عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-Jul-2019

موريتانيا: الجدل يشتد حول اجتماع الرئيس بالعلماء لتحرير ساب الرسول

 

نواكشوط – “القدس العربي”: تواصل في موريتانيا الجدل الذي أثاره اجتماع الرئيس الموريتاني يوم الأربعاء بالعلماء والفقهاء لإيجاد صيغة علمية تمكن من تحرير ساب الرسول المدون محمد الشيخ أمخيطير عبر قبول توبة يعلنها المدون عبر التلفزيون العمومي.
 
واستمرت  عبر شبكات التواصل الاجتماعي، انتقادات المدونين للتشاور الرئاسي مع العلماء من أجل تحرير ساب الرسول، كما صدرت عبر الشبكات دعوات للتظاهر من أجل تنفيذ حكم الإعدام في المدون المثير للجدل.
 
ودافعت وزارة الشؤون الإسلامية في بيان وزعته الأربعاء عما سمته “اجتماع الرئيس بالعشرات من مراجعنا الدينية، علماء، وفقهاء، وأئمة، وشيوخ، من مختلف أنحاء الوطن ومكوناته، من أجل التداول وإبداء الرأي بخصوص قضية حركت مشاعر المسلمين، ولا يزال المشمول فيها قيد الاحتجاز بقرار إداري رغم انقضاء فترة محكوميته”.
 
وأضافت الوزارة “لم يسجل من طرف المدعوين أي اعتراض على مبدأ الدعوة أو موضوعها أو المشاركة فيها، بل عبروا جميعهم عن كامل استعدادهم والتزامهم بالحضور”، مضيفة “أن هذه الدعوة كانت قرارا سياديا محضا، لا تأثير فيه لإيحاء أو لتمن أو لطلب من أي جهة على الإطلاق، وإنما جاءت نتيجة للرغبة في حسم ملف عالق، وبالغ الحساسية بحكم ما ينطوي عليه من أبعاد دينية”..
وأكدت “أن كل مشارك في هذا الاجتماع أتيحت له فرصة عرض موقفه من القضية قيد التداول، وتفصيله والاستدلال عليه، وتأصيله، حيث تطابقت وجهات نظر الحاضرين واجتمعت كلمتهم باستثناء واحد، على نفس الرأي”.
 
وتحت عنوان “محرقة العلماء”، انتقد الباحث الإسلامي محمد سالم ولد دودو تراجع بعض العلماء الذين شاركوا في الاجتماع عن فتاوى سابقة لهم تؤيد الحكم الذي صدر من قبل والقاضي بإعدام ساب الرسول وعدم قبول توبته.
 
وأكد الباحث “أن تغير الفتوى بتغير الأحوال أمر لا إشكال فيه، ورجوع العالم عن فتواه إلى نقيضها بأمر يستجد له علمه في تأصيلها بفقه الشرع أو في تنزيلها بفقه الواقع؛ محمدة، لا مذمة، لكن العار كل العار أن يضع العالم نفسه موضع التابع المطلق لهوى الحاكم، فلا يأتيه لنقاش أي حكم إلا وهو يضع في جيبه الأيمن فتوى محررة بإيجابه المطلق، وفي جيبه الأيسر أخرى مؤكدة بتحريمه الجازم”.
 
وقال ” لقد أفتى سابقا جل العلماء المجتمعين أمس، إن لم يكن كلهم، كما أفتى علماء كثر غيرهم فتاوى معززة بالأدلة الشرعية الناصعة، تفيد أن ساب الجناب النبوي يقتل ولا يستتاب، ولو أننا نعلم علم اليقين أن هذا الجمع بالذات، من أولئك المفتين ما تجرأوا على مثل تلك الفتوى إلا حين أنسوا موافقتها لهوى الحاكم”.
 
وكان المفكر الإسلامي المجدد محمد المختار الشنقيطي قد أدلى بدلوه في هذا الجدل عبر مقال بعنوان “التطاول على مقام النبوَّة.. بين كسب الألباب وقطع الرقاب” ورد عليه الفقيه الموريتاني البارز محمد بن بتار بمقال آخر عنوانه “ملاحظات على تغريدات الشنقيطي في شأن المرتد”.
 
وذهب إلى أن “البلسم الشافي هو المنهاج النبوي في التعامل مع المرتدين والطاعنين في مقام النبوة، وهو منهاج يعتمد الإقناع لا الإكراه، ويتوخى الحكمة وينظر إلى المآلات، لكنه منهاج يكاد يتلاشى من حياة المسلمين اليوم بسبب طغيان ثقافة الإكراه في مجتمعاتنا على حساب ثقافة الإقناع”.
 
وأكد الشنقيطي على أن “أسوأ رسالة يوجهها المسلمون إلى العالم اليوم من منظور السياسة الشرعية – هي قتل المرتد أو المتطاول على مقام النبوة، لما في ذلك من الإيحاء بأن الناس متمسكون بالإسلام خوفا من قطع رقابهم، لا اقتناعا بأنه دين الحق”.
 
وتوصل الفقيه الشيخ ولد بتار لخلاصة مفادها “أن المرتد إذا كانت ردته بالإساءة إلى نبي مجمع على نبوته يقتل فورا سواء كان رجلا أو امرأة إجماعا ولا تقبل توبته عند الإمام مالك رضي الله عنه، وإذا كانت ردته بغير ذلك يسجن ويستتاب فإن تاب أفرج عنه وإن لم يتب فإن كان رجلا قتل إجماعا وإن كان امرأة قتلت عند الجمهور”.
 
ومرت قضية الشاب محمد الشيخ ولد امخيطير بعدة محطات قضائية منذ أن أعلن أمام المحكمة الابتدائية في أول جلسات محاكمته عام 2014، توبته وبراءته، موضحا “أنه لم يكن ينوي انتقاد النبي عليه السلام بل الدفاع عن الطبقة المهمشة التي ينتمي إليها (طبقة الحدادين)”.
 
واعتقل محمد الشيخ ولد امخيطير يوم 2 كانون الثاني/يناير 2014 بسبب مقال نشره على الإنترنت اعتبر مسيئا للنبي محمد عليه السلام، حيث صدر حكم بإعدامه في كانون الأول/ديسمبر من العام نفسه.
 
وفي 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، خففت محكمة الاستئناف حكم الإعدام الصادر ضده إلى السجن عامين، وقد قضاها بالفعل، وبدفع غرامة حيث كان اللازم أن يطلق سراحه لكن السلطات الإدارية قررت إبقاءه في السجن.
 
وفي آذار/مارس 2018، قال وزير العدل الموريتاني جا مختار ملل في إحدى المقابلات إن “المدون امخيطير لا يزال محتجزًا في مكان ما في موريتانيا”.
 
وأكد الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز في مؤتمره الصحافي الأخير أن” ولد امخيطير يوجد رهن الاعتقال الإداري من أجل الحفاظ على سلامته”.
 
وتوجد السلطات التنفيذية والقضائية الموريتانية اليوم في حرج كبير إزاء هذه القضية حيث يطالب الكثيرون على المستوى الداخلي بتنفيذ حكم إعدام هذا الشاب، فيما تعارض أوساط حقوقية محلية وأوساط غربية على المستوى الخارجي، حكم الإعدام إن كان بسبب ما يعتبره المتحررون مجرد التعبير عن رأي خاص.