واحدة من اهم آفات وسائل التواصل الاجتماعي في الاردن على وجه الخصوص، انها ملأت فضاءنا الوطني بطيور الغربان والبومة، وهذه الطيور تمثل في وجداننا الشعبي الخراب والتشاؤم. وهو بالضبط ما يفعله بعض الذين يمارسون البطولة الوهمية من وراء شاشات وسائل التواصل الاجتماعي، والذين لا ترى نفوسهم المريضة الا السواد، فلا ينشرون الا ما يؤدي الى التشاؤم والاحباط والسوداوية في وطننا، الذي يسعى الى الانتصار على التحديات التي تواجهه بالارادة والتصميم والتفاؤل والأمل. بينما يفعل هؤلاء عكس ذلك تماما، عندما يصرون على ان كل شيء في بلدنا فاسد وخرب، وكأن ارحام الاردنيات لا تلد الا الفساد والمفسدين. متناسين ان بلدنا وخاصة خلال العقدين الماضيين تجاوز الكثير من المؤامرات التي استهدفت وجوده، سواء من خلال التهديد العسكري المباشر، او من خلال الحصار الاقتصادي، ومع ذلك ظل الاردن البلد الوحيد الذي يشكل واحة أمن و استقرار في المنطقة، وظل البلد الذي لم يهاجر منه ابناؤه مرغمين، بل تحول رغم ضيق ذات اليد الى ملجأ لكل المهحرين من اوطانهم في هذه المنطقة، وهذا كله فضل يعود للحكمة التي تدار فيها الأمور في هذا البلد، ولعل هذا هو سر حقد الذي يسكن قلوب الذين يمولون الغرف السوداء التي تحرك الغربان والبومة لتملأ فضاءنا بالنعيق

 

الذي ينقاد اليه بعض الحاقدين او الحهلة، الذين يظنون انهم خبراء في كل شيء، فيدلون دلوهم بكل قرار او تصرف أو حدث يقع في بلدنا، حتى دون ان يتبينوا اسبابه ودوافعه، بل ان هؤلاء لا يقرأون من الجملة الا نصفها، على قاعدة (ولا تقربوا الصلاة) فتقودهم خيالتهم الا غير الهدف المقصود من القرار او الإجراء. كما ان بعص هؤلاء يفهمون الديمقراطية والمشاركة تعني ان قرارات المسؤولين والمؤسسات العامة يجب ان تتم في المقاهي وعلى ارصفة الشوارع، وان يكون كل فرد مطلعا على اسبابها ومبرراتها، فمنذ متى كانت الديمقراطية و الشورى تعني ذلك. ان هذا الخلط بالمفاهيم ينم عن جهل مطبق.

 

آفة اخرى من افات الناعقين في فضائنا الوطني انهم يتصرفون فيكتبون ويعلقون كأنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة في كل شيء، فيصدرون الأحكام المطلقة والتعليقات الظالمة على كل قرار او إجراء يتخذه مسؤول في بلدنا، وهذا عين الجهل المطلق ففي تراثنا انه مازال العالم عالما حتى اذا قال علمت فقد جهل.

 

لقد اصبح هؤلاء خطرا داهما على استقرارنا وتماسكنا مما يستدعي تدخلا جراحيا من الحكومة لمعالجته، كما فعلت الكثير من دول العالم بما فيها الولايات المتحدة الأميركية والصين مرورا بتركيا، اي ان جميع انواع الأنظمة السياسية اتخذت اجراءات لحماية مجتمعاتها من التأثيرات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي، ونعتقد انه جاء الوقت لتفعل الحكومة الاردنية ذلك.