عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Jun-2020

تجربتي مع الراحل محمود الكايد - يوسف محمود

 

الدستور - رحم الله عميد الإعلام الأردني محمود الكايد ونحن نذكره في ذكرى وفاته التاسعة.
كانت لي تجربة مع هذا الإنسان الودود.
حين كنت أعمل في الكويت كنت أتواصل مع جريدة «الرأي» دون أن أعرف الرجل الذي كان رئيساً للتحرير فيها. تواصلي الأسبوعي معها كان يتم بمقال تستوعبه زاوية «أحاديث الشعب».
كنت أشعر أن سقف الحرية في هذه الصحيفة مرتفع، تؤمن بحرية الرأي وبعد الغزو العراقي للكويت عُدت إلى الأردن. ألحّ علي خاطر أن أتعرّف على محمود الكايد وهذا ما حصل.
استقبلني الرجل بترحاب ثم سألني إن كنت بحاجة للمساعدة فأجبته أريد مكافأة رمزية عن كتاباتي في الرأي في ظرف صعب أمرّ به الآن.
وعلى الفور قال لي: قدّم لي في نهاية كل شهر كشفاً بعدد مقالاتك ولك ما تُريد.
وهذا ما كان. وصارت تُصرف لي مكافأة كغيري من الكتّاب.
وذات مرة استأذنته في كتابة بعض «ذكرياتي» في الرأي، منها الحلو ومنها المرّ.
وتم ذلك عبر خمس حلقات متتالية، لم يحذف منها كلمة واحدة. وقد حدث في إحدى المرّات أن قرأت مقالاً للمرحوم الدكتور فهد الفانك يخفف فيه من وطأة ارتفاع بعض أسعار المواد الغذائية وغير الغذائية داعياً المواطنين الذين يشكون من الغلاء الاستعاضة عن شراء المواد المرتفعة السعر بأخرى أقل سعراً منها.
فإذا كان سعر القهوة قد ارتفع فيُقبلوا على شراء الشاي، وعليهم أن يُقبلوا على شراء الخضار الأقل سعراً.
وبالنسبة للملابس أشار عليهم المرحوم أن يغتنموا مواسم التنزيلات.
وما كان مني إلاّ أن علّقت على مقاله بمقال اعتبرت فيه ما قاله مسألة غير مقبولة؛ لأن ارتفاع الأسعار ينبغي أن تتم معالجته من الجذور.
وما إن ظهر المقال حتى هاجمني – رحمه الله – بمقال عنوانه: يوسف عبدالله محمود «يملأ فراغاً لا يستحقه».
بالطبع استفزني المقال فكتبت مقالاً ردّاً عليه، فلما قرأه أبو عزمي رحمه الله- قال لي: غداً سأنشره رغم طوله.
أبو عزمي الذي عركته الحياة وعركها ظلّ وفيّاً لمحبيه وهم كثيرون على الرغم من اختلافهم معه. عملة نادرة كان.
سألته ذات مرّة بعد خروجه من جريدة «الرأي». لماذا لا تكتب مذكراتك؟
أجابني: حين يحين الوقت سأكتبها.
رحم الله الفقيد محمود الكايد.
في مدرسته تخرّج الكثيرون من حملة الأقلام الذين بدأوا كتّاباً في جريدة الرأي إلى أن وصلوا إلى ما وصلوا إليه، وبعضهم اعتلى أعلى المناصب، فَزانَها أبو عزمي لم تزده المناصب التي شغلها إلاّ تواضعاً وَلين عَريكة.
باب مكتبه في جريدة الرأي كان مفتوحاً على الدوام.
كان بحق رجلاً ولا كل الرجال. تألفُه ويألفك.
رحمه الله العزيز – محمود الكايد.