عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    29-Sep-2020

الجائحة والجارفة.. سيّان!*د. زيد حمزة

 الراي

أرسلتْ لي الصديقة الرفيقة عبلة أبو علبة العدد الأخير من مجلة الدراسات الفلسطينية‏ المعنون «زمن الوباء» ويقع في مائتي صفحة موزعة على ثمانية عشر كاتباً أولهم المؤرخ والأكاديمي ‏المصري خالد فهمي وليس آخرهم الاديب اللبناني إلياس خوري رئيس التحرير، وحين استلمتُها لم اكن أعلم ‏أن الرواية التي أهِمّ بقراءتها وعنوانها «١٩١٩» لاحمد مراد (مؤلف ڤيرتيغو والفيل الأزرق) تقع أحداثها في مصر حين داهمتها قبل مائة عام جائحة الانفلونزا الاسبانية التي حصدت ‏من البشر حول العالم اكثر من خمسين مليوناً!
 
يحتوي هذا العدد على مقاربات فلسفية وتاريخية وأدبية للأوبئة التي ضربت منطقتنا، وربما كان الطاعون أكثرها تكراراً وأشدها فتكاً عبر القرون، وبما أن الماضي يضيئ على بعض عتمة الحاضر الذي نمر به الآن في جائحة الكورونا فإن خالد فهمي يذكّرنا بمقاله أن محمد علي أنشأ اول كلية طب في مصر عام ١٨٢٧خرّجت مئات من الأطباء المصريين كانوا جاهزين لمواجهة جائحة الكوليرا عام١٨٣١ وتأسيس ‏أول إدارة صحية حديثة حيث بدأ نظام الحظر الصحي (الكرانتينا) وتبعه فرض قيود على استيراد السلع والبضائع وتم حجز السفن القادمة للموانئ مما ‏جعل دولا? أوروبية عديدة تعترض على هذه الإجراءات وتتدخل لتغييرها مع أنها فُرضت لحماية حياة الناس، وفي ذلك ما يشبه أخلاق الدول هذه الأيام وهي تزداد انحيازاً لأصحاب المغانم الاقتصادية المنفلتة حتى لو تم ذلك على حساب من يجوع أو يمرض أو يموت جراء الوباء!
 
‏أما إلياس خوري فبعد أن يذكُر في مقاله أن صفة الجارفة أطلقها ابن خلدون على الطاعون وتصلح الآن أسماً لوباء كورونا الذي يجرف أرواح الالوف، يرى (أن وباء كوفيد19) يعيد ربط عالم ما بعد الحداثة بتاريخ الهشاشة ويطرح أسئلة كبرى عن النموذج الاقتصادي الذي تقود من خلاله الرأسماليةُ بصيغتها النيوليبرالية العالمَ إلى الهاوية‏ عبر تدميرٍ منهجي للطبيعة وتحطيمٍ لقيم المساواة ((ثم يتحدث عن رواية)) اليوم السادس التي كتبتها بالفرنسية الروائية المصرية اللبنانية السورية ‏أندريه شديد ساردةً حكايات الأسى ومواجهة الموت جراء الكول?را حين ضربت مصر عام ١٩٤٧، ولم ينس أن يعرّج على العِبَر في رواية ((الحب في زمن الكوليرا)) رائعة غابرييل غارسيا ماركيز، وبالطبع فإنه لم يغفل معاناة فلسطين أثناء الأوبئة منذ جائحة عمواس في عهد عمر بن الخطاب حتى الاحتلال الاستيطاني كما فعل كثير غيره ممن كتبوا في المجلة مثل سليم تماري وسلمان أبو ستة وأنيس محسن وفواز طرابلسي وأحلام بشارات أما صبحي
 
حديدي فقد شرح دور الطاعون في هزيمة نابليون عند أسوار عكا..
 
وبعد.. جاء في كلمة هيئة التحرير ان هناك وباءيْن يحاصران عالمنا ويهددان وجودنا أكثر فتكاً من جميع الأوبئة ذات المصادر البيولوجية هما العنصرية والكولونيالية في إسرائيل وأميركا، أما في منطقتنا العربية فبالإضافة للاحتلال الإسرائيلي لدينا الاستبداد و.. الفساد!