عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Oct-2019

سبل تعزيز المشاركة السياسية(2) - الدكتور علي عبد السلام المحارمة

 

الدستور -المشاركة السياسية  مصطلح مرتبط بالنشاط على أرض الواقع أكثر من ارتباطه بالقناعات والاعتقادات المرتبطة بالعملية السياسية، رغم ان تلك القناعات لها تأثيرها في الثقافة السياسية التي تشكل أحد عناصر بيئة العملية السياسية.
   ويقابل المشاركة السياسية السلبية السياسية التي تعني عدم القيام بأي نشاط أو عمل له أي أثر في العملية السياسية، والاكتفاء بالمشاهدة والمراقبة عن بعد ودون أدنى اهتمام بالتفاصيل أو النتائج...وحتى نستطيع معرفة سبل تعزيز المشاركة السياسية علينا معرفة أسباب السلبية السياسية، ورغم عدم توافر دراسة علمية شاملة لتحليل أسباب هذه السلبية؛ إلا أن الشواهد الكثيرة تساعد على معرفة أسباب امتناع من يفترض بهم القيام بدور تنويري في مجتمعاتهم مثل أساتذة الجامعات عن القيام بأنشطة مرتبطة بالعملية السياسية، وفي الوقت نفسه تجد  أن بعض من يتصدون للعمل العام  هم من أقل الأشخاص علماً ومعرفة، ورغم ذلك لا يمكن لنا أن ننتقد من يشاركون وينشطون؛ بل علينا بذل المزيد من الجهد لتفسير سلوك السلبيين، وتنبع  تلك السلبية من الأسباب التالية:
أولاً: غياب الموثوقية والمصداقية:
وذلك نتيجة القناعة لدى البعض بأن جزءا من العملية السياسية محكومة بأمور تتم إدارتها خلف الكواليس، وأن بعض السياسيين عبارة عن ممثلين مهرة، و يظهر غير ما يبطن، بحيث أنهم يسعون لتحقيق مصالحهم الشخصية وتحسين ظروفهم المادية او طلباً للسلطة والشهرة والنفوذ، ونحن لسنا بصدد تأكيد أو نفي تلك القناعات، لكنها إن كانت حقيقة أو وهم لا تبرر السلبية السياسية بأي حال؛ فعلى من يعتقد بهذه القناعات أن يسعى للتغيير، والتغيير لا يمكن أن يتحقق من خلال السلبية السياسية إطلاقاً.
ثانياً: الاعتقاد بعجز السلطات وضعف آلية اتخاذ القرار وأنها تفضي لقرارات وسياسات لا تمثل إرادة الشعب، ولا تعكس طموحات أبنائه للرقي والنمو، وهذا الاعتقاد يدفع نحو السلبية السياسية لحينما تتغير القواعد الناظمة للعملية السياسية، ولكن هؤلاء الذين يعتقدون بذلك لا يمكن أن ننتظر منهم أي نشاط أو مشاركة حقيقية جادة طالما كانوا متقاعسين عن أدائهم لواجبهم تجاه وطنهم والتغيير والاصلاح فيه، وطالما كانوا يريدونها قواعد جاهزة كما يحلمون، فالأصل أن أرقى النظم السياسية قد مرت بمراحل طويلة من الكفاح والعمل ساهمت بها تلك الشعوب حتى وصلت لما وصلت إليه.
ثالثاً: الفوقية والتعالي، حيث أن بعض هؤلاء السلبيين يرون بنا مجتمعاً متخلفاً لا يليق بعقولهم النابغة ولا بقدراتهم الفذة، أو أنهم يعتقدون بأنهم ولدوا في المكان الخطأ، وكان من واجب القدر أن يولدوا في سويسرا والمانيا واليابان...
إن هذا التعالي مرده الحقيقي هو ضعف في الانتماء للوطن ولهويته، وعجز عن تحمل المسؤولية، ويمثل حالة من الاغتراب السياسي والانفصام عن الواقع الذي لا تمنع صعوباتها ومعيقاته مهما تعاظمت أن نسعى معاً لتحقيق ما نصبوا إليه من رفعة وازدهار.
رابعاً: بعض السلبيين كانوا من المشاركين النشطين في العملية السياسية، لكن نتيجة لمواقف مروا بها كفروا بجدوى المشاركة السياسية، وتخلوا عن مسعاهم للتغيير من خلال العمل السياسي، واختاروا الابتعاد عن كل ما يجلب لهم التوتر والأرق، وهم بذلك يعلنون عجزهم  واستسلامهم أمام المعيقات، ولا ينسجم هذا الموقف البتة مع قول المتنبي:
إذا كانت النفوس كباراً .... تعبت في مرادها الأجسام