عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    24-Aug-2020

(وقفة مع الخيام).. إعادة الاعتبار للرباعيات ولصاحبها

 عمّان - الرأي - يرى د.يوسف بكار مترجم كتاب «وقفة مع الخيام، في البحث عن الخيام والرباعيات» للأديب الإيراني علي دشتي، أن هذا الكتاب من أهم ما كُتب عن الخيام؛ وذلك بشهادة أدباء كبار مثل محمد جواد مشكور الذي قال إن دشتي «استطاع أن ينفذ إلى روح الخيام ويعيش في أعماق نبضاته الأدبية ليستخلص من كل ذلك دراسة عميقة لمختلف جوانب الخيام وأفكاره وانطلاقات نفسه وروحه»، وصادق نشأت الذي نوَّه بالتجربة الإبداعية لدشتي الذي يمثل «حلقة جديدة من حلقات النقد في الأدب الفارسي بعامة، وأحد الرواد في كتابته بطريقته الخاصة».

وقد عني دشتي في كتابه هذا بدراسة شخصية الخيام الخلافية العصية علميا وأدبيا ومسلكيا وعقديا، مستعينا بأدوات علمية ومعارف عدة وقرائن وأمارات ومنهج علمي موزون للبحث عن السمات الحقيقية لعمر الخيام من خلال ما خلف من آثار علمية، وآراء معاصريه، ومسلكه الحذر ونمط كلامه وتفكيره.
وجاء الكتاب الصادر عن «الآن ناشرون وموزعون» بعمّان في ثلاثمئة وسبع وسبعين صفحة من القطع المتوسط، واختيرت لغلافه الصورة الأصلية التي وُضعت على غلاف النسخة الفارسية.
وضم العمل ثلاثة أقسام؛ يشتمل الأول على ثمانية مباحث عن الخيّام الشاعر، والخيّام في نظر معاصريه، وكرمه أو ضِنّته في التأليف، ومشاجرته العلميّة مع ملك الرّي علاء الدولة، ومن آثار الخيام، والخيّام والتّصوف والباطنية، وقد خرج المؤلف في هذا السياق إلى أنّ الخيام لم ينتم إلى أيّ فرقة، وأنه كان أقرب إلى المتصوفة الذين يجمعون بين الشريعة والفلسفة.
أما القسم الثاني، فجُعل في البحث عن الرّباعيّات، إذ جهد المؤلف في أن يصطفي أصيلها من خلال عدة محاور بدءا من المصادر الموثوقة والأقرب إلى عصر الخيّام؛ ثمّ محاور الموت والحياة، فنمط الكلام والتفكير، فخمرة الخيّام، فالخيّام في نظر عدد من المستشرقين الذين تصدوا لدراسته، وترجمة أعداد من الرباعيّات. وقد اهتدى من كلّ هذا إلى أنّ ثمّة رباعيّات شبيهة برباعيّات الخيّام؛ بالاقتداء والتقليد والتحريف والرّد؛ وإلى اختيار أربعٍ وسبعين رباعيّة رأى أنها الأقرب إلى الخيّام، وإلى أن عددا من الرباعيّات تشابه الرباعيات الخيامية فتبدو كأنّها خيّاميّة.
وحمل القسم الثالث عنوان «الفكر الحائر» وقد درس فيه المؤلف خمسة محاور يدلّل فيها على أفكار الخيّام المختلفة التي تلخص مواقفه الوجودية.
ورغم ما بُذل من جهد في دراسة شخصيّة عصيّة خلافيّة كالخيّام، يعترف المؤلف في ختام مقدمته، أن «ميدان البحث عن الخيّام والرباعيّات فسيح جدّا، علّه يظهر المجهول وغير المتوقّع من خلال مصادر قديمة تدلّنا أكثر على الخيّام الحقيقي».
وذكر علي دشتي في مقدمة الطبعة الثانية من كتابه أن معرفته بالخيام تعود إلى أيام شبابه، غير أن خيام ذلك الزّمان كان يبدو له «خارقا للعادات والتّقاليد ولا يخشاها، ومتجاوزا حدود الاعتدال يُكسّر ويخرّق، إذ أطلّ من خلال مجموعات مترعة بمئات الرّباعيّات التي لم يشك أحد في صحتها وأصالتها وحتّى بالجليّ مما فيها من انحرافٍ غير معقول».
وتساءل: «هل تصدر مثل هذه التلفيقات الهزيلة والتراكيب العاديّة والبسيطة والضعيفة والتناقضات الفجّة عن الخيّام الذي وُصف بأنّه (تلو ابن سينا)؟».
وبيّن أن كشف الكثير من هذه التلفيقات التي نُسبت إلى الخيام عبر رباعياته ممكن عبر تحري «سمات الخيّام الحقيقيّة، خلافا لكلّ ما هو متداول ومعوّل عليه، من أقواله وكتاباته، لتخليصه من سوءات روايات معاصريه، وإنعام النظر في أقواله وآثاره الأصيلة المسلّم بها لنبذ الرّباعيات التي لا تتواءم مع شخصيته».
يذكر أن يوسف بكّار صدرت له عدد كبير من الأعمال الأدبية في النقد والتحقيق والترجمة، منها: «اتجاهات الغزل في القرن الثاني الهجري» (1971 ،(و«بناء القصيدة في النقد العربي القديم في ضوء النقد الحديث» (1979 ،(و«في العروض والقافية» (1984 ،(و«عمر الخياّم والرباعيات في آثار الدارسين العرب» (1988 ،(و«من بوادر التجديد في شعرنا المعاصر» (1990 ،(و«أوراق نقدية جديدة عن طه حسين» (1991 ،(و«عصر أبي فراس الحمداني» (2000،( و«سادن التراث: إحسان عباس» (2001 ،(و«إبراهيم طوقان: أضواء جديدة» (2004 ،(و"حفريات في تراثنا النقدي» (2007 ،(و«في محراب الترجمة» (2016 ،(و«التّرجمات الأردنية لرباعيّات الخيّام .(2018)
أما علي دشتي، فهو أديب وباحث وناقد ومترجم كان له اطلاع واسع على الآداب الفارسيّة والعربيّة والأوروبيّة، وعلى النقد والفلسفة والتاريخ والموسيقى. وُلد في قصبة «دشستان» عام 1894 وتوفي عام 1981.