الغد
لم يتطور مفهوم التمثيل السياسي للفلسطينيين في أي وقت في إطار دولة قومية مستقرة ومحددة إقليميًا وذات سيادة. كانت ظروف نشأته وتطوره محكومة دائمًا بشروط النفي، والتشرذم الجغرافي، والاحتلال العسكري والحكم الاستعماري الاستيطاني. كل ذلك جعل مفهوم التمثيل الفلسطيني في ذاته معقدًا، مَعيبًا، ومحل نزاع.
في أعقاب نكبة 1948، أصبح غالبية الفلسطينيين لاجئين مشتتين في الجوار وأبعد. وكان صوتهم في كثير من الأحيان مُسكتًا أو مقموعًا، وحُرموا في كثير من الأماكن من الحقوق السياسية الكاملة. ومع ذلك، شرعت فكرة التمثيل الفلسطيني في التشكل من خلال حركات وطنية ومنظمات اجتماعية غير رسمية، التقت في نهاية المطاف وتبلورت في العام 1964 في شكل "منظمة التحرير الفلسطينية. وأخذت المنظمة على عاتقها تمثيل جميع الفلسطينيين، بغض النظر عن موقعهم الجغرافي، واعترفت بها جامعة الدول العربية -ولاحقًا الأمم المتحدة- كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني.
تأسست "منظمة التحرير الفلسطينية" (م. ت. ف) بمبادرة من جامعة الدول العربية، وكان الهدف من تأسيسها تجميع القوى الفلسطينية تحت مظلة واحدة تمثّل الشعب الفلسطيني في المحافل العربية والدولية. وكان الذين أسسوا المنظمة بشكل مباشر ممثلون عن الحكومات العربية وبعض الشخصيات الفلسطينية البارزة في تلك الفترة، من أبرزهم أحمد الشقيري الذي عُين أول رئيس للجنة التنفيذية للمنظمة.
كان نشوء "منظمة التحرير" نقطة انعطاف رئيسية في التمثيل الفلسطيني. فقد وفرت للفلسطينيين -خاصةً في الشتات حيث نشأت- شعورًا بالهوية السياسية الجماعية، ومنحته منصة رسمية للسعي إلى تحقيق أهداف التحرير والتعبير عنها. ولم تكن المنظمة في بدايتها تضم فصائل فلسطينية مسلحة أو ذات هويات فصائلية واضحة. كانت أقرب إلى تنظيم سياسي رسمي يمثل الفلسطينيين بموافقة الدول العربية، وكانت هويتها سياسية ووطنية عامة من دون انتماءات فصائلية محددة. وكان عندما انضمت إليها الفصائل لاحقًا، خاصة بعد نكسة 1967، حين بدأت المنظمة تتحول إلى مظلة لفصائل متعددة ذات هويات وأطر فكرية مستقلة داخل إطار وطني جامع. لكن المنظمة ضمت الفلسطينيين من مختلف التوجهات؛ علمانيين ومتدينين، ويساريين وقوميين – قبل أن يهيمن عليها لاحقًا فصيل واحد ويصبغها بلون واحد.
في العام 1964، وضع "المجلس الوطني الفلسطيني"، الهيئة التشريعية لمنظمة التحرير، "الميثاق الوطني الفلسطيني". وفي العام 1968، تم تعديل الميثاق بعد نكسة حزيران (يونيو) 1967، لتأكيد الطابع التحرري والوطني للمشروع الفلسطيني، بعيدًا عن أي صبغة إقليمية. وشارك في صياغة الميثاق عدد من ممثلي الفصائل الفلسطينية والشخصيات الوطنية بهدف وضع رؤية جامعة للنضال الفلسطيني ضد الاستعمار الصهيوني، وتحديد هوية الشعب الفلسطيني وأهدافه السياسية.
كان من أبرز بنود الميثاق في نسخته المعدلة: التأكيد على أن فلسطين هي الأرض الممتدة من النهر إلى البحر، وأنها وحدة إقليمية لا تتجزأ؛ والتشديد على أن الكفاح المسلح هو الطريق الأساسي لتحرير فلسطين؛ ونفي أي شرعية قانونية أو تاريخية للوجود الصهيوني في فلسطين؛ والتأكيد على أن اليهود الذين كانوا يقيمون في فلسطين قبل الاستعمار الصهيوني هم جزء من الشعب الفلسطيني؛ والرفض التام لمشروعات التقسيم أو التسوية التي تنتقص من حق الفلسطينيين في كامل ترابهم الوطني.
كما هو واضح، لم يكن في الميثاق الوطني الفلسطيني ما يمكن أن يختلف عليه الفلسطينيون. كانت غاياته وتعريفاته ملبية لمصالحهم وتطلعاتهم الوطنية العادلة، ولذلك تقاطروا من مختلف الخلفيات والتيارات العقائدية والفكرية بالبنى العسكرية والسياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية من خلال الفصائل المنضوية تحت مظلتها.
ثمة، بطبيعة الحال، بعض الحركات والاتجاهات الفلسطينية التي طرحت مبكرًا فكرة التعايش أو التسوية السياسية مع الكيان الاستعماري، ولم تنضم إلى "منظمة التحرير" لأسباب فكرية أو سياسية. وتبرز بشكل خاص "حركة الأرض" (1964-1958) داخل فلسطين 1948، التي طرحت برنامجًا يرتكز على النضال السياسي والقانوني داخل دولة الكيان، والمطالبة بالمساواة الكاملة للعرب، والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير. لم تكن الحركة تدعو إلى حرب تحرير شاملة، وإنما دعت إلى إطار سياسي يتيح للفلسطينيين التعايش مع اليهود على قاعدة المساواة وحق العودة.
وهناك فلسطينيون التحقوا بـ"الحزب الشيوعي الإسرائيلي" الذي اعترف منذ البداية بوجود دولة الكيان، ودعا إلى تعايش العرب واليهود على أساس المساواة والحقوق القومية للعرب، مع قيام دولة فلسطينية في الضفة وغزة إلى جانب الكيان. ولم يكن الحزب جزءاً من منظمة التحرير، وظل يعمل داخل الإطار القانوني لدولة الكيان، وإن احتفظ بخطاب مؤيد لحقوق الفلسطينيين. لكن أفكار "حركة الأرض" والشيوعيين ظلت هامشية ولم تعبر عن الموقف الفلسطيني الأوسع في ذلك الوقت.
لم يكن هذا الشكل من التمثيل خاليًا من التعقيدات والمشاكل والكثير من التفاصيل التي يصعب عرضها في عجالة. لكنّ هذه كانت الملامح العامة للمشهد الفلسطيني قبل أن يحدث قطع مفصلي مع الثوابت الوطنية الفلسطينية –ومعه تحوُّلات هائلة في التمثيل الفلسطيني- مع مقدمات وتوابع "أوسلو".
إخراج اللاجئين الفلسطينيين من الفلسطينية يعني كسر ظهر الفلسطينيين/ كعدد وقضية: عندنا في فلسطين مسألة العزوة: كثرة الخلف.
سيصبح ستيتلس: من أصل فلسطيني فرصه.....
ليس دولة تمثلني وأفزع إليها عند المشاكل: لا تستطيع أن تعطيني جنسية ولا أن تدافع عني بوصفي أحد مواطنيها: تمثل سكان الضفة: عددهم حوالي مليونين؟ لا تمثلهم من حيث استطلاعات الرأي تقول غير ذلك/ (حماس غير معترف بها)
الفلسطيني لا يفكر بفلسطين فقط: يفكر كعربي، وكعالمي: كيف؟ يتابع مواقف الدول العربية، والدول العالمية، والأمم المتحدة،