عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Aug-2020

كيف يخطط نتنياهو لاحتمال قدوم إدارة يرأسها بايدن؟ - جاكسون ديهل

 

ترجمة: علاء الدين أبو زينة
 
* – (الواشنطن بوست) 
القادة الأجانب يقرؤون الاستطلاعات، أيضاً. ويدفع الغوص في احتمالات إعادة انتخاب الرئيس ترامب بعضهم إلى التراجع والانتظار، على أمل هادئ بأن يتخلصوا منه قريبًا. لكن هناك آخرين يقفزون مسرعين للاستفادة من استعداد ترامب لإبرام الصفقات أو التسامح مع مبادرات يعلمون أنها لن تكون مقبولة لجو بايدن إذا أصبح رئيساً.
ولا أحد يركض أسرع من بنيامين نتنياهو -الذي كان، إلى جانب فلاديمير بوتين، أكبر المستفيدين الدوليين مسبقاً من إدارة ترامب. ويحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي استخدام ترامب لتنفيذ اثنتين من أكثر المناورات التي حاولها جرأة خلال العقد الذي قضاه في السلطة. وقد نوقشت أحداهما على نطاق واسع: محاولته ضم ما يصل إلى 30 في المائة من الضفة الغربية إلى إسرائيل -اسمياً تحت غطاء خطة ترامب الخاملة للسلام في الشرق الأوسط.
أما الأخرى فأقل وضوحًا، ولو أنها متهورة وخطيرة بالمقدار نفسه. في الأسابيع القليلة الماضية، كانت إسرائيل تشن على ما يبدو ما يرقى إلى حملة عسكرية بطيئة وشبه سرية ضد برامج إيران النووية والصاروخية، وربما ضد أهداف أخرى، صناعية وفي البنية التحتية الأساسية، أيضًا. وقد ضربت انفجارات وحرائق غامضة منشأة رئيسية لإنتاج أجهزة الطرد المركزي، وقاعدة عسكرية حيث يتم إنتاج الصواريخ، وكذلك محطات لتوليد الطاقة، ومصانع للألمنيوم والكيماويات، وعيادة طبية. وقبل نحو أسبوعين، اندلع حريق في ميناء بوشهر على الخليج الفارسي، والذي أسفر عن تدمير سبع سفن.
ربما لم تكن حكومة نتنياهو هي التي ألحقت كل هذا الضرر: “ليس كل حادثة تحدث في إيران لها علاقة بنا بالضرورة”، كما قال وزير الدفاع بهدوء في وقت سابق من هذا الشهر. لكن التقارير التي نشرتها صحف “الواشنطن بوست” و”نيويورك تايمز” تنسب أكبر الهجمات، بما فيها تلك التي حدثت في منشأة الطرد المركزي، إلى إسرائيل -ولا يشك في ذلك محللون للشرق الأوسط استشرتهم بهذا الخصوص. وقال دنيس روس، المسؤول الكبير السابق في الشرق الأوسط في إدارات أميركية متعددة: “أنا متفاجئ من أن الإسرائيليين لم يكونوا أكثر حذراً في هذا”.
ويقول روس ومحللون آخرون إن من شبه المؤكد أن نتنياهو حصل على موافقة إدارة ترامب، إن لم يكن تعاونها، بشأن الهجوم الإسرائيلي، حتى لو كان ذلك فقط لأن الولايات المتحدة تشكل هدفاً محتملاً للانتقام الإيراني. وحتى الآن، قلل نظام آية الله علي خامنئي، الذي يعاني من أزمات متعددة، من شأن الهجمات، وعزا بعضها إلى تسرب للغاز أو حوادث أخرى. ولكن، إذا اختارت طهران الرد، فقد تشمل أهدافها القواعد الأميركية في العراق أو الشحن البحري في الخليج العربي، وهي أهداف كانت قد ضربتها مسبقاً في العام الماضي.
ويمكن أن يجبر هجوم مضاد إيراني ناجح ترامب على الانخراط في صراع عسكري قبل الانتخابات، وهو أمر من المرجح أن يضر -بقدر ما قد يساعد- فرصه المتناقصة في الفوز على ما يبدو. ومن المثير للاهتمام أن مساعدي الرئيس تمكنوا من إبطاء جهود نتنياهو الاستقطابية من أجل ضم الأراضي الفلسطينية، على الأقل في الوقت الحالي، وفرضوا شروطًا لا يستطيع الوفاء بها بسهولة -مثل تقديم تنازلات لفلسطينيي الضفة الغربية.
ولكن، على الرغم من المخاطر، يبدو أن ترامب يشارك في الحملة الإيرانية. ولا شك أن ذلك يعود جزئياً إلى أن الرئيس ووزير خارجيته، مايك بومبيو، لا يقلان عن نتنياهو تحمساً لتدمير النظام الإيراني. لكن السبب أيضًا هو أن المطاف انتهى بحملة “أقصى ضغط” التي يشنها ترامب ضد إيران إلى تصعيد التهديد الذي يشكله ذلك البلد بدلاً من تقليله، في حين أنها تستبعد كل العلاجات الأخرى باستثناء العمل العسكري.
بدلاً من الاستسلام لثورة داخلية أو الانحناء لمطالب ترامب، ردت طهران على العقوبات الأميركية المتصاعدة بتكثيف تخصيبها لليورانيوم. وبحسب مفتشي الأمم المتحدة، فقد ضاعفت طهران مخزونها خمس مرات منذ انسحاب ترامب في العام 2018 من الصفقة التي تحد من القدرة النووية الإيرانية. كما بدأت في نشر جيل جديد من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، والتي كان من الممكن أن تمنحها القدرة على إنتاج سلاح نووي في غضون أشهر؛ وكان الاتفاق الذي تخلص منه ترامب هو الذي أدى إلى تأخير وقت الاختراق لمدة عام واحد.
كانت النتيجة، كما يقول فيليب جوردون، الذي أشرف على شؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس باراك أوباما، هي أن “السبيل الوحيد لإبطاء البرنامج الإيراني هو تفجيره”. ومن اللافت للنظر أن هجوم 2 تموز (يوليو) على منشأة أجهزة الطرد المركزي في ناتانز اقترب من القيام بذلك قدر الإمكان على ما يبدو. وقد دمر الهجوم مصنعًا حيث يجري تجميع أجهزة الطرد المركزي الجديدة. وبحسب تقييم أحد الخبراء، فإن ذلك قد يعيق البرنامج النووي الإيراني لمدة عام على الأقل.
ولكن، حتى أكثر الهجمات عبقرية من غير المرجح أن توقف نشاط إيران النووي، أو حتى أن تتمكن من تقييده بالقدر الذي فعله الاتفاق النووي. هناك الكثير من المنشآت الإيرانية مدفونة تحت الأرض. وبهذا المعنى، ربما تأتي حملة نتنياهو، حتى بينما تستغل ترامب، في إطار توقع لقدوم إدارة أميركية يرأسها بايدن. وقال بايدن إنه سيسعى إلى استعادة الاتفاق النووي مع إيران، وقال روس إن الإسرائيليين يعتقدون أن إيران سترد بشكل إيجابي. وأضاف: “كان ما فعله الإسرائيليون على ما يبدو هو خلق مساحة للدبلوماسية في حال جاء بايدن إلى السلطة”.
هذا إذا لم يدفعنا هجوم نتنياهو الذي أتاحه ومكَّنه ترامب إلى التورط في حرب.
 
*نائب محرر صفحة المقالات الافتتاحية، وكاتب عمود يركز على الشؤون الدولية.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: How Netanyahu is already planning for a Biden presidency