوس. وذات مرة تحدث معي عن سبب مغادرتھ، عن دعوة الشباك لھ لمحادثة. أنا أذكر وصفھ: ”لقد سمعنا بأنك تعارض زرع العبوات في الكافتیریا“، ”صحیح جدا“، ”اذا عرفت أن شخصا ما ینوي وضع عبوة في الكافتیریا فھل ستأتي وتخبرنا؟“، جواب سامي كان: ”أنا أتعلم القانون، أنا اعرف القانون. اذا عرفت عن أي شيء جنائي فسأذھب الى الشرطة“. وواصلوا تشویش دماغھ في كل مرة، لأنھ شارك في اللجنة التي لم تعترف بھا الجامعة ولأنھ كان شخصا لطیفا وحصل على الاصدقاء بسھولة، لم یعترفوا بھ، واستمر ھذا الوضع الى أن یئس. ھذا ما قالھ.
عندما تسمع في وسائل الاعلام اشخاصا یجرون مقابلات مع اشخاص عرب ویریدون سماع تصریحات عن استعدادھم للتعاون مع الشرطة، ھذا في الاساس ھو اختبار الشباك لسامي. ”ھل أنت مستعد لأن تكون عمیلا؟“، وللدقة، ”ھل توافق على أن یتعامل حرس الحدود في وادي عارة مثلما یتعامل في العیسویة؟“.
القصة یجب أن تنتھي بشكل آخر. في تلك الایام التي عرفنا الواحد منا الآخر في تل ابیب كانت ایاما قاسیة لمستھلكي الحشیش. خلف سینما الشمال كان نوع من المكان السري. الشرطة جاءت بین الحین والآخر وكان یجب الحذر. أنا أتذكر اقوال صدیقي في كالیفورنیا: ”انظر كیف یحاربون الحشیش لدى الیھود في تل ابیب، لكن اذھب الى شارع 60 وانظر كم من المسطولین ھناك. لا أحد یأتي الى ھناك، یریدون أن نكون مسطولین وأن ینتھي أمرنا“.
لو أن من یملكون السلاح في الوسط العربي، یطلقون النار على یھودي فقط من أجل أن یتوقف عن التحدث عن ”العقلیة الاجرامیة“ لكانوا جمعوا السلاح في لیلة واحدة. جمیع السلاح في القریة التي جاء منھا القناص. ولكن العرب یقتلون العرب، لقد قال مناحیم بیغن في السابق بغطرسة عن صبرا وشاتیلا كل ما في الأمر ”أغیار یقتلون أغیار“. أنا أتمنى لجلعاد اردان واقترح علیھ البحث عن السلاح لدى منظمات الجریمة، الیھودیة والعربیة، وبالاساس فحص من ھم التجار من بین جنود الجیش الاسرائیلي الذین یبیعون ھذا العدد الكبیر من قطع السلاح للمجرمین العرب. أقترح على الوزیر ایضا عدم التدخین قبل اجراء المقابلات اذا كان یدخن.