عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Jan-2020

«إسرائيل» ما بين الفكرة والدولة القومية الحلقة التاسعة والسبعون - عبدالحميد الهمشري

 

شعور بالنقص وفقدان الطمأنينة
 
الدستور- لا بد لي قبل البحث عن المقصود من وراء هذا القانون العنصري قانون القومية اليهودية الذي جرى إقراره في الكنيست الصهيوني أن أوضح إلى نصوص مواده وبنودها توحي بأنها تنم عن شعور بالنقص وافتقاد للطمأنينة رغم ما يقدم لها من دعم لوجستي وتسليحي وحماية من قوة عظمى تتبعها دول قوية، فهذه الدولة رغم مرور أكثر من سبعة عقود من الهيمنة العسكرية على من حولها إلا أن قادتها ما زالوا يبحثون عن هويتها وعن تأكيد ذاتها. وأن فيها من لا يزال يعيش في ظل الأساطير التاريخية والدينية، وتوجيه بوصلتها نحو الطائفية والدين وأن الديمقراطية التي تمثلها الدولة مختصة باليهود دون غيرهم.
ولهذا سعى نتنياهو ووضع ثقله وحزبه الليكود المتطرف لإقرار قانون الدولة اليهودية ظناً أن هذا يقود إلى تثبيت وضعيتها كدولة قومية لليهود لشرعنة إزاحة الفلسطينيين من المكان والزمان، وفرض رواية الصهيونية لتاريخ المنطقة، من أن فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض وأنها أرض الميعاد لأرض الآباء والأجداد وهي بذلك وفق قادتها المتطرفين تكرس الواقع السائد، الذي يعني سيطرتها على أرض فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر وفرض إملاءاتها على الفلسطينيين من خلال تحديدها لسقف المفاوضات ونتائجها المسبقة حسب أهوائها وادعاءاتها الدينية والأيديولوجية.
وهي تسعى من وراء ذلك فرض قناعة مفادها أن فلسطين التاريخية هي ملك حصري لليهود، وليست موضع تصارع بين شعبين و»قوميتين»، وهي أي الدولة العبرية صاحبة حق حصري، والفلسطينيون مجرد طارئين على الزمان والمكان، وهذا يعفيها وفق وجهة نظر قادتها من تحمل أي مسؤولية عن النكبة، وعن ولادة مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وبالتالي رفض حل هذه القضية داخل حدود فلسطين، لأن اليهود فيها فقط، بموجب ذلك، هم من يمتلكون حق تقرير المصير، أما الفلسطينيون فيمكنهم تقرير مصيرهم لكن في دولتهم الخاصة التي تقع حارج حدود وطنهم الأصلي فلسطين الذي أصبح دولة لليهود. ما يشكل خطراً على فلسطينيي القدس وفلسطينيي 1948 الذين أصبحوا بموجب القانون تحت خطر سحب هوياتهم تمهيداً لترحيلهم قسراً من ممتلكاتهم وديارهم تمهيداً للاستيلاء عليها تنفيذا لقانون صادر منذ قيام الدولة اليهودية بأن الفلسطيني ساكن وليس مالك.فلا حقوق سياسية جمعية أو قومية لفلسطينيي القدس والداخل الفلسطيني، بعد اعتبار أن الكيان العبري دولة قومية خالصة لليهود، أي أن مسار «الأسرلة» هو المسار الوحيد المسموح به لهم.
رغم تخلي بن غوريون وأحزاب صهيونية أخرى عن فكرة الدولة القومية لليهود إلا أن باعتقادي من دفع نتنياهو للتجرؤ لإصدار القانون هو اتفاق أوسلو (1993) الذي لم يستند حتى إلى مرجعية القرارات والمواثيق الدولية المتعلقة بقضية فلسطين، ورهن المفاوضات بإرادة، أو توافق، الطرفين المعنيين، وهو تعبير موارب، القصد منه التغطية على حقيقة أن الدولة العبرية، صاحبة السيطرة والغلبة، والمدعومة دوليا، هي التي تقرر ماهية المفاوضات وأولوياتها ومساراتها ومآلاتها، وهذا ما حصل.
  *كاتب  وباحث في الشأن  الفلسطيني