عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Apr-2021

لا تدفعوهم إلى الطريق «الوعر»*حسين الرواشدة

 الدستور

أسوأ ما يمكن ان نفعله هو ان تتعامل مع الأردنيين بمنطق الاستعباط، او ان نتذاكى عليهم ولا نحترم عقولهم، هنا سنقع في الخطأ، وسندفع الناس -بقصد او دون قصد- الى الطريق «الوعر»، هذا الذي لا طاقة لهم على السير فيه واجتيازه، اما لماذا؟ فلأن المسألة حينئذ تتعلق «بالكرامة» التي يحرصون على حمايتها من أي جراحات، والكرامة لا تتعلق بالذات وانما بالوطن الذي تشكل في وعيهم باعتباره قيمة مقدسة وملاذاً ليس لديهم غيره.
 
منطق الاستعباط يفهمه الناس في إطار «الاستهانة» بهم، وعدم احترام وعيهم وتضحياتهم، أو تقدير وطنيتهم التي جعلتهم حريصين على بلدهم، ومستعدين لتحمل كل شيء حتى لا يمسه أذى مهما كان، ربما لا يفهم البعض (او لا يريدون ان يفهموا) ان رضى الأردنيين على واقعهم «الصعب» ودفاعهم عن دولتهم هو جزء من شخصيتهم التي تميل للصبر والتحمل والحكمة، وهي سمات أصيلة، ويمكن الاستثمار فيها، لكن نفادها بأي صورة يجب ألا يفاجئنا، لأن معنى ذلك وكذلك نتائجه، سيكون مفزعا بامتياز، صدقوني، الأردني أصيل، يحب بلده ولا يفرط به وهو مستعد ان يضحي بروحه من اجله، خاصة وهو يرى بعينيه ما يجري حوله، والاردني عفيف يسعى -ما استطاع- ان لا يمدّ يده لأحد، وأن يحافظ على ما تبقى من كرامته، حتى لو لم يجد قوت عياله.
 
صحيح، لا نتوقع من المسئول - اي مسئول - ان يصارحنا دائما بالحقيقة، فقد يكون ذلك فوق طاقته وخارج صلاحياته، نريد منه فقط ان يمتلك حدا ادنى من «اللباقة» بحيث لا يتجرأ على استهبالنا او استعباطنا او استفزازنا،، فنحن مثله نعرف واجباتنا وحريصون على بلدنا، واذا تعذر عليه ذلك فلا اقل من ان يتحلى بنعمة الصمت، فقد قيل فيما مضى (اذا كان الكلام من «تنك» فان السكوت من ذهب).
 
لا يخطر في بالي ان اقلّب المواجع، اريد فقط ان أقول: يجب ان نتوقف تماماً عن «استفزاز» الناس ونكئ جراحاتهم واثارة مشاعر الغضب داخلهم، يجب ان نتواضع في استعراضاتنا السياسية، فنحن احوج ما نكون لنزع كل فتيل يثير قلق الناس ومخاوفهم، سواءً أكان هذا الفتيل على صيغة مقررات عاجلة، او سياسات خاطئة، او وجوه غير مرحب بها، او منطق اعوج يجاهر بالسوء ويسير بعكس تجاه مصلحة البلد.
 
افضل وصفة لمعالجة ما اصاب مجتمعنا من امراض الخيبة والشك، ومن انسدادات اجتماعية واقتصادية، هو «استعادة الثقة» بالدولة ومؤسساتها وادائها. هنا، من واجبنا ان نتصارح، فثقة الناس تراجعت تجاه مؤسساتهم وأصبح من واجبنا ان نستعيدها او ان نحاول «بناءها» من جديد، لا تسأل بالطبعلماذا حدث ذلك، فلديك – كما لدي - عشرات الاسباب التي تتعلق بأدائنا العام، واخلاقياتنا العامة، وموازين العدالة في بلادنا، والاهم خطابنا الذي نتوجه فيه الى الناس ثم نكتشف انه لم يكن مقنعا، فيما يكتشف الناس ان الذين انتجوا هذا الخطاب وصدروه لا يستحقون الثقة.
 
ارجوكم، هذا البلد كبير، لا تصغروه في وجدان ابنائنا، ولا تشوهوه بحساباتكم «الصغيرة»، هذا البلد ضحى من اجله الآلاف من الشهداء بأرواحهم ودمائهم الزكية، فاسقوا شجرته المباركة بالتعب والانجاز لنصعد اليها جميعا بحثا عن الثمر، لا رميا بالحجر، وحذار ان تتسلقوا على جدرانه العالية «بالشطارة» والفهلوه، فهذا الوطن عزيز وسيبقى عزيزا وعصيا على الطامعين.