الراي - غدير السعدي
انتفض الشباب الأردني طوال الأيام الأخيرة نصرةً للقدس المحتلة والأقصى والشيخ جراح منذ بداية العدوان، بجميع الوسائل المتاحة لديهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
المشاركة الشبابية الأردنية تمثلت في عدة سبل، أبرزها إظهار الدعم المطلق والتأييد والمناصرة للإخوة الفلسطينيين المقدسيين، ومؤازرتهم ورفع معنوياتهم وتقوية صمودهم.
وكذلك إبداع وسائل لمتابعة ونقل ما يحدث من تطورات على الأرض ورصد المواقف والآراء ووجهات النظر، بغية كشف جرائم الاحتلال الصهيوني في حي الشيخ جراح وفي غزة المحاصرة والضفة الغربية المحتلة والداخل الفلسطيني وفضح ممارساته، وإبراز الحق العربي الفلسطيني في القدس والمقدسات، والتحشيد محلياً وخارجياً لإدانة جرائم الكيان الصهيوني.
وكذلك توجيه الرأي العام المحلي والعربي والدولي لتعظيم هذه الإدانة لتكون أداة ضغط على الأنظمة الإقليمية والدولية الفاعلة للتوقف عن دعم الكيان الصهيوني من جهة والضغط عليه من جهة أخرى في مختلف المحافل والوسائل لإجبار العدو الصهيوني على التوقف عن هذه الجرائم التي صارت ممارسات يومية لحكومة الاحتلال الإسرائيلي.
كما ركز العديد من الشباب على إظهار الموقف الرسمي الأردني وجهوده الحثيثة في مختلف المحافل وبمختلف الوسائل لدعم الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة وفضح الممارسات العدوانية الصهيونية ضده، والجهود المبذولة لحماية الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس والضفة الغربية المحتلتين، خصوصاما بذله الأردن من جهود في الآونة الأخيرة حيال قضية إثبات حق سكان حي الشيخ جراح في منازلهم وفضح التزييف والتزوير اليهوديين وتآمرهم لإخراج أهله منه وتهويده، ولفتوا إلى دور أن الأردن الذي يحمل على عاتقه الوصاية على الأوقاف والمقدسا? الإسلامية والمسيحية.
إضافة إلى إظهار التناغم بين الموقفين الشعبي والرسمي في المملكة حيال قضيتهم وقضية العرب الأولى والتأكيد أن الفلسطينيين ليسوا وحدهم في هذه المحنة وأن ما يصيبهم يصيب الأردنيين والعرب والمسلمين والمسيحيين جميعا.
الحراك الشبابي الأردني لم يقصر فقط على التفاعل والتأثير عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وإنما جاوزه بالنزول إلى الشوارع والميادين بالأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك وخلال فترة عيد الفطر، ليرفعوا صوتهم عاليا نصرة للهبة الشعبية الفلسطينية والصمود الأسطوري للفلسطينيين في مختلف مناطق الصراع مع العدو الصهيوني: في الأقصى وباب العامود والشيخ جراح وفلسطين المحتلة والضفة الغربية المحتلة وغزة الصابرة المقاوِمة المحاصرة منذ سنوات.
عشرات الهاشتاجات
وأطلق شباب عشرات الهاشتاجات التي تصدرت على مواقع تويتر وفيسبوك وانستجرام وغيرها وقاموا بنشر فيديوهات الجرائم الإسرائليية بشكل كثيف.
كما تبادلوا مجموعات كبيرة من الرسائل دعماً للأهل في فلسطين ومقاومتهم للاعتداءات الصهيونية، حيث تصدر هاشتاج «فلسطين» وهاشتاج أنقذوا حي الشيخ جراح مكتوب بجميع لغات العالم وهاشتاغ غزة شبكات التواصل الاجتماعي كافة.
وسعى الشباب من خلال شبكات التواصل الإجتماعي إلى نشر فيديوهات ورسائل وهاشتاجات على التعليقات في الصحف الغربية والإسرائيلية بمعظم اللغات دعماً للصمود الفلسطيني.
في المقابل، ومن شدة تأثير هذا الحراك الإلكتروني الأردني، قامت إدارة الفيسبوك بمنع العديد من الناشطين من النشر لمنع انتشار هذه الهاشتاجات.
وقال الشاب أنمار بني صخر إن «الشباب الأردني الواعي الذي يحمل القيم الأردنية ويفكر بطريقة شمولية عالمية وأفق واسع، يقدم درساً مهماً في معنى الدفاع عن الأرض، وكيف يمكن ترك أثر على مواقع التواصل الاجتماعي يشكل ثقلا على جميع الأطراف، والتذكير بأن الأردن وفلسطين توأمان وبينهما شريان نهر الأردن».
وتعتقد الشابة هديل ابراهيم المجالي، خريجة ماجستير الطاقة المتجددة، أن هذا هو الوقت الأنسب ليتخذ الشباب العربي موقفاً واضحاً من كل ما يحدث حوله، وبخاصة الشاب الأردني المثقف المتعلم «ابن الأمس الذي يعيش الحاضر، وهو المستقبل، والقضية الفلسطينية في قلبه دائما ورثها وسيورِّثها لمن بعده».
أسلحة الحاضر تختلف عن الماضي
وتقول المجالي: «لا شك أن أسلحة الحاضر تختلف عن الماضي؛ فلم يعد الإعلام العالمي الموجه قادراً على طمس الحقائق وتشويه الواقع وإيصال الصورة التي تخدم صالحه»..
وتشرح بالقول: العالم أصبح مفتوحاً وبات ممكنا جدا أن يعلم الجميع الحقيقة عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة التي يستطيع بها الشاب أن يحرك الناس ويعبر ويوضح الحقيقة للعالم أجمع وبجميع اللغات، بالصور والفيديو والكلمة؛ وهذا ما يحدث الآن، كلُّ مؤثر حقيقي، وعبر منبره وعلى جميع التطبيقات، أكد للعالم أجمع أن فلسطين ستبقى القضية الأولى ولن تموت ولن تتشوه مهما حدث.
وتبين أنه إن كانت الحرب الإلكترونية في هذا الوقت تحتاج كلمتك وتحتاج «هاشتاج» ودعما وتحتاج بثا حيا متواصلا إلى جميع مناطق العالم لكي توضح الحقيقة إذا امتلكتها وأن تنفي شائعة، وأن تغني وتكتب شعرا وتصمم شعارا.
وتخاطب الشباب بالقول: يجب علينا جميعا أن نستجيب وأن نتحرك وأن نكون موجودين وأن نسلط الضوء على عتمة الظلم الذي يحل على أهلنا في فلسطين العربية وأن نكون صوتهم المدوي وسط الصمت العام. فالعالم لم يعد مغلقاً وتستطيع أن تصل لكل زاوية فيه بثوانٍ وهذا ما يحدث وهذا ما يدعو للفخر، الوحدة الدائمة بين الأردن وفلسطين وحدة دم وروح وأخوة ستبقى، فرقتنا الحدود وتجمعنا دائما القضية فنرى التواصل يزيد يوماً بعد يوم وبخاصة في هذه المواقف، لنوضح للعالم كله بلغة وجسد واحد أن الهدف هو تحرير القدس وستبقى هي أساس الصراع، وعلينا أن ?ستمر بالجهاد بالكلمة وبكل ما نستطيع من دعم إلكتروني، وهو أقل ما يمكن أن نقدمه لأهلنا الصامدين في فلسطين.
إيصال الصورة للعالم الخارجي
ويرى الشاب أمين المعايطة إن الشباب الأردني سطر أسمى معاني الوفاء والانتماء للقضية الأولى للأمتين العربية والإسلامية وللمسيحيين العرب، من خلال التفاعل الضخم على منصات التواصل الإجتماعي باستخدام الهاشتاجات التي تهدف لإيصال الصورة للعالم الخارجي لتكون نظيرا ومنافسا وكاشفا لما يقدمه الإعلام الصهيوني المشوه والمزور عن أهلنا وإخوتنا في فلسطين وعن حقيقة الصراع.
ويلفت المعايطة إلى أن الشباب، الذي راهن عليه الاحتلال بأنه جيل غير واع أو مدرك لأبرز قضايا العصر، استطاع وبمقدرة عالية من خلال هذه الأزمة، أن يوصل رسالة حقيقية وصادمة إلى الكيان المحتل بأن الشباب الأردني مستعد للتضحية بروحه فداء للأقصى وفلسطين وتحريرهما.
وينوه بأن الشباب استخدموا مختلف وسائل التعبير عن الرأي، مثل (رسم الكاريكاتير وكتابة المقالات وتصوير الفيديوهات ومشاركة الصور والفيديوهات) وجرى تفعيل دور المؤثرين الأردنيين بشكل حقيقي بهدف ايصال رسالة الرفض القاطع للعدوان الغاشم على كل شبر من أرض فلسطين.
في خندق واحد متآزر
أما طالبة الهندسة الميكانيكية في جامعة مؤتة فيّ هيثم الصرايرة فتقول: أغلبنا، صغارا أو كبارا، مررنا بعواصف إلكترونية للتأييد أو الرفض، سواء كنا ضدّاً في أكثر من قضية مرت علينا في الأردن وكان الأثر الافتراضي ليس بالمتوقع حدوثه أو حتى ليس كافيا ليشفي ما بصدورنا.
وتسترسل بالقول: لكن في الفترة الحالية لا يوجد بيننا أي شخص معارض أو ينفي أفعال الكيان الصهيوني المدمرة، فالكل في خندق واحد متآزر ومتعاون للوقوف مع الفلسطينيين وإن كان ذلك الأثر إلكترونيا.
وتكشف الصرايرة أنها في البداية كانت لديها تساؤلات مثل أي شخص كيف يمكن للوسم (الهاشتاج)، أن يساعد، لكن اليوم كانت الإجابة واضحة لدى الجميع بعد التوجه إلى الحدود الأردنية مع أرض فلسطين المحتلة للوقوف والمؤازرة مع إخواننا في فلسطين، الكبير والصغير، الطالب والعامل والموظف وكل شرائح المجتمع أصبحت ترى حجم الانتهاكات الواضحة لحقوق الشعب الفلسطيني.
وتتابع: حتى الطفل الذي عمره ٤ سنين أصبح لديه معرفة أن العدو الصهيوني غاصب محتل. وتؤكد أن هذه التنشئة على معرفة القضية الفلسطينية وأنها جزء أساس وفاعل من تاريخنا «رجعت بسبب الثورة الإلكترونية ونشر الهاشتاجات والتفاعل معها.
وتمثل لذلك بالقول: حي الشيخ جراح، رغم صغر مساحته المكانية، إلا أن أثره كان واسعا جغرافيا بسبب انتشار الهاشتاج على مواقع التواصل الاجتماعي، وصلت المعاناة لأقاصي الأرض بالاضافة الى ان الدعم للقضية كان موجوداً. وبالنهاية هذا أقل مجهود نستطيع تقديمه لنخفف على أخوتنا معاناتهم.
ضغط متعدد
الشابة رانيا أبو الزيبق تقول: فخورة جدا بوقوف الشعب الأردني بمختلف فئاته، وبشبابه عند الحدود دعماً لفلسطين ولطرد المحتلين وذلك دلالة على حُبه لتلك الأوطان وأننا شعب واحد.
وتعتقد أن المغزى من نشر الهاشتاج على مواقع التواصل الاجتماعي كافة هو أن تتوحد الأمة وتدعم الشعب المقاوم والضغط بمختلف السبل لوقف الاعتداءات الصهيونية على شعبنا الذي ضحى بالكثير من الشهداء.