عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-Apr-2020

الأمهات بالأزمات يعانين آلاما صامتة.. وعلى الأبناء والأزواج التخفيف من متاعبهن

 

ديما الرجبي*
 
عمان - الغد-  تعصف بالأم ضغوطات جسدية ونفسية وذهنية مرهقة، وبحكم الظروف، فإن بعضهن ألزمن على لعب دور (الأب) لأسباب اجتماعية فرضت عليهن البقاء أو الانفصال عن الأزواج، وكبدتهن فاتورة المسؤولية الأسرية كاملة، وأرغمتهن على العمل بأقصى درجات التفاني لإتمام مهامهن على أكمل وجه، وهو ما يجعلنا نتوقف ببضعة سطور للحديث عن صحتهن النفسية في ظل وباء “كورونا” المستجد.
مشاعر الأم تختلف عن باقي أفراد الأسرة نظراً لتعدد مهامها، فما بين حس المسؤولية الفطري إلى النضوج التام بالعمل على إشباع الحاجات يأتي وقت على الأمهات يبدأن بالشعور بالانحسار أو التقلص في الأداء، وذلك يعود على كمّ الضغوطات التي تقع على عاتقهن، ولأن الأم هي المحرك الأساسي لعربة الحياة يجب أن نُدرك أهمية إتاحة الفرصة أمامها بأن تلتقي مع ذاتها وتنفس عن مشاعرها وضيقها، وأن نحيطها بالاهتمام والتقدير وعدم تهميش الإشارات التحذيرية التي تصدر عنها خاصة في ظل هذه الفترة الحاسمة -الحجر الصحي- التي تضاعف فيها مجهودها، حتى لا نصل إلى ما لا يحمد عقباه بما يخص تراجع صحتها النفسية التي تعد صمام أمان استقرار الأسرة.
تلعب الأسرة دورا متكاملا، وهو ما يعد أساس البناء الصحيح لاستمرارها، لذلك وفي أوقات الشدة يجب أن يتخلى الأبناء والأزواج عن أنانيتهم “المستحبة” والنظر إلى أبعاد الضغوطات الملقاة على عاتق الأم.
بدءا من المساعدة في أعمال المنزل والاعتماد على النفس في بعض المهام والتغاضي عن تقصيرها لبعض التفاصيل، خاصة “وجبات الطعام” والتوقف عن تصدير قائمة الطلبات والبدء باستقبال بعض الأوامر منها، وإعطائها وقتاً خاصاً لممارسة ما تفضله من قراءة أو متابعة التلفاز أو الحديث مع الأهل أو الأصدقاء أو النوم؛ حيث إن هذه الأمور تسهم في تحسين مزاجها وتمكنها من الاستمرار في العطاء براحة تامة ومنحها “استراحة محارب”، إن صح التعبير، والأهم المبادرة بالسؤال عما تحتاجه، فالأم تحاول دائماً عدم التعبير عن استيائها أو حاجاتها بشكل مباشر، لذلك يجب الاستماع لها ولشكواها ومشاركتها آلامها وعدم الاستخفاف بها، ما يخفف وطأة الضغوطات التي تتعرض لها بشكل دوري.
هذا فيما يخص ربات المنازل من الأمهات، أما الأم العاملة فهي الأكثر عرضة للانهيار العصبي والاكتئاب، خاصة إذا كانت المسؤولة عن الأمور المالية أو الشريك بها؛ حيث تقع في مأزق معادلة لقمة العيش وتربية الأبناء ومسؤوليات أخرى، ونستطيع أن ننقذ هذه الفئة من الأمهات من خلال الإحاطة الأسرية والمجتمعية، والأهم تمكينهن من تقسيم الأوقات بما يتناسب مع التزاماتهن وقدراتهن في حال استمر العمل عن بعد. أما الأمهات اللاتي تقطعت أرزاقهن بسبب الأزمة العالمية فيجب تقديم الدعم النفسي والمادي والمعنوي من عوائلهن وأصدقائهن والمجتمع، ويجب على الأبناء الذين تناسب أعمارهم فهم هذه الضغوطات أن لا يكلفوا أمهاتهم ضغوطات أخرى وأن يدعوا لهن المجال للتفكير في حلول تسير عجلة الالتزامات في ظل أجواء هادئة بعيدة عن التذمر للتمكن من إيجاد الحلول المناسبة.
وإن لم تتمكن الأم العاملة أو ربة المنزل من توفير ما تحتاجه الأسرة، فهذا لا يعني تقصيراً أو إهمالا بل هو طبيعي جدا نظراً لكونها مخلوقا يملك قدرات وطاقة تحمل قد تصمد وقد تنهار، ويجب تعزيز هذه القدرات من خلال الاعتدال والتعقل والعدل في التعاطي مع كينونة الأم العظيمة.
لا تستقيم الحياة من دون الحاضنة الرئيسية وصمام الأمان الأول “الأم”، لذلك يجب مراعاة آلامها وشكواها وتحمل التقصير واجب غير مشروط بوعود مستقبلية، وحقوقها المنقوصة أحيانا، يجب أن تكتمل بالاحتواء وتذليل العقبات أمامها كي تتمكن من الوصول إلى مرحلة الرضا عن نفسها، والأهم أن تشعر بأهمية ما تبذله ولو كان بشق ابتسامة نمنحها إياها كل صباح. كلمة شكراً تفي بالغرض وقبلة على جبينهن تكفي لشحذ الهمة من جديد.
 
*كاتبة متخصصة في مجال قصص الأطفال ومدربة صعوبات تعلم